قال رئيس المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام الكاتب الصحفي كرم جبر "إن السنوات القليلة القادمة سوف تشهد تغيرات سريعة ومتلاحقة في مجال الإعلام وكيفية التأثير في الرأي العام"، مشيرا إلى أن الأمر يتطلب أن يكون الإعلام في مقدمة الصفوف لحماية الأمن القومي والعقل الجمعي من محاولات التشكيك والتحريض، خصـوصا خلال الفترة القادمة التي تشهد فيها البلاد انتخابات رئاسية وبرلمانية.
جاء ذلك خلال مشاركته في جلسة لجنة الإعلام والثقافة والآثار بمجلس النواب، برئاسة النائبة الدكتورة درية شرف الدين، لاستكمال مناقشة طلب الإحاطة المقدم من النائبة أميرة العادلي بشأن الدور التوعوي لمؤسسات الدولة الإعلامية والثقافية بمخاطر الإنترنت والألعاب الإلكترونية، وذلك بحضور وكيل المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام الكاتب الصحفي صالح الصالحي، والنائبة هند رشاد والنائب نادر مصطفى وكيلي اللجنة.
ولفت جبر إلى أن هناك بعض الظواهر التي بدأت بالفعل، ومنها نهاية سيطرة السـوشيال ميديا بوسائلها التقليدية على الرأي العام، وظهور وسائل جديدة باستخدام الذكاء الاصطناعي والميتافيرس، كما بدأت بالفعل تجربة "ثريدز" أو ما يطلقون عليه "قائل تويتر"، بالإضافة إلى اختفاء كثير من الوسائل الإعلامية الجديدة وظهور وسائل جديدة تتصـل بصناعة الإعلام من حيث التقنية والمحتوى.
وشدد على ضـرورة الاستعداد من الآن لوظائف المستقبل، تجنبًا لعدم إهدار طاقات وموارد الدول والأفراد في نظام تعليمي لا توجد له وظائف مستقبلا، كما لفت إلى أهمية دراسة تدريس مادة الذكاء الاصطناعي في جميع مراحل التعليم، من ناحية التقنية والمحتوى.
وأضاف أن هناك زيادة في الحملات الموجهة من الخارج لترويج محتوى ثقافي وإعلامي يتعارض في كثير من الأحيان مع القيم الدينية والقانونية والأخلاقية للمجتمعات العربية، موضحا أن المنصات الأجنبية تركز على محتوى للترويج لقضايا، مثل المثلية والتطرف والإلحاد، واستغلال المدارس الأجنبية لدس مواد تعليمية تتبنى هذه الأفكار، لذلك يجب زيادة الوعي، حيث إن المنع والحجب والرقابة أصبحوا في غاية الصعوبة.
وتابع: أن "شركات التكنولوجيا الكبرى حول العالم دخلت في سباق محموم من أجل إنشاء عوالم افتراضية غامرة (ميتافيرس)، يمكن من خلالها أن يتعرض الأطفال والشباب لمواد غير مناسبة، لذا نحن مقبلون على كارثة جديدة على "جناح السعادة المزيفة" في ظل تحول كثير من مواقع الإنترنت نحو استخدام والتعامل مع الميتافيرس، خاصة في ظل غياب قواعد واضحة لتنظيم هذا العالم المسلي والشيق، ليصبح ما يمثله من مخاطر أكبر بكثير من منافعه".
وأشار إلى تصريح مارك زوكربيرج المدير التنفيذي لشركة "ميتا" بأن الفرد في "ميتافيرس" سيكون قادرا على فعل أي شيء تقريبا يمكن تخيله، ورأى أن "الواقع الافتراضي الجديد" الذي يزعمه مارك هو واقع بديل للواقع الحسي يخل بالعلاقات الاجتماعية، كما سيكون له تداعيات تربوية خطيرة.
واستطرد: أن "الثورات الصناعية الأربع السابقة كانت ثورات تمهيدية للثورة الصناعية الخامسة، إلا أن التركيز الأساسي كان على أن تحل الألة محل الإنسان، أما الثورة الصناعية الخامسة فتعتمد على تطوير الإنسان البشري نفسه وتعتبره محور التطور التكنولوجي عبر طريقين رئيسيين، الأول من خلال منحه سيطرة أكثر على الآلات بأن يتحكم في أجهزة إنترنت الأشياء والأجهزة ذاتية التشغيل فقط من خلال التفكير، والثاني من خلال منح الإنسان حرية أكثر للحركة في بيئته الصناعية الجديدة، لذا فهي تعتبر مزيجا بين ذكاء الإنسان والآلة".
وأكد أنه في خضم التأثيرات الهائلة للثورة التكنولوجية والذكاء الاصطناعي في كافة المجالات، وبالطبع منها الإعلام، يعكف المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام بالتعاون مع وزارة الاتصالات على تنظيم عدد من الدورات التدريبية لتأهيل الإعلاميين والصحفيين للتعامل مع الذكاء الاصطناعي وكيفية مواجهة مخاطر استخدام التكنولوجيا في عصر الميتافيرس.
وبين أن المجلس أصدر قرارا يشمل ضوابط لتشغيل منصات المحتوى المرئي، وضوابط أخلاقية وتشغيلية وتنظيمية، وأنه تم إرساله إلى مجلس الوزراء وكافة الجهات المعنية، موضحا أن هذا القرار يهدف إلى التأكد من صحة التصرفات القانونية لكل الجهات المعنية عند التعامل مع المنصات الأجنبية، سواء كان المحتوى إعلامي أو إعلاني، وذلك من خلال التنسيق مع المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، كما يعمل المجلس حاليا على الانتهاء من وضع مدونة أخلاقية وقانونية للمحتوى الذي تبثه المنصات الأجنبية لمواجهة التركيز على نشر محتوى التطرف والإلحاد والشذوذ.
ونوه كرم جبر إلى أن المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام تقدم خلال رئاسة مصر، ممثلة في المجلس، بأكثر من مشروع لمجلس وزراء الإعلام العرب بشأن الألعاب الإلكترونية والضوابط الخاصة بالمنصات الأجنبية، كما أنه خلال الدورة القادمة تشارك مصر مع فريق عربي للتفاوض مع الشركات الدولة لتنفيذ الاستراتيجية العربية الموحدة، ويضم فريقا من الأردن والإمارات وتونس والسعودية والعراق ومصر والمغرب، وذلك حيث إنه ليس هناك دولة بمفردها يمكنها التصدي وحدها لهذا الخطر.
وأعلن أن مصر ستتقدم خلال الأيام المقبلة لمجلس وزراء الإعلام العرب بمشاريع مدونة الإعلام الآمن للطفل وضوابط قانونية وأخلاقية للمنصات الإعلامية العالمية، لإظهار النجاحات التي حققتها المرأة العربية في المجتمعات العربية.
وأوضح أن المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام أصدر بالتعاون مع منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) مشروع مدونة السلوك الخاصة بحقوق الطفل والإعلام، كما قدم المجلس مقترح مبادرة الإعلام الآمن للطفل بالتعاون مع الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات، ومقترح بشأن تطبيقات الرقابة الأبوية للهواتف الذكية بالتعاون مع الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات، مشيرا إلى أن المجلس قام بعمل مسودة خاصة بكود ضوابط أخلاقيات "الإعلام الآمن للطفولة".
وأكد كذلك أن المجلس يعمل على تنظيم الإعلام عبر الأكواد الإعلامية التي يصدرها لضبط المشهد الإعلامي، مثل أكواد حماية القيم والأخلاق والالتزام بمبادئ وتقاليد المجتمع والمحتوى الديني، وتغطية القضايا العربية والإفريقية، وتغطية الحوادث الإرهابية والعمليات الحربية، وضمان حماية مقتضيات الأمن القومي والاقتصاد القومي، والتعامل مع قضايا المرأة، والمحتوى الصحفي والإعلامي الموجه للطفل، وضمان حماية الملكية الفكرية، والصحافة والإعلام الرياضي، والأعمال الدرامية والإعلانية، وتغطية حوادث الانتحار، وضوابط وأخلاقيات نشر أخبار الجريمة والتحقيقات.
ونوه إلى أن المجلس يعمل حاليا على مشاريع أكواد لمواجهة الأفكار الهدامة (الفكر المتطرف، الإرهاب، الإلحاد، الشذوذ)، وضوابط تنظيم الإعلانات الطبية والصحية، وضوابط وأخلاقيات الإعلام الآمن للطفل.
وأشار إلى أن المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام يعمل على مواجهة الشائعات من خلال التعاون مع كل الجهات المعنية، مشيرا إلى ضرورة التنبؤ الإعلامي بالشائعات وترصدها.
واختتم بالتأكيد على أن المجلس يعمل على عقد لقاءات مستمرة مع الكتاب والصحفيين ومقدمي ومعدي ومذيعي البرامج بالقنوات التلفزيونية والإذاعية بشأن كيفية الرد على الشائعات، وتدريب الإعلاميين الشباب على كيفية الرد على أساليب الجماعة الإرهابية، وخاصة على وسائل الإعلام الجديد، فضلا عن التأكيد على ضرورة أن يتضمن رد الإعلاميين على الشائعات والأكاذيب بالمعلومات والصور والفيديوهات لتفنيد المزاعم والأخبار المغلوطة عن الدولة المصرية، كذلك تنفيذ زيارات للإعلاميين للمشاريع القومية لتصوير ما يتم على أرض الواقع لتبصير وتوعية المصريين بحجم الجهد المبذول.