السادة المتخصصون فى "التنمية" البشرية أو الاقتصادية، كثيرًا ما حدّثونا عن المسئولية المجتمعية للشركات؛ ويقصدون بها أن تقوم الشركة بتنمية المجتمع المحيط بها من خلال تقديم خدمات ضرورية كتوصيل مياه شرب أو الصرف الصحى فى المناطق الجديدة، أو المساهمة فى الخدمات العامة التى يستفيد منها المجتمع ككل، مثل بناء المستشفيات أو المدارس والجامعات.
وبالطبع هذا "الدور" يحترم ومقدر ولكنه ليس واجبًا على الشركات فقط ولكن على كل مقتدر فى كل مجال.
وهو ما يجرنا للحديث عن مؤسسة لم تسع إلى تنمية البيئة المحيطة بها فقط، ولكنها سعت - وما زالت - وبكل جدية لنشر الثقافة والمعرفة من الخليج إلى المحيط!
إنها المؤسسة العريقة والرائدة.. "دار المعارف" التى حرص الآباء المؤسسون لها منذ عام 1890 على التطبيق العملى والجاد لشعارها الأثير "خذ المعارف من دار المعارف".
حيث وفروا كافة مصادر المعرفة من كل مكان، و"نبشوا" فى التراث العربى وأزالوا الغبار عن كنوزه المدفونة وأعادوا إصداره فى سلاسل متنوعة بأقلام كبار "المحققين" فى المجالات الثقافية المتنوعة.
كما أصدروا العديد من السلاسل المتخصصة منها "ذخائر العرب فى الفلسفة والأدب والشعر، ونوابغ الفكر العربى، والأجنبى، والعديد من المجلات التراثية القيمة التى كان لها صدى كبير مثل مجلتى "الكتاب"، و"الزهور" والتى أعادت المؤسسة طباعة أعدادها وتوزيعها.
وللأطفال أصدرت المؤسسة مجلات المكتبة الخضراء، وسندباد، والألغاز.. ثم درة إصداراتها.. وهى سلسلة "اقرأ" الشهيرة والتى استقبلها – وما زالوا – القراء بكل اهتمام وشغف.
أقول ذلك.. بمناسبة قيام الأحفاد بمواصلة "دور" الأجداد، واكتشاف الموهوبين من الشباب فى المجالات الثقافية المختلفة، ومؤخرًا "قيد" الله لها ابنا من أبنائها البرره ليعيدها إلى سابق مجدها، فضلا عن "استكمال" الدور الذى كان قد توقف لأسباب مختلفة، حيث دشنت المؤسسة وبالتعاون مع وزارة الشباب والرياضة مسابقة سنوية لاكتشاف الموهوبين "العمل الأول" فى المجالات الثقافية المتنوعة، وخاصة الرواية والقصة القصيرة والشعر والمسرح.
ولله الحمد نجحت المسابقة بما يفوق التوقع واحتفلنا مؤخرًا بالفائزين فى الموسم السابع.
نعم.. إنها دار المعارف منارة المعرفة فى مصر والعالم العربى.. وأعز ما تمتلكه هو أبناؤها العاملون فيها الذين يبذلون كل جهدهم لنشر وتوزيع الأعمال المميزة ومواصلة نشر الوعى الثقافى بين أبناء المجتمع.
إنهم خير خلف لخير سلف..
حفظ الله دار المعارف.