عاطف عبد الغني يكتب: 6/30 فى « طه شبرا» !

عاطف عبد الغني يكتب: 6/30 فى « طه شبرا» !عاطف عبد الغني يكتب: 6/30 فى « طه شبرا» !

*سلايد رئيسى29-6-2018 | 16:14

« لا تدرى نفسُ ماذا تكسب غدًا». حتى منتصف ليلة الثلاثاء 26/6 كنت أفكر ماذا يمكن أن أضيفه - عن غيرى - حين أكتب فى ذكرى ثورة 30/6/2013؟! لم يخطر ببالى أن القدر رتب لى زيارة اضطرارية فى اليوم التالى إلى قريتى مسقط رأس عائلتى (أبى وأمى) وهى قرية «طه شبرا» التابعة لمركز قويسنا بمحافظة المنوفية، أما الزيارة وما فيها فشأن شخصى لا ينبغى أن أشغل به أحدًا أو أشغل به هذه المساحة التى يستحقها الشأن العام. والشأن العام فى مثل هذه القرى البعيدة عن الأضواء يستحق من مهنتنا الصحافة ومن أقلامنا - نحن كُتّابها - الكثير. وغالبًا الآن تسأل ما علاقة «طه شبرا» بذكرى 30/6 والاحتفال بها؟! (1) الإجابة: «الروح الثورية»، هذه الروح التى أرى جذوتها تكاد تنطفئ ليس فقط فى قلوب كبار السن من الرجال والنساء ولكن أيضًا فى قلوب الشباب وهذه هى الأزمة الحقيقية التى يجب أن نتحرك نحوها ونتدارك الاستسلام لها، ولن يكون هذا بالكلام ولكن بالعمل.. وأكاد أسمع صوتًا كارهًا، وآخر محبطًا وثالث ساخرًا، أصوات تدعو للقعود والاستسلام والعودة إلى ما كان قبل 30/6/2013، أو 25/1/2011، فإذا ما قابلت أصحاب هذه الأصوات فلن ترى فيها إلا هيئة الموت منزعًا عنها جلال المشهد، وقل لهم إن الله خلقنا للحياة.. وعمارة هذا الكون وأن سُنّة رسولنا الحبيب صلى الله عليه وسلم حين دعتنا: «اعمل لدنياك» خاطبت فينا غريزة البقاء والعمل حتى اللحظة الأخيرة التى سوف نغادر فيها الدنيا ولا يعلمها إلا واهب الأرواح. (2) قبل 30/6/2013 كانت محافظة المنوفية من المحافظات الشهيرة التى رفضت الإخوان وأعلنت فى غير هوادة الحرب عليهم وعلى وجودهم فى قراها ومراكزها، وربما كان هذا سببًا فى أن عينت الجماعة محافظًا إخوانيًا للمنوفية لكن أهل المنوفية رفضوه ولم يهدأ لهم بال حتى رحيله، وقد سبق هذا الرحيل مشاركة واحتفال فى ثورة 30/6، وبعد 5 سنوات من الحدث، الآن المنوفية بلا محافظ فأحدث محافظيها رهين الحبس يتم التحقيق معه فى قضية فساد وهذا شىء جيد وحسن حيث يستحضر القانون ويرسى مبادئ العدالة، ويفعّل دورها فى الواقع، لكن حتى هذا الجيد الحسن يحاول الإخوان أن يقلبوه إلى دعاية سلبية محبطة، وهذا دينهم منذ أن أسقطهم الشعب ونزع الله عنهم سلطانهم الدنيوى الذى اكتسبوه بالرهب والتخويف بعد ثورة يناير وبعد مسكنة وذلة قبلها، هذا ما يجب أن نستحضره فى ذاكرتنا ونستعيد معه أن ثورة 30/6 استمدت شرعيتها من رفض هذا الشعب لوجود الإخوان فى السُلطة وأن جزءًا مهمًا وسببًا للرفض أنهم مارسوا الفساد بعد أن أسبغوا عليه صفة المظلومية وادَّعوا أن حقوق الغير التى يسلبونها لأنفسهم كانوا محرومين منها وسددوا الأمور لغير أهلها، وأتذكر أن محافظة القاهرة أيضًا وقد عينوا لها واحدًا منهم، تمت دعوة هذا المحافظ إلى ندوة صحفية للمجلة التى تقرأ فيها هذا الكلام وصرنا - فى الندوة - نسأل المحافظ فيجيب بمعلومات خاطئة أو يلجأ إلى معاونيه ليجيبوا بدلا عنه لأنه لا يعرف ما يجب أن يعرفه عن محافظته، وكان هذا وجه من وجوه المهزلة التى عاشتها مصر خلال عام حَكم فيها الإخوان والتى كادت أن تودى بمصر إلى التهلكة لا قدر الله. (3) بعد 25 يناير و30 يونيو كان لدى شباب مصر الذى يحب هذه البلد مخلصًا، ولا يرى بلدًا أو وطنًا له غيرها، ولا ينتظر مستقبلاً له فى مكان آخر إلا فيها، هذا الشباب كان لديه حلم، ولم يبن هذا الحلم فى الخيال، لقد رآه مجسدًا فى صفحة العالم المفتوحة أمامه على جهاز الكمبيوتر الخاص به، والذى يتبادل من خلاله مع أصدقائه ضمن ما يتبادل الأفلام المصورة القصيرة عن «كوكب اليابان»، ومعجزة الصين، ويقارن ما وصلت إليه شعوب تلك البلدان وتأخرنا نحن عنه، وهناك صورة فوتوغرافية قديمة لبعثة يابانية جاءت فى زيارة لمصر والتقطت صورة لها عند سفح الأهرامات قبل قرن من الزمان أو يزيد قليلاً، جاءت البعثة تنقل تجربة التمدن المصرية، هذه الصورة أيضًا يتم تبادلها على مواقع التواصل الاجتماعى مصحوبة بالسؤال: ماذا حدث؟! (4) الذى حدث باختصار، انهيار فى منظومة القيم الجماعية، فقد قام المصريون بثورة عام 1952 وتفجر أيضًا حلم كبير بالبناء والنهوض والخروج من عصر العبودية والفقر ومذلة الاحتلال، لكن المصريين لم يعتمدوا على قوانين تنظم حركتهم بقدر ما اعتمدوا على قيم مثل النزاهة والإخلاص فى العمل واحترام شرعية السلطة ودورها فى تنظيم الحياة وأهم من هذا كله «الضمير» وبقت هذه القيم حاضرة حتى جاءت مرحلة الانفتاح مثل المرض السرطانى الذى هاجم جسد الشعب أو بالأحرى خلايا القيم الإيجابية وبدأ فى تدميرها لتحل محلها خلايا ميتة قاتلة لروح العمل والإخلاص والنزاهة ومرة أخرى أو أخيرة أهدانا القدر ثورتين أو جرعتين لعلاج أرواحنا وأجسادنا 25 يناير و30 يونيو وهما مثل أى علاج موجع أو مُر لكن ينبه لمقاومة الجسد ويحارب معه المرض.. وها نحن بعد 8 أو 5 سنوات من رعشة الجسد الثورية والانتباه على وحى القدرة على العمل نكاد نستسلم ليس للدعايات المحرضة من الإخوان الإرهابية ولكن لكسل أنفسنا ولخلايا الفساد والاستهتار والتواكل. وأخيرًا: اسمح لى سيادة الرئيس عبد الفتاح السيسى أن أقترح على سيادتك بتسيير لجان من الرقابة الإدارية، كل لجنة مكونة من (2) عضوين لا أكثر تطوف قرى مصر تقابل الأهالى أصحاب الوجيعة وليس المسئولين وتسمع شكواهم وتضع تقارير بالمشاكل العاجلة والآجلة كخطوة أولى، لحلها وسوف نجد أنها مشاكل ليست عصية وأبسط مما نتصور وسوف نعمل على حلها وبمشاركة من جهود ذاتية من الأهالى وسوف يلتف حولنا الشباب مرة أخرى كما قالوا لى فى « طه شبرا» فقط نبدأ ومعكم الصحافة فكلنا نحلم لأنفسنا ونحن فى مجموعنا واحد شعب يسكن بقعة جميلة خلقها الله على هذه الأرض اسمها «مصر».. فلنحيا لتحيا مصر.
أضف تعليق