زاهى حواس: أتمنى عرض أوبرا "توت عنخ آمون" فى افتتاح المتحف الكبير

زاهى حواس: أتمنى عرض أوبرا "توت عنخ آمون" فى افتتاح المتحف الكبيرالدكتور زاهى حواس

فيلم الهرم المفقود و «نتفليكس» والأفروسنتريك، والمتحف المصرى الكبير و «توت عنخ آمون» ولغز وفاته الذى ما زال يحير العلماء، وآثارنا فى الخارج ومحاولات استردادها وحملة إعادة حجر رشيد وغيرها الكثير من الأسئلة حملناها إلى د. زاهى حواس العالم الكبير ووزير الآثار الأسبق ليجيب عنها فى حوار امتد لأكثر من ساعة.

بدأت مؤخراً إحدى المنصات الرقمية العالمية فى عرض السلسلة الوثائقية «الهرم المفقود» فما قصة هذا الهرم وما هى كواليس الفيلم؟

بدأ عرض الفيلم على المنصة يوم الإثنين الثالث من يوليو وخلال يومين من عرضه أصبح رقم 2 على قوائم الأكثر مشاهدة على مستوى العالم، وتكمن أهمية هذا الفيلم فى أنه أول فيلم يُظهر عمل علماء الآثار المصريين خلال الحفائر بعدما كانت الأفلام الوثائقية الأجنبية تُظهر مجهود علماء الآثار الأجانب فقط، وتدور أحداث الفيلم حول حفائر سقارة سواء التى قمت بها أو التى قام بها د. مصطفى وزيرى الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، وأبحث هناك عن هرم مفقود لم يُعثر عليه حتى الآن يخص الملك «حوني» آخر ملوك الأسرة الثالثه، والسبب فى اعتقادى أنه فى سقارة هو وجود أهرامات للأسرة الثالثة وهم هرم «زوسر» وهرم «سخم خت»، وأظن أن الملك «حونى» قد دُفن بجانب «سخم خت»، وقد عثرنا بالفعل على سور ضخم ومن المتوقع أن نعثر على هذا الهرم خلال الفترة القادمة إن شاء الله.

لماذا العرض على تلك المنصة وهى المعروف دعمها لفكر «الأفروسنتريك»؟

هذا كلام خاطئ، فتالك المنصة عالمية تُقدم محتوى إما جيد أو سيئ، وليس معنى قيامها بإنتاج فيلم عن الملكة «كليوباترا» وتظهر خلاله بملامح إفريقية أن تكون ضدنا، فهناك الرأى و الرأى الآخر وليس لنا سوى الرد، فقم بإنتاج فيلم جيد عن تلك الملكة وأرسله إليهم وسيعرضونه، فيلم «الهرم المفقود» هز العالم ومحا أى ذكر لفيلم «كليوباترا» الذى لم يشاهده أحد، فإذا قاموا بعمل فيلم سيئ نرد بفيلم جيد وأظن أن فيلم «الهرم المفقود» هو أكبر رد على فيلم «كليوباترا»، وللعلم فإن هناك الكثير من المحطات والمنصات التى تقوم بإنتاج أفلام عن مصر مثل «ديسكفري» و «ناشيونال جيوجرافيك» و «هيستوري».

من واقع خبرتك وسنوات عملك الطويلة، هل الحضارة المصرية لها أصل إفريقي؟

بالطبع لا، هذه الخزعبلات يؤمن بها بعض الأشخاص فى الولايات المتحدة وأمريكا الجنوبية ويؤيدها عدد من المتاحف العالمية لجذب ذوى البشرة السوداء لزيارتها، وهى أفكار مُغايرة للحقيقة فمملكة «كوش» أو المملكة السوداء حكمت مصر خلال الأسرة 25 فى نهاية العصر المتأخر، وبالتالى لم يكن لها أى صلة بالعصور الفرعونية والحضارة الفرعونية إطلاقاً، وإذا نظرت للرسومات على جدران المعابد تجد الملك وهو يضرب أعدائه الجاثين أمامه سواء الأفريقى أو الليبى أو الآسيوى وستجد أن شكل الملك غيرهم فلو كان الملك أسود كانوا رسموه باللون الأسود، وقد رددت على مروجى هذا الفكر من خلال المحاضرات التى ألقيتها فى الولايات المتحدة خلال شهرى مايو ويونيو الماضيين وقد قاموا بعمل مظاهرات ضدى ورفعوا لافتات «الحضارة الفرعونية حضارة سوداء»، كما طالبوا جامعة «بنسلفانيا» بسحب الدكتوراه التى حصلت عليها بكدى وتعبى «هم بتوع كلام» فالحضارة المصرية لن ينجح أحد فى أن ينال منها أو يؤثر عليها.

يُعد المتحف المصرى الكبير هو مشروع القرن فكيف بدأ هذا المشروع؟

تعود فكرة إنشاء المتحف لوزير الثقافة الأسبق الفنان فاروق حسنى وكان تصورى أن يكون متحفاً للملك «توت عنخ آمون» فقط، وقد انطلق العمل فى المتحف عام 2002 وكان من المزمع افتتاحه فى مارس 2015 م لكن أحداث عام 2011 أخرت ذلك، والمتحف المصرى الكبير هو أكبر مشروع ثقافى فى القرن 21 وتُظهر الأموال التى تنفقها الدولة عليه اهتمام مصر بآثارها رغم الأزمة الاقتصادية التى يعانى منها العالم والتى كانت من ممكن أن توقف العمل به، لكن رغم ذلك فالعمل مستمر من أجل افتتاح المتحف قريباً والذى سيشكل مع المنطقة المحيطة به ومنطقة الأهرامات التى يتم تطويرها حالياً ومطار «سفنكس» منطقة سياحية عالمية.

ما هو تصورك لحفل افتتاح المتحف المصرى الكبير؟

أظن أنه لن يكون حفلاً واحداً بل 10 أو 12 حفلا، وقد قمت بتأليف أوبرا «توت عنخ آمون» مع الجانب الإيطالى وأتمنى أن يتم عرضها مع الافتتاح.

هل ستكون أوبرا «توت عنخ آمون» باللغة المصرية القديمة؟

لا، ستكون باللغة الإيطالية مثلها مثل أى أوبرا عالمية.

لماذا لا تُعرض مومياء الملك «توت عنخ آمون» فى المتحف الكبير أو فى قاعة المومياوات بمتحف الحضارة؟

لقد حاولنا كثيراً من أجل فعل ذلك لكن أهالى الأقصر يريدون بقاء المومياء فى المقبرة، وقد قمنا بعمل الكثير من الدراسات على المومياء والتى أكدت أن الملك «توت عنخ آمون» لم يُقتل وأن الفتحة التى فى رأسه هى من فعل المُحنطين بهدف إدخال مواد التحنيط، وقد أظهرت الأشعة أن الفرعون الذهبى قد تعرض قبل وفاته بشهرين لحادث، لهذا فإننا نبحث باستخدام الحامض النووى هل حدث له تسمم من هذا الحادث أم لا وإذا تأكدنا من ذلك فإننا سنعلن هذا أمام العالم كله.

تعتبر الأهرامات من أكبر ألغاز الحضارة المصرية، فهل سينجح كشف الممر الجملونى بالهرم الأكبر على حل هذا اللغز و كشف أسراره؟

تمتلك مصر 120 هرما منها 11 هرما بناها ملوك الأسرة الرابعة، وبالنسبة لهرم خوفو فقد عثرنا على كافة الأدلة الخاصة ببنائه، فمثلاً بردية «وادى الجرف» التى تُعد أهم كشف أثرى فى القرن 21 بل وأهم من اكتشاف مقبرة الملك «توت عنخ آمون» وهى عبارة عن يوميات رئيس العمال عن بناء هرم «خوفو»، فتذكر البردية أنه كان يرأس 40 عاملا وكانوا يذهبون إلى «طرة» لقطع الأحجار التى يبنون بها الهرم، بالإضافة إلى الذهاب إلى سيناء لإحضار النحاس، كما ذكر أيضاً أن الملك «خوفو» كان يعيش فى قصر قرب هرمه الذى سماه «أفق خوفو» وغيرها الكثير من المعلومات، وعندما أرسلنا «الروبوت» إلى داخل الهرم عام 2002م عثرنا على أبواب نعمل حالياً على البحث عن الطريقة المناسبة للتعرف على ما خلفها، كما أن بعثة د. هانى هلال بالتعاون مع جامعات فرنسا واليابان اكتشفوا ممرا جملونيا وجدوا أن فى نهايته حجارة فيبدو أنه من الممكن أن يكون أسفله شيء، وستبدأ البعثة فى أكتوبر المقبل البحث عن الوسيلة المناسبة لكشف ما هو أسفل هذا الممر سواء إرسال «روبوت» أو كاميرا، لأن من واقع الخبرة فإن الممر الجملونى عادة ما يحمى شيئا أسفله مثل الحجرات الخمسة التى تحمى غرفة الدفن الثالثة.

ما هى آخر مستجدات الحملة التى أطلقتها العام الماضى لاسترداد حجر رشيد؟

حتى اللحظة وقع قُرابة الـ 250 ألف شخص على الطلب الموجود على موقعى الإلكترونى drhawas.com لاستعادة حجر رشيد من المتحف البريطانى والقبة السماوية من متحف «اللوفر»، ويمكن لأى شخص سواء مصرى أو أجنبى التوقيع على الطلب لأن الهدف حالياً هو الوصول لمليون توقيع، ومن جانبى فإنى أقوم بدعوة العالم من خلال محاضراتى لفعل ذلك لأن استعادة القطع الأثرية المصرية من الخارج كان ومازال رسالتي، وأذكر أنى أثناء وجودى فى الوظيفة طالبت متحف «برلين» بإعادة رأس الملكة «نفرتيتي» وقمت بإرسال أول خطاب رسمى لهم بموافقة رئيس الوزراء فى ذلك الوقت وردوا علينا بأنهم يريدون خطاب من الوزير، وعندما توليت الوزارة كانت أحداث 2011 م فتوقف كل شىء.

ما هو دور منظمة اليونسكو فى استرداد الآثار من الخارج؟

اتفاقية «اليونسكو» لا تسمح باسترجاع الآثار إلا إذا أثبت خروجها بشكل غير شرعي، لذلك كنا ندخل معارك مع المتاحف التى ترفض إعادة آثارنا ونوقف نشاطها فى مصر أو إذا ثبت لنا أن أحد علماء الآثار الأجانب العاملين فى مصر مشارك فى تقييم الآثار لبيعها فى المزادات نوقف نشاطه، بالإضافة إلى وجود أشخاص يطلعونى على الآثار المصرية الموجودة فى المتاحف من أجل إعادتها وقد نجحنا فعلاً فى استرداد حوالى 6000 قطعة أثرية.

لماذا نجحت دول فى استرداد آثارها المهمة مثل إثيوبيا التى استردت عام 2008م مسلة «أكسوم» بينما فشلت مصر فى استرداد آثارها المهمة من الخارج؟

يوجد فى العالم الآن صحوة أثرية وتراثية فمثلاً الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون قال إن الاستعمار نهب آثار إفريقيا ومصر، لذلك دائماً ما أقول إن على المتاحف الأجنبية أن تتوقف عن تصرفتها الاستعمارية بمعنى أن لا تشترى آثاراً مسروقة لأن بشرائها لتلك الآثار فإنها تشجع اللصوص على الاستمرار فى السرقة، لقد عانت إفريقيا كثيراً من سرقة آثارها وتراثها ونجاح إثيوبيا فى استرداد مسلة «أكسوم» هو رسالة مفادها بأن الدول لن تترك تراثها المنهوب مهما طال الزمن، لكن أولاً لابد من إعادة ترتيب البيت الأثرى ثم نبدأ بعد ذلك من خلال إدارة الآثار المستردة فى استرداد آثارنا من الخارج.

لماذا لا تدخل الآثار ضمن الاتفاقية الدولية لحقوق الملكية الفكرية؟

هذا يحتاج للكثير من الترتيبات لكن فى نفس الوقت هناك مجموعة من الإجراءات التى تم وضعها لحفظ حقوقنا منها موافقة مجلس النواب على إلزامية الحصول على تصريح من وزارة السياحة والآثار لعمل نماذج طبق الأصل للآثار ولابد من وجود ترتيبات دولية لمنع تقليد الآثار إلا بموافقة السلطات المصرية.

ولماذا لا تقوم المتاحف العالمية بدفع جزء من أرباحها الناتجة عن عرض قطع أثرية مصرية؟

هذه عملية صعبة للغاية وتحتاج لتدخل رؤساء الدول، مع الأخذ فى الاعتبار أن معظم الآثار المصرية المعروضة فى الخارج غير مسروقة، لأن مصر حتى عام 1983 م كانت تسمح ببيع الآثار بشكل رسمى ولما صدر قانون 117 لسنة 83 تم وقف بيع الآثار، كما أن البعثات الأجنبية العاملة فى مصر كانت تحصل على 50% من الآثار المكتشفة، فليس كل الآثار المعروضة فى الخارج مسروقة، بالإضافة إلى أن وزارة السياحة والآثار تنظم كل فترة معارض خارجية تدر دخلا كبيرا لمصر سواء مادى أو إعلامى أو سياسى مثل معرض رمسيس الثانى المقام حالياً فى العاصمة الفرنسية باريس.

ما هى آخر اكتشافاتك الأثرية؟

آخر اكتشافاتى هى المدينة الذهبية للملك «أمنحوتب الثالث» بالأقصر وكنا نبحث وقتها على معبد الملك «توت عنخ آمون»، ففى تلك المنطقة خلال القرن العشرين قام شخص أمريكى بالحفر وعثر على معبد قال إنه يعود لـ «آى»
و «حورمحب» فقمت بإعادة الحفر ووجدت أن هذا المعبد بناه الملك «توت عنخ أمون» ونسبه «آي» لنفسه، ثم بعد ذلك قمنا بالحفر وعثرنا على أول بيت وباستمرار الحفر وجدنا مدينة ضخمة جدا أسميتها «المفقودة» لأنها مدينة لم تكن معروفة من قبل وأسميتها أيضاً «الذهبية» لأنها بُنيت فى عصر الملك «أمنحوتب الثالث»، وهى عبارة عن 7 أحياء ضخمة تضم ورش لعمل الصنادل الجلد والغزل والنسيج والمشغولات الذهبية والطوب اللبن وبحيرة ضخمة، والمدينة تبرز أفكارا مهمة جداً عن الحياة فى عصر الملك «أمنحوتب الثالث»، وأهم شيء عثرنا عليه فى المدينة هو «بيت آتون» الذى يضم شكلا للمعبود «آتون» والمدينة كان اسمها «إشراقة آتون» كذلك كان القصر أيضاً، ولقد نجحنا فى اكتشاف ثلث المدينة تقريباً وسنكتشف باقى المدينة خلال عمليات الحفر المستمرة إن شاء الله.

أضف تعليق