حكيم السامبا.. فيلسوف الكرة البرازيلية

حكيم السامبا.. فيلسوف الكرة البرازيليةحكيم السامبا.. فيلسوف الكرة البرازيلية

* عاجل28-6-2018 | 18:00

كتبت: أمل إبراهيم

عندما تقرأ الاسم سوف يخطر فى بالك على الفور الفيلسوف اليونانى الشهير ولكن من نريد الحديث عنه هنا هو سقراط الكرة البرازيلية واحد فلاسفتها الذين تركوا بصمة واضحة فى تاريخ كرة القدم والسياسة فى بلد تملك أكبر عدد من لاعبي كرة القدم، ويشاركون في البطولات الدولية والقارية.

سقراط قائد منتخب السامبا في كأسي العالم 1982 و1986، والذي لم يكن لاعب كرة قدم عاديا، بل أعتبره الكثيرون شبيها بلقبه الذي يعود للفيلسوف العظيم سقراط.

كان «سقراط» مولعًا باللعبة مثل باقى الشعب البرازيلى ، حيث مارسها في شوارع الأحياء الفقيرة وبرغم شغفه بالكرة الا انه كان مولغا بالعلم أيضًا، فبعد إتمام الدراسة الثانوية التحق سقراط بكلية الطب، وفي تلك الأثناء لعب لفريق الجامعة وانضم لاحقًا لأحد أندية الهواة، لم يتدرب كثيرًا هناك بسبب انشغاله بالدراسة، لكن مدربه سمح له باللعب لأهمية تواجده مع الفريق.

بالإضافة للكرة والعلم وثقافته الواسعة التي اكتسبها من كتب والده، كان سقراط محبا للموسيقى، وخاصة الأغاني الثورية لكل من بوب مارلي وجون لينون، وكما قال مارلي «كرة القدم هي الحرية»، كان سقراط يعتنق هذا المبدأ فى حياته الشخصية والرياضية ومهتما بالحركات الثورية فى أمريكا اللاتينية وكان معجبا بكل من تشى جيفارا وفيدل كاسترو حتى أنه اختار لأنه اسم فيدل وعندما قالت له والدته:

هذا الاسم لا يناسب طفلاً صغيرًا، فهو قوي بعض الشيء

فرد عليها:

أمي، انظري ماذا فعلتم بي، عندما كنت طفلًا صغيرًا أطلقتم علي اسم سقراط، ألم يكن اسمي قويًا بعض الشيء! كان سقراط يقول دائما أنا لست لاعبا أنا أنسان هدفى هو الكفاح من أجل الحرية والمساواة وكرة القدم وسيلة لرفض الظلم والسعي وراء الديمقراطية ،،

سقراط لم يكن لاعب كرة عاديا، فلقد تأخر بالدخول لعالم الاحتراف، و لم يهتم بنفسه كرياضي، فكان يدخن بكثرة ويشرب الكحول بإفراط، كان ثائرًا في السياسة، فكانت كرة القدم بالنسبة لسقراط وسيلة يتم من خلالها نشر الثقافة بين الشعوب،وكان تسجيل الأهداف من أجل الديمقراطية والحرية.

وكان يشعر بأن العمل السياسي واجب محتوم عليه، وفي حديث تليفزيوني عام 2010 قال: «منحني الناس سلطة كلاعب مشهور، وإن لم يكن لدى الناس القدرة على قول ما يريدون، فإنني يمكنني الحديث عما يريدون نيابة عنهم، وإن لم أعبر عن آراء الناس ما استمع أحد إلى آرائي».

لم يكن سقراط معجبا بنظام الحكم فى بلاده فقرر مع زميله فلاديمير تأسيس تجمع ديمقراطي خاص بنادي كورينثيانز في عام 1980، لممارسة الديمقراطية داخل هذا النادى الذى كان يشبه الإدارة الذاتية ، كان جميع أفراد النادي من لاعبين وإداريين وحتى الطاقم الطبي منخرطين في صناعة القرار داخل النادي، وكل شيء كان يقرر من خلال التصويت «رجل واحد،صوت واحد " فتم اعتماد التصويت في كل الأمور التى تخص النادى كاختيار اللاعبين والإداريين الجدد، من يبقى ومن سيرحل، وتم التصويت على اختيار وسيلة النقل المعتمدة للذهاب إلى المدن الأخرى «حافلة – قطار – طائرة»، الفندق الذي سيقيم به الفريق، مواعيد التدريبات وأوقات الوجبات، كانت النتيجة تحسم بواسطة التصويت، كان الجميع سعيدا لعيش التجربة الديمقراطية حتى في أبسط الأمور.

في عام 1982 ذهب سقراط إلى إسبانيا مع منتخبه ، وكان لديه شارة قيادة المنتخب والذي كان يُعد من أفضل المنتخبات عبر التاريخ، في تلك البطولة خرجت البرازيل على يد المنتخب الإيطالي بعد مباراة قوية كانت تمثل خيبة أمل كبيرة لسقراط وزملائه والشعب البرازيلي.

وفى هذه الأوقات طالبهم الكثيرون بالابتعاد عن السياسة والتركيز على كرة القدم فقط، فكان رد كورينثيانز من خلال لافتة رفعها اللاعبون في الملعب قبل بداية المباراة «ليس من المهم أن ننتصر أو نهزم، ما يهم هو أن تكون دائما في ظل الديمقراطية»، وحقق اللاعب البرازيلي مع الأندية التي لعب لها الكثير من البطولات والألقاب، في حين حصل مع “السيليساو” على المركز الثاني والثالث في بطولة كوبا أمريكا عامي 1983 و1979.

وفي نفس الوقت نال سقراط عدد من الجوائز الفردية أفضل لاعب جنوب أمريكي في عام 1983 ودخل تشكيلة الفيفا لأفضل 11 لاعب في العالم عام 1982، وتم وضع إسمه في قاعة المشاهير ببلاده وصنف ضمن أفضل 125 لاعب على قيد الحياة في وقت سابق وأفضل 61 لاعب في القرن العشرين.

ومن المفارقات في حياة «سقراط» أنه تلقى دعوة من الرئيس معمر القذافي، عام 1996، عارضًا عليه الترشح لرئاسة البرازيل، على أن يقوم هو بتمويل حملته الانتخابية بالكامل، إلا أنه رفض ذلك

كان قريبا من لولا دا سيلفا الرئيس ،وأحد مسانديه خلال الإنتخابات الرئاسية، ورشحه البعض لشغل منصب وزاري، لكن اللاعب والطبيب رفض حبا فى البقاء وسط الجماهير في عام 2011 تدهورت صحة سقراط، ودخل العناية المركزة ، وفي الرابع من ديسمبر 2011 رفع البرازيل الأعلام السوداء حداداً على وفاة الدكتور والسياسي والأسطورة الكروية البرازيلية عن عمر يناهز 57.

    أضف تعليق

    تدمير المجتمعات من الداخل

    #
    مقال رئيس التحرير
    محــــــــمد أمين
    إعلان آراك 2