هل السودان في انتظار السيناريو الأسوأ ؟

هل السودان في انتظار السيناريو الأسوأ ؟نصر سالم

الرأى25-7-2023 | 14:34

مع انفجار الموقف فى السودان قبل شهور ثلاثة (فى 15/4/2023)، ووقوع الصدام الدامي بين الأشقاء فيه، ممثلين فى جيش السودان الوطني وقوات التدخل السريع المتمردة. كثرت التحليلات والتقديرات وأدلى كل بدلوه طبقًا لمعلوماته وخبراته.

وقد قدرت وقتها أربعة سيناريوهات لا خامس لها، أذكرها باختصار للذكرى وليس إلا.

السيناريو الأول: هو بقاء الحال على ما هو عليه أي استمرار القتال بين طرفى النزاع لأطول فترة ممكنة طبقًا لما يتلقاه كل طرف من الأطراف من الدول والجهات الداعمة له طبقًا لمصالحها.

السيناريو الثاني: هو المتفائل وفيه تتم المصالحة بين طرفى النزاع والوصول إلى كلمة سواء وتجنب المزيد من الخسائر البشرية والمادية بتدخل أطراف خارجية سواء منظمات مثل الأمم المتحدة أو الاتحاد الإفريقي أو أي منظمة دولية أو إقليمية أخرى أو حتى تدخل بعض الدول المؤثرة.

السيناريو الثالث: هو المتشائم (الأسوأ) وفيه تطلب إحدى المنظمات الدولية أو الإقليمية فرض الحظر الجوي على السودان، بحجة منع الجيش السوداني وقوات الدعم السريع من الاستخدام المفرط للقوة والذي يؤثر على حياة المدنيين العزل ويعرضهم للخسائر العالية ويعرض السودان للخراب.

وبناء على هذا الطلب طبقًا للآليات المعمول بها فى المنظمة الدولية «الأمم المتحدة» يصدر مجلس الأمن قرارًا بفرض الحظر الجوي على دولة السودان بالكامل أو مناطق محددة فيها. وهذا الحظر يعني منع تحليق الطائرات فوق المنطقة المحددة.

ولتنفيذ هذا القرار الذي يتطلب قيام دوريات على مدار الساعة فوق المجال الجوي للدولة المستهدفة وقد يتطلب ذلك تدمير القوات الجوية والدفاع الجوي لهذه الدولة.

وقد نفذ حلف الناتو بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية هذا الحظر على كل من دولتي العراق وليبيا فى توقيتين مختلفين – العراق بعد انتهاء حرب الخليج عام 1991م وحتى مارس 2003، وعلى ليبيا فى مارس عام 2011م، وللعلم كان الأول بطلب من الولايات المتحدة الأمريكية لمجلس الأمن، أما الثاني فكان بناءً على طلب من جامعة الدول العربية لمجلس الأمن ضد دولة ليبيا العربية، وفى كلا الحظرين قام طيران التحالف بنفس العمل على أربع خطوات:

الخطوة الأولى: تم فيها تدمير القوات الجوية والدفاع الجوي للدولة.

الخطوة الثانية: تم فيها تدمير البنية التحتية للدولة.

الخطوة الثالثة: تدمير باقي الأسلحة الرئيسية للدولة (دبابات، ومدفعية ....إلخ).

الخطوة الرابعة: إعلان مجلس الأمن إلغاء الجيش وتسريح ضباطه وجنوده.

وبعد تنفيذ الخطوة الرابعة انقض العديد من أفراد الشعب على معسكرات الجيش التي تركت فارغة وبدون أي حراسة، فقاموا بالاستيلاء على الأسلحةوالذخائر والعتاد الموجود بالمعسكرات وبدأ تكوين المجموعات «الميلشيات» المسلحة فى البلاد، وكل مجموعة طبقًا لحجمها، أعلنت نفسها إمارة مستقلة أو ما شابه ذلك، وبدأ القتال بين بعضها البعض وانفجرت الحرب الأهلية التي أودت بوحدة وكيان هاتين الدولتين اللتين لم تقم لإحداهما قائمة حتى الآن.

ظهر شبح هذا الخراب فى قمة الإيجاد التي عقدت فى جيبوتي فى 12 يونيو 2023، والتى ضمت أربعة رؤساء (كينيا، وإثيوبيا، وجنوب السودان، والصومال)، من دول منظمة الإيجاد، (وهي منظمة حكومية أفريقية شبه إقليمية تأسست عام 1996م، من كل من السودان وجنوب السودان وأثيوبيا وكينيا وأوغندا والصومال وإريتريا)، وفى هذه القمة دعا الرئيس الكيني «وليم روتو» إلى تشكيل قيادة جديدة للسودان وطالب بنزع الأسلحة الثقيلة من السودان وإرسال قوات أجنبية لحفظ السلام وطالب بفرض حظر جوي على مناطق فى السودان (مع العلم أن الطيران والأسلحة الثقيلة موجودة فى الجيش السوداني وحده وليس قوات الدعم السريع)،
وأيده فى ذلك رئيس الوزراء الأثيوبي «آبي أحمد».

السيناريو الرابع : الأكثر احتمالًا طبقًا للمعطيات والموقف الدولي والإقليمي والمحلي؛ وهو ما قامت به مصر من دعوة دول جوار السودان (جنوب السودان، وليبيا، وتشاد، وإريتريا، وإثيوبيا، وإفريقيا الوسطى) حيث تم الاتفاق على برنامج عمل محدد من ثمانية بنود صدر بها البيان الختامي لقمة دول الجوار، الذي نص فى بنده الثامن على تشكيل آلية وزارية على مستوى وزراء خارجية تلك الدول، لوضع خطة عمل بحلول عملية قابلة للتنفيذ لوقف الاقتتال والتوصل إلى حل شامل للأزمة السودانية من خلال التواصل المباشر مع الأطراف المختلفة على المستوى الداخلي فى السودان والمستوى الإقليمي (الإيجاد والاتحاد الأفريقي).

ولن تكتب لهذه التوصيات التي جاء بها البيان النجاح إلا إذا صدقت النوايا من جميع الأطراف وإلا فالبديل هو السيناريو الأسوأ الذي لا يتمناه أحد.

حمى الله السودان وشعبه.

أضف تعليق

رسائل الرئيس للمصريين

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
إعلان آراك 2