تراجعت يوم أمس الأربعاء، الحرائق العنيفة التي اجتاحت شمال شرق الجزائر، وأودت بحياة 34 شخصًا وقضت على عائلات ولاسيما قرب بلدة توجة، حيث احترق 16 شخصًا وهم أحياء خلال فرارهم.
وكانت بجاية إحدى أكثر المناطق تضررًا من الحرائق التي انتشرت تحت تأثير الجفاف وموجة الحر وارتفاع درجات الحرارة في بعض الأماكن إلى 48 مئوية.
وأعلن وزير الداخلية إبراهيم مراد، أمس الأربعاء، تشكيل اللجنة المتعددة القطاعات لدراسة ملفات تعويض المتضررين من حرائق الغابات، مؤكداً أن "كل الحرائق تم إخمادها" وأنه "لم يعد هناك أي بؤر".
في تيغرمت قرب بجاية، يتأمل "كمال" منزله المدمر، قائلًا: "لا يمكن تصور مدى الأضرار المادية، تصل إلى ملايين الدنانير، فقدنا كل شيء في غمضة عين".
في المجموع، انتشر 97 حريقًا منذ يوم الأحد الماضي، في نحو 15 ولاية في شمال شرق البلد أعنفها في بجاية والبويرة وجيجل، قُتل على أثر هذه الحرائق 34 شخصًا بينهم عشرة عسكريين، ودُفن بعض الضحايا أمس الأربعاء، وأشار الدفاع المدني إلى إخماد "كل الحرائق" ووضع نظام للمراقبة.
وقرب بلدة توجة المطلة على المتوسط، قضى 16 شخصًا خلال محاولتهم الفرار سيرًا من قرية آيت أو صالح، ليل الأحد والإثنين.
ويقول الناجي "طاوس تيميزار": عند الثالثة صباحًا، طلبوا منا أخذ مقتنياتنا الثمينة بسبب حريق كبير، عندما عدنا إلى منازلنا، لم يبق شيء ولم يَنجُ أي من خرفاننا".
ويقول المتطوع "محمد سعيد عمال": "أدى أبناء القرى دورًا أساسيًا في تجنب انتشار الحرائق إلى بعض المنازل، استخدمنا دلاء بلاستيكية ملأناها بفضل شاحنة أحد المتطوعين وصعدنا إلى الغابة لمكافحة النيران".
وأشارت السلطات إلى أن نحو عشر طائرات وقاذفات مياه ساهمت في السيطرة على الحرائق، إضافة إلى مشاركة ثمانية آلاف عنصر من الحماية المدنية و525 شاحنة، وساهم انخفاض درجات الحرارة وتراجع قوة الرياح في إخماد الحرائق.
وأسفرت الحرائق أيضًا عن إصابة أكثر من 80 شخصًا، بينهم 25 جنديًا، في بجاية.
ويشهد شمال الجزائر وشرقها سنويًا حرائق غابات، وهي ظاهرة تتفاقم عامًا بعد آخر بسبب تأثير التغير المناخي الذي يؤدي إلى جفاف وموجات قيظ.
واستدعى الوضع إجلاء أكثر من 1500 شخص من بعض القرى مع اقتراب الحرائق من منازلهم، كما دمرت النيران منتجعات ساحلية تعد مقاصد سياحية في الصيف.
وأمر النائب العام في بجاية بفتح تحقيقات أولية للوقوف على أسباب الحرائق وتحديد الفاعلين، وأوقف خمسة أشخاص في البويرة وسكيكدة.
في أغسطس 2022، قضى 37 شخصاً في حرائق هائلة بولاية الطارف شمال شرق البلاد، وكان صيف عام 2021 الأكثر فتكاً منذ عقود، وقضى خلاله أكثر من 90 شخصًا في حرائق واسعة النطاق في شمال الجزائر، ولا سيما في منطقة القبائل.
ولتجنب تكرار سيناريو 2021 و2022، عملت السلطات على تعبئة مواردها مع اقتراب فصل الصيف، في نهاية أبريل، أمر الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون، بشراء ست طائرات قاذفة للماء متوسطة الحجم، وتقديم طلبات عروض للشركات الناشئة لتوفير طائرات مسيرة تستخدم في مراقبة الغطاء الحرجي.
ثم في مايو، أعلنت وزارة الداخلية الجزائرية عن اقتناء وشيك لطائرة قاذفة للماء، وتأجير ست طائرات أخرى من شركة أمريكية جنوبية مع فرقها الفنية، وأعلنت طلب العروض لشراء ست قاذفات للماء متوسطة الحجم، كما هيأت السلطات مواقع لهبوط المروحيات في عشر ولايات.
وقدمت الجزائر أيضاً طلبية إلى روسيا لشراء أربع طائرات قاذفة للماء، لكن تسليمها تأخر بسبب "تداعيات الأزمة في أوكرانيا".
وفي شمال غرب تونس، تم إجلاء مئات السكان بين الاثنين والثلاثاء بالقرب من طبرقة وبنزرت وسليانة وباجة وسماما بسبب الحرائق.