لا شك أن كل حاج يعود من حجه بلا ذنوب كيوم ولدته أمه، وهذا ما يطرح السؤال عن هل هذه المغفرة الواسعة تشمل من أكل حقوق الناس قبل الحج، وهل الحج يُكفر المظالم، وينبع أهمية هذا السؤال من عِظم هذا الركن فهو أحد أركان الإسلام الخمسة وهو فريضة لا يؤديها إلا من استطاع إليه سبيلا ودعاه الله تعالى إلى بيته ليغفر له ، وفي الوقت ذاته يعد الظلم وأكل حقرق الناس من أشد الذنوب وأخطرها خاصة في شهر ذي الحجة وهو أحد الأشهر الحُرم التي يتضاعف فيها الجزاء، من هنا ينبغي معرفة هل من أكل حقوق الناس قبل الحج يغفر الله له ويعود كيوم ولدته أمه، وتُطوى صفحات المظالم.
من أكل حقوق الناس قبل الحج
قال د. علي جمعة ، مفتي الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إن من أكل حقوق الناس قبل الحج فإذا رجع يجب عليه أن يردها وإلا كان ذنبه أعظم.
وأوضح «جمعة» عبر صفحته بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، في إجابته عن سؤال: (هل من أكل حقوق الناس قبل الحج يغفر الله له ويعود كيوم ولدته أمه ؟)، أن الغفران يأتي بالحج، لكن هذا يشمل الذنوب التي سبقت أداء الفريضة أي القديمة وليس الغفران لاحقاً عليها، بمعنى أن الحج يغفر ما سبق وليس ما هو آت.
وأضاف أنه لو رجل اغتصب أرضا ولحد ما رجع لم يعدها فقد بدأ ذنب جديد، فيحسب عليه ذنب طوال منعه الحقوق عن أصحابها، منوهًا بأنه اتغفر له البلوى والمصيبة التي فعلها قبل الحج بأكل مال الناس أو بظلم الناس وما نحوه وبعد عودته من الحج يوم 15 ذي الحجة على سبيل المثال فمن هذا التاريخ بدأ ذنب جديد أعظم مما سبق، لأنه لم يرد الحقوق.
وتابع: فلو أنه بادر برد الحقوق والمظالم حتى وإن بدأ من الصفر فإن الله سبحانه وتعالى يباهي به الملائكة ويعظم أجره” ويكرمه كرمًا ما بعده كرم، مشيرًا إلى أنه كون الحاج يعتقد اعتقادًا جازمًا بالغفران فهذا يحفزه لرد الحقوق لأصحابها فورًا وإلا يبدأ إثم جديد وذنب جديد مع الله سبحانه وتعالى.
وأكد «مُفتي الجمهورية السابق»، أن الحج يغفر جميع الذنوب، وكذلك يغفر أكل أموال الناس بالباطل، والتعدي على حق الغير، ولكن بشرط إعادة الحقوق إلى أصحابها فور الرجوع من الحج، ويرد الحقوق إلى أصحابها بعد رجوعه من الحج ليبدأ صفحة جديدة مع الله، تاركًا طمع الدنيا فيما سبق حجه.
ونبه إلى أنه صحيح أن الحج يغفر كل الذنوب وأيًا كانت هذه الذنوب، ولكن بشرط أن يرجع فلا يُذنب ويبدأ حياة جديدة بالفعل مع الله سبحانه وتعالى ، مشيرًا إلى أن القضية هي قضية التعامل مع الله عز وجل.
هل الحج يكفر الصلوات الفائتة
وأفادت دار الإفتاء المصرية، بـأن هناك مفهومًا خاطئًا لدى كثير من الناس، وهو أن الحج يغني عن الصلاة، ولكن هذا اعتقاد خاطئ فالحج لا يغنى عن الصلاة لأنها فرض على كل مسلم ومسلمة.
وبينت «الإفتاء» في إجابتها عن سؤال «هل تسقط الصلوات الفائتة بأداء مناسك الحج؟»، أن الحج فريضة والصلاة فريضة أخرى ولا تغني فريضة عن فريضة أخرى ولا يشفع للإنسان حجه في التهاون في أداء الصلاة أو التكاسل عنها بل يزيد مسئولية وجوب المحافظة على أدائها في أوقاتها.
وأشارت إلى أن ذلك لأن من حجَّ فقد كمل دينه فيلزمه أن يحافظ على كماله ولا يتهاون في شيء من فرائضه وأركانه حتى يتقبل الله حجه الحج فريضة على المستطيع، وبه يكمل دينه فيلزمه أن يحافظ على كماله ولا يتهاون في شيء من فرائضه وأركانه حتى يتقبل الله حجه.
وأوضحت أن هناك مفهوما خاطئا لدى كثير من الناس، وهو أن الحج يغني عن الصلاة، ولكن هذا اعتقاد خاطئ فالحج لا يغنى عن الصلاة لأنها فرض على كل مسلم ومسلمة، حيث قال الله تعالى: «إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا»، وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «خَمْسُ صَلَوَاتٍ كَتَبَهُنَّ اللهُ عَلَى عِبَادِهِ، فَمَنْ جَاءَ بِهِنَّ، وَلَمْ يُضَيِّعْ مِنْهُنَّ شَيْئًا اسْتِخْفَافًا بِحَقِّهِنَّ، كَانَ لَهُ عِنْدَ اللهِ عَهْدٌ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ، وَمَنْ لَمْ يَأْتِ بِهِنَّ، فَلَيْسَ لَهُ عِنْدَ اللهِ عَهْدٌ؛ إِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ، وَإِنْ شَاءَ أَدْخَلَهُ الْجَنَّةَ».
ولفتت إلى أن الحج لا يغني عن الصلاة بل لا بد للحاج أن يحافظ على الصلاة حتى يدخله الله الجنة ويكون قدوة لغيره ثم إن الصلاة فريضة قائمة بذاتها، وقد يسرها الله لكل إنسان في الوضوء أو التيمم إن لم يستطع الوضوء وعند أداء الصلاة يؤديها من قيام، فإن لم يستطع فمن جلوس، فإن لم يستطع فعلى جنبه الأيمن، فإن لم يستطع فعلى جنبه الأيسر.
وتابعت: فإن لم يستطع فبالإيماء ولا تسقط عنه الصلاة بأي حال وهي أفضل الفرائض؛ لأنها فرضت في السماء خمسين صلاة في اليوم والليلة، وما زال نبينا صلى الله عليه وآله وسلم يطلب التخفيف حتى جُعلت خمسًا في العمل وخمسين في الأجر، وباقي الفرائض فرضت في الأرض، ومع ذلك تسقط عند عدم الاستطاعة في الحج وعند عدم المال والزرع إذا لم يبلغ النصاب.