« بيت المهمل يخرب قبل بيت الظالم» مقولة أو مثل شعبي، كثيرًا ما كنت أسمعه فى سنوات الصبا المبكرة من أمي رحمها الله وأسكنها الفردوس الأعلى من الجنة، عندما كانت ترى إهمالًا أو استهتارًا من أحدنا يؤدي إلى تلف أو خسارة ما بين يديه من أشياء أو مواد معمرة كانت أو مستهلكة، ولم نكن وقتها أنا وإخواتي ندرك تمامًا ماذا تقصد ولكننا كنا نستجيب لقولها فقط لإرضائها.
تذكرت ذلك ووعيته فى تلك الفترة الإخوانية التي بدأت بإعتلائهم سدة الحكم فى مصر وامتدت بعد إقصائهم وتحول الإهمال والاستهتار إلى القصد فى التخريب بعد أن كان التخريب بسبب الإهمال والاستهتار وليس أدل على الإهمال والاستهتار فى فترة إدارتهم شئون البلاد من مؤتمر «باكينام الشرقاوي» الشهير الذي اجتمع فيه الصفوة منهم يتدارسون ويخططون لمواجهة «سد النهضة الإثيوبى» والأخطار الناجمة عنه وكيفية التصدي لها ومنعها، بأعمال تندرج سريتها تحت درجة «سري للغاية»، وهم لا يدرون أن اجتماعهم مذاع على الهواء مباشرة بالصوت والصورة، أما الفترة التي أعقبت إقصائهم عن حكم البلاد، فقد شهدت ألوانا من التخريب المتعمد الذي لا يخطر على بال الشيطان ذاته، مثل ترك جميع أو معظم صنابير المياه الموجودة فى الأماكن العامة أو الهيئات الحكومية مفتوحة طوال الليل، وحتى فى النهار إذا كانت فى مكان غير ظاهر ولا يلفت انتباه أحد لاستهلاك أكبر قدر من المياه وأيضًا ترك المصابيح الكهربائية أو أي أجهزة كهربائية تعمل طول الليل أو حتى نهار إذا كانت لا تلفت الانتباه، لنفس السبب، لون آخر من التخريب المتعمد كانت تشهده الكثير من المدن، خاصة الكبيرة منها والمزدحمة، هو قيام إحدى السيارات (تاكسي – ميكروباص ....) بالتوقف والعطل فى أحد الأماكن الضيقة والمزدحمة لخلق حالة من الزحام الشديد، خلفها وتعطيل حركة السيارات لأطول فترة ممكنة لاستهلاك كميات كبيرة من الوقود دون واعى وتعريض الكثير منها للعطل بسبب ارتفاع درجات الحرارة، ناهيك عن انتشار حالة من السخط والغضب لدى جموع الناس التي تركب هذه السيارات أو حتى الذين يسيرون على أقدامهم فى تلك الشوارع.
درب آخر من دروب التخريب المتعمد والإهمال المتعمد شهدتها بعض مرافق الدولة، خاصة مرفق السكة الحديد، الذي تعدى كل الأرقام القياسية على مستوى العالم فى حوادث القطارات، ولم يتوقف إلا بعد أن تولى الفريق كامل الوزير، وزارة النقل وقام بتطوير ذلك المرفق المهم فلم نعد نسمع عن تلك الحوادث وانطلق المرفق ينافس أمثاله فى بلدان العالم مع النهضة التي يشهدها فى الإصلاح والتطوير.
وبين دروب التخريب التي يدفع الوطن ثمنها ذلك الإهمال والتغاضي عن جرائم تجريف الأرض الزراعية والبناء فوقها حتى وصلت طبقًا للإحصائية التي أعدتها وزارة الري فى فبراير عام 2022 إلى مليوني فدان خسائر من جراء تلك التعديات، أما مخالفات المباني، التي تهدد الأرواح والأموال وتنذر بالكوارث فى شتى المدن، ولولا التصدي الصارم لها من رئيس الجمهورية شخصيًا، والانطلاق فى بناء المدن الجديدة والأحياء الجديدة بأحدث ما وصل إليه التخطيط العمراني فى العالم ما كان الكثيرون منا ليأمنوا على يومهم وغدهم.
فلتضرب الدولة على يد المهملين وما أكثرهم، ولننتبه نحن لذلك لأن الخسائر وحجمها لا تختلف إذا كان السبب فيها فعل عن قصد وعمد أو كان اهمالًا ولا مبالاة بل إن النتيجة واحدة وهي الخراب.
حمى الله مصر وشعبها وألهمه الصواب،،،