عندما يذكر المغرب الشقيق.. تستدعى الذاكرة على الفور – أكلة "الكسكسي" الشهيرة والتى يخلطها الأشقاء المغاربة بال خضراوات مع قطع الفراخ أو السمك المخلى، وفى المناسبات العامة والأفراح تتجمل صينية الكسكسي بالخروف المشوى المحاط بقطع خضراوات صغيرة ومتنوعة وكأنها لؤلؤ منثور!
أما فى الشام.. حيث سوريا ولبنان فحدِّث ولا حرج عن جمال التقديم وحلاوة الطعم للمشويات والتبولة والكبيبة والحمص.. وانتهاء بأسياخ الشاورمة اللامعة!
وفى دول الخليج والأردن.. حيث الإسراف فى الكرم العربى.. فعندك "الكبسة" مع الاختلاف فى التفاصيل والطعم!
والمعنى.. أنه لدى كل قطر عربى شقيق "أكلة" مشهورة تعد عنوانًا له وأحد عناصر قواه الناعمة.
ونحن فى مصر – والحمد لله – لدينا العديد من هذه "الأكلات" المميزة خاصة الكشرى، والعدس بجبة أو من غير، والفول المدمس، والطعمية، ثم الملوخية.. والتى حاول البعض الادعاء بأنها تخصه، مع أنها إحدى أكلات الفراعنة العظام.
من هنا.. ولأسباب مختلفة اقتصادية، وتراثية، وسياحية.. ظهرت "مبادرة" متحف الحضارة بعنوان "طبلية مصر" باعتبارها رمزًا مصربًا قديمًا للمة العائلة، بشكلها الدائرى، فضلاً عن بساطة استخدامها طبقا للعدد أو المكان.
وقد أعجبتنى الفكرة والمبادرة جدا، لأنها تحافظ على الأكلات المصرية المشهورة، فضلاً عن أنها تعبر عن "الهوية" والانتماء المصرى، وسألت د. سحر عبد الرحمن، مديرة مكتبة المتحف وصاحبة الفكرة: إلى أين وصلتم؟!
وفهمت أنهم تحركوا على عدة محاور، منها تسجيل وتوثيق الأكلات الشعبية الموروثة، إلى جانب التوعية من خلال المحاضرات وورش العمل، فضلاً عن الاستعانة بربات البيوت اللاتى يصنعن هذه الوجبات وتوزيعها على المطاعم، وكذلك المتخصصون من المراكز البحثية وموسوعة الغذاء المصرى والشيفات المشهورات فى القنوات التليفزيونية.. لمزيد من التحسين فى الشكل والمضمون ورفع القيمة الغذائية.
وجارٍحاليًا عمل قاعدة بيانات وأرشفة للأكلات المصرية، مع وضع خريطة تفصيلية لأشهر الأكلات ومناطقها المحلية، مع التعاون مع الجهات المعنية بالتسجيل والتوثيق للحفاظ على حقوق الملكية الفكرية.
وكل التحية للصديق د. أحمد غنيم، الرئيس التنفيذى للمتحف، ونائبته فيروز فكرى، ود. سحر عبد الرحمن، وكل فريق العمل.. المخلص والوطنى.