عاطف عبد الغنى يكتب: وطن فى البحر (!!)

عاطف عبد الغنى يكتب: وطن فى البحر (!!)عاطف عبد الغنى يكتب: وطن فى البحر (!!)

*سلايد رئيسى24-3-2017 | 21:06

جُن جنون تل أبيب عندما تم تمرير قرار مجلس الأمن رقم 2334 الذى يدعو إلى الوقف الفورى والكامل للنشاطات الاستيطانية الإسرائيلية فى فلسطين المحتلة وخاصة فى القدس الشرقية، باعتبار أن هذا السلوك العدوانى على الأراضى الفلسطينية غير شرعى ويقف عقبة فى طريق حل الدولتين، دولة إسرائيل اليهودية الموجودة بالفعل على الأراضى الفلسطينية المحتلة والتى تسعى سلطاتها إلى تفريغ الأرض التى تحتلها من أى وجود عربى تبقى فيها، ودولة فلسطين المأمولة التى تشبه حلم ليلة صيف غاربة.

نتنياهو ورفقاؤه الصهاينة (بالمناسبة الوصف الأخير ليس سُبّة للإسرائيليين أو اليهود.. فكل يهودى صهيونى والعكس صحيح) جن جنونهم لأن إدارة أوباما الرئيس الأمريكى السابق لم تأمر من يمثلها فى مجلس الأمن بتعطيل صدور القرار من خلال استخدام حق الفيتو الذى حما إسرائيل لسنوات طويلة خلت، وأتاح لها البلطجة التى مارستها على الجميع وابتزت بها العالم الغربى والشرقى معا لتصل ونصل معها إلى اللحظة الراهنة.

(1)

إسرائيل أو بالأحرى اليهود لن ينسوا لأوباما هذا الجرم، وتذكروا ما أقوله هذا فى القادم من الأيام، عندما يتم تلفيق فضيحة لرئيس أمريكى سابق لأنه تجرأ ذات يوم وترك ظهر إسرائيل مكشوفًا يتلقى مجرد إدانة «شفوية» فى المحفل الأممى، الذى لا ينكوى بقراراته إلا الدول التى لا ظهر لها ولا سند، خاصة تلك التى تقع فى الشرق الأوسط وتهدد الأحلام المسيانية (نسبة إلى المسيا أو المسيح) لمملكة الرب، فقرارات مجلس الأمن نافذة فقط على دول مثل أفغانستان أو العراق، أو ليبيا، أو سوريا، والتهمة جاهزة .. رعاية الإرهاب، بينما تبقى الدولة التى تمارس الإرهاب قولا وفعلا، سرًا وعلانية، وبكل الطرق والوسائل، بمنأى عن الإدانة أو أى فعل من شأنه أن يعطل خططها التوسعية الإمبراطورية فى المنطقة.

تذكروا أننى أتنبأ بمصير لأوباما يشبه لون بشرته، ولا تأخذوننى بحرفية كلامى، ولا تتهموننى بالعنصرية، لأننى لم أقصد السخرية من لون أوباما الذى أرانا أيضا نحن العرب أياما أسود من «قرن الخروب»، وأرجو ألا ننسى أنه كان أحد رعاة الربيع «العبرى» الذى حاصر العرب بالخراب، ليسمح لإسرائيل بالعمل على «تفنيش» مخططها لإعلان مملكتها على جثة فلسطين التى سوف يلقى بها إلى البحر فوق جزيرة صناعية.

(2)

هل سمعتم أو قرأتم شيئا عن هذا من قبل؟! هل نما إلى علمكم ما يفكر فيه «البلدوزر» الذى قرر أن يلقى بالفلسطينيين إلى جزيرة يتم إنشاؤها فى البحر الأحمر الذى يطل عليه قطاع غزة؟!

هذا تفكير ليس بمستغرب على الإسرائيليين، لكن الغريب أن هناك من يشاركهم من العرب فيه ويساعدهم عليه وسوف يمولهم أيضًا لتنفيذه.

وحتى نزيل الغموض واللبس، فالوزير يسرائيل كاتس الملقب فى إسرائيل بالجرافة أو «البلدوزر»، وهو وزير الاستخبارات والمواصلات، ينتمى إلى المعسكر الليكودى معسكر الصقور الحاكم الآن فى دولة الكيان، ويطلقون عليه فى إسرائيل تسمية «البلدوزر» لأنه إذا شرع فى تنفيذ مهمة أو خطة فلا يستطيع أحد إيقافه أو تعطيله.

وحتى لا نتجاوز السياق فخطة كاتس هذا المشار إليها هنا، تنص على إنشاء جزيرة اصطناعية على مساحة 8 كيلومترات مربعة يتم ردمها قبالة سواحل غزة، ويتم ربطها بغزة من خلال جسر، ويقام على الجزيرة مبان سكنية، وميناء بحرى، ومحطة لتحلية مياه البحر ليشرب منها سكانها وباقى الفلسطينيين (الأرض والمياه العذبة أزمتان غزاويتان)، وسوف تسمح هذه الجزيرة أيضًا فى حال إنشائها بوجود مخرج لغزة عن طريق البحر بعيدًا عن إسرائيل وبالتالى تضمن للأخيرة إلى حد كبير مصالحها الأمنية.

(3)

ولأن الوزير «البلدوزر» الإسرائيلى الرسمى تحرك بالفعل لتنفيذ خطته وخطة حكومته ويلقى دعمًا من قادة إسرائيليين كبار، فأمر الجزيرة لم يعد حبيس صندوق الأسرار، أما ما يتم إخفاؤه فى الصندوق فهى أخبار الزيارات السرية التى يقوم بها مسئولون عرب خليجيون، ترددوا على تل أبيب فى الأونة الأخيرة كثيرا، وناقشوا مع الوزير الإسرائيلى خطته فى إطار أكبر وأوسع من حل معضلة الدولة الفلسطينية، وفى هذا الإطار الاستشرافى، الواسع بوسع منطقة الشرق الأوسط ومستقبله، هناك مشاريع أخرى كثيرة سوف يتعاون فيها العرب مع العدو الذى لم يعد عدوا، من هذه المشاريع على سبيل المثال وليس الحصر إقامة شبكة جسور وطرق برية وسكة حديد تربط إسرائيل بهذه الدول العربية عبر الأردن التى تجاورها (لاحظ أن البلدوزر هو أيضًا وزير للمواصلات) وجسور وطرق أخرى داخلية تربط الضفة الغربية بإسرائيل، بالطبع بعد تفريغ الضفة من العرب الذين يسكنونها، وغير طرق المواصلات ومشاريع الاقتصاد، فجديد العلاقات الإسرائيلية العربية هو اندفاع الأخيرة نحو إسرائيل (وخلفها أمريكا) لخلق حلف معها لمواجهة إيران.. هذا أيضًا لم يعد سرًا، ولا مثيرًا للدهشة لكن الاندفاع نحو إسرائيل فى هذا الاتجاه أو بهذه الكيفية شىء غير مسبوق، وغير محسوب العواقب، وغير مدرك لحجم الأطماع التى ولدت من رحمها إسرائيل، والتى سوف تلازمها إلى أن يشأ الله..

(4)

ذهب أوباما غير مأسوف عليه عند العرب والإسرائيليين، وجاء ترامب وسوف نأسف نحن كثيرًا على مجيئه فى المستقبل، جاء ترامب ليوظف الخطر الإيرانى ضد إسرائيل، بأقصى ما يستطيع، ويستغل نقطة الضعف هذه عند الخليجيين، بقدر ما يستطيع، وليس ترامب وحده فدول الاتحاد الأوروبى تدعم أيضًا خطط إسرائيل ولديها استعداد لتمول تنفيذ خطة الوزير «البلدوزر» التى سوف تلقى بدولة فلسطين إلى بحر غزة وبعدها تستدير إلى العرب لتأكلهم مثل الذئب الجائع للفرائس، والتاريخ أثبت أن العرب يتطوعون للذهاب إلى الذئاب بأرجلهم، ومن لم يؤكل من إيران فإسرائيل أولى به.

المصدر: عدد مجلة أكتوبر الصادر غدا السبت 25/3/2017

أضف تعليق

رسائل الرئيس للمصريين

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
تسوق مع جوميا

الاكثر قراءة

إعلان آراك 2