مثلث الرحمات.. قداسة البابا شنودة الثالث والعمل المسكوني

مثلث الرحمات.. قداسة البابا شنودة الثالث والعمل المسكونيالدكتور جرجس صالح

الرأى2-8-2023 | 14:30

يعتبر مثلث الرحمات قداسة البابا شنودة الثالث أحد رواد العمل المسكوني على كافة المستويات المسكونية والإقليمية.

فمنذ سيامته أسقفاً للمعاهد الدينية والتربية الكنسية عام 1962، وقبل توليه منصب بابا الإسكندرية، لعب دوراً مسكونياً فعالاً سواء حين اختارته الكنيسة القبطية الأرثوذكسية لتمثيلها، أو بسعيه للتقارب بين الكنائس.

ففي عام 1963 مثل الكنيسة القبطية الأرثوذكسية في حضور العيد الألفي لتأسيس أديرة جبل أثوس باليونان.

وبتأسيس رابطة المعاهد اللاهوتية في الشرق الأدنى ATINA عام 1967، كان هو أول رئيساً لها باعتباره أسقف التعليم وهي التي صارت بعد ذلك رابطة المعاهد اللاهوتية في الشرق الأوسط ATIME بدءاً من عام 1980.

كما أنه مثل الكنيسة القبطية الأرثوذكسية في سبتمبر 1971، في الحوار اللاهوتي بين الكنائس الأرثوذكسية الشرقية والكنيسة الكاثوليكية، والذي نظمتة مؤسسة Pro-ORIENTA وكان لقداسته فضل وضع صيغة اتفاق وافق عليه الجميع: (نؤمن كلنا أن ربنا وإلهنا ومخلصنا يسوع المسيح الكلمة "اللوغس" المتجسد هو كامل في لاهوته وكامل في ناسوته، وإنه جعل ناسوته واحداً مع لاهوته بغير إختلاط ولا امتزاج ولا تغيير ولا تشويش (CONFUSION) وأن لاهوته لم ينفصل عن ناسوته حتى إلى لحظة أو طرفه عين، وفي نفس الوقت نحرم كلاً من تعاليم نسطور وأوطاخي).

قام برحلته المسكونية الأولى عام 1972، التي زار فيها رؤساء الكنائس الذين شاركوا في حفل تنصيب قداسته وهو أول بابا يقوم برحلة مسكونية كهذه زار فيها روسيا ورومانيا وارمينيا والقسطنطينية "تركيا" وسوريا ولبنان، والتقى فيها بالكثيرين من الآباء البطاركة ورؤساء الكنائس في العالم من (3 – 30 أكتوبر 1972).

في عام 1973، قام بزيارة الفاتيكان (4 – 10 مايو 1973) والتقى بقداسة البابا بولس السادس ووقعا اتفاقية لبدء الحوار اللاهوتي بين الكنيستين، وهي أول زيارة لبابا الإسكندرية لروما منذ الإنشقاق الذي حدث عام 451م في مجمع خلقيدونية وقد أحضر رفات القديس أثناسيوس الرسولي من روما واستقبله ممثلو الكنائس المسيحية في احتفال كبير بالكاتدرائية.

ثم قام في عام 1977 ما بين (14 / 4 – 23 / 5) برحلته الرعوية الاولى للولايات المتحدة الأمريكية التي التقى فيها بكثير من رؤساء الكنائس من العائلات الكنسية الأربعة، وأسس خلالها الكثير من الكنائس بأمريكا وكندا.

شارك في الاحتفالية العالمية بروسيا بمناسبة مرور ألف عام على دخول المسيحية إلى روسيا عام 1988.

في عام 1989 من (21 / 8 – 11 / 12 / 1989) قام برحلة رعوية لأمريكا و كندا و أستراليا وهي أول زيارة لبابا الإسكندرية إلى أستراليا.

وفي عام 1991 خلال أعمال الجمعية العامة السابعة لمجلس الكنائس العالمي باستراليا وبحضور 842 شخصية يمثلون 317 كنيسة في شتى انحاء العالم ، أختير كأحد رؤساء مجلس الكنائس العالمي لمدة سبع سنوات.

بحسه المسكوني لأهمية السعي للتقارب ووحدة الكنائس بالشرق الأوسط، تأسس مجلس كنائس الشرق الأوسط عام 1974 وشارك في تأسيسه العائلات الثلاث الأرثوذكسية الشرقية والأرثوذكسية والإنجيلية، ثم في عام 1990، انضمت العائلة الكاثوليكية ليصبح أول مجلس مسكوني يضم العائلات الأربع.

وفي نوفمبر 1994 بقبرص، أُختير رئيساً لمجلس كنائس الشرق الأوسط وتكرر انتخابه بالإجماع لمرتين في عام 1999 بلبنان وفسي عام 2003 بليماسول قبرص، واستمر رئيساً للمجلس حتى عام 2007، واختير ببافوس ب قبرص خلال الجمعية العامة التاسعة 2007، رئيساً فخرياً للمجلس.

في عهد قداسته كان للكنيسة القبطية دوراً بارزاً في مجلس كنائس إفريقيا AACC وصارت عضواً بمجلس كنائس أمريكا NCCUSA والكثير من المجالس المسكونية الإقليمية والمحلية في شتى أنحاء العالم.

ولعلاقاته المميزة مع بطاركة العالم أمكن تأسيس كنائس قبطية سواء في اليونان أو قبرص.

أعترف بالطائفة القبطية كالطائفة الثامنة عشر بلبنان عام 1996 لعلاقاته المميزة مع القيادات اللبنانية.

قام بزيارة لإثيوبيا في ضيافة الإمبراطور الراحل هيلاسيلاسي عام 1973 (25 – 30 سبتمبر 1973) كما قام بزيارة ثانية لإثيوبيا عام 2008، التقى خلالها البطريرك باولس بطريرك أثيوبيا وسائر القيادات الرسمية بإثيوبيا، كما زاره في مصر بطريرك إثيوبيا المتنيح بولس عدة مرات.

لمكانته زاره معظم الآباء البطاركة الأرثوذكس بالعالم سواء البطريرك المسكوني، بطريرك روسيا، بطريرك انطاكية وسائر المشرق، رئيس أساقفة قبرص، رئيس أساقفة اليونان, رئيس أساقفة البانيا وبطريرك الإسكندرية للروم الأرثوذكس.

قام بزيارته البطريرك المسكوني في عام 1987 وقد زار قداسته قداسة البطريرك برثلماوس الأول البطريرك المسكوني في سبتمبر2001 (13 – 16 / 9 / 2001).

قام بزيارته قداسة البطريرك الراحل الكسي الثاني بطريرك روسيا، وقام بزيارته ب الإسكندرية قداسة البطريرك كيرل (كيرلس) بطريرك روسيا الحالي في إبريل 2010.

كما قام بزيارته في عام 2000 قداسة البابا يوحنا بولس الثاني وهى أول زيارة لبابا روما لكنيسة الإسكندرية منذ عام 451م تاريخ الأنشقاق بعد مجمع خلقيدونية.

كما زاره سائر الآباء البطاركة الكاثوليك ب الشرق الأوسط ببطريركياتها السبع الموارنة، الأقباط الكاثوليك، الروم الكاثوليك الملكيين، اللاتين بالقدس، الأرمن الكاثوليك، كما التقى في مجلس كنائس الشرق الأوسط مع بطريرك الكلدان، وبطريرك السريان الكاثوليك.

بتشجيع من قداسته عقد لقاء لرؤساء الكنائس ب الشرق الأوسط ب قبرص – نيقوسيا عام 1998.

لمكانته وعلاقاته المميزة قام بزيارة قداسته سائر الآباء البطاركة رؤساء كنائس العائلة الأرثوذكسية الشرقية قداسة المتنيح البطريرك زكا الأول عيواص بطريرك السريان الأرثوذكس وقداسة الكاثوليكوس أرام الأول كاثوليكوس الأرمن الأرثوذكس بانطلياس وقداسة المتنيح البطريرك أبونا باولس بطريرك أثيوبيا وقداسة الكاثوليكوس كاركين الثاني كاثوليكوس الأرمن الارثوذكس بأتشميازين.

قام بسيامة خمسة من الآباء الاساقفة لتأسيس مجمع مقدس للكنيسة الإرترية، ثم قام بسيامة أول بطريرك لإريتريا هو أبونا فيلبس الأول ثم بعد ذلك أبونا أنطونيوس الأول.

كخطوة نحو السعي للوحدة وقع في أبريل 2001 الاتفاق الرعوي مع كنيسة الروم الأرثوذكس ب الإسكندرية ووقعه مع قداسته غبطة المتنيح البطريرك بتروس السابع.

شجع على أن يعود الحوار مع الكنيسة الكاثوليكية مرة ثانية منذ 2003، وهو يعقد حالياً سنوياً للتشاور في بعض الأمور الكنسية التي تحتاج إلى حوار لاهوتي.

شجع على أن يتم حوار مع الكنيسة الإنجليكانية "الاسقفية" وهو حوار الكنائس الأرثوذكسية الشرقية مع هذه الكنسية وقد زاره عدة مرات غبطة رئيس أساقفة كانتربري السابق.

في عهد قداسته تم الحوار مع اتحاد العالم للكنائس المصلحة (WARC) WORLD ALLIENCE OF REFORMED CHURCHES.

في عهد قداسته تم الحوار مع الكنائس الأرثوذكسية البيزنطية (الروم الأرثوذكس) ويعتبر قداسته من أكبر الداعمين لوحدة الكنيستين الأرثوذكسيتين، وقد بدأ الحوار الرسمي عام 1985، برعاية المتنيح قداسة البطريرك المسكوني ديمتريوس واستمر بعد تنصيب البطريرك برثلماوس البطريرك المسكوني.

وفي سنة1987، تم في كورنثوس وضع الاتفاق اللاهوتي الرسمى الأول، ثم اجتمعت اللجنة في 1989 بدير الأنبا بيشوي برعاية قداسته.

وأمكن بناء على تقرير اللجنة الفرعية أن يصاغ اتفاق لاهوتي حول طبيعة السيد المسيح على أساس تعليم القديس كيرلس الأول بابا الإسكندرية.

وفي عام 1990 في ضاحية شامبيزيه بسويسرا، تم توقيع اتفاق بنى على إتفاق دير الأنبا بيشوى 1989 اتفق فيه على رفع الحروم بين العائلتين الارثوذكسيين.

نظراً للعلاقات الحبيه التي تجمع قداسته ورؤساء الكنائس بالعائلة الأرثوذكسية الشرقية ب الشرق الأوسط بدءً من عام 1996 اتفق أن يكون هناك لقاء سنوي يجمع رؤساء الكنائس الثلاث ويعقد كل عام في إحدى البلدان مصر، سوريا، لبنان، وقد صدر عن الإجتماع كتاب يحوى تاريخ الكنائس الثلاث، وتشكلت لجنة للمعاهد اللاهوتية تهتم بتبادل المناهج والأساتذة بين هذه الكنائس واتفق على أن يتم تأسيس قسم بكل كلية يتم فيه تدريس لغات هذه الكنائس، وكذلك لجنة للشبيبة ولجنة للمطبوعات.

في اهتمام قداسته بالعلاقات المسكونية بين سائر الكنائس انتهج منهجاً هو زيارة رؤساء الكنائس من أصحاب القداسة والغبطة الآباء البطاركة بمصر خلال الاحتفال بعيد الميلاد وفقاً للتقويم الغربي يوم 25 ديسمبر من كل عام.

كل هذه الأعمال المجيدة لمثلث الرحمات قداسة البابا المعظم الأنبا شنودة الثالث تجعله في مكانة بارزة كأحد رواد العمل المسكوني في عصرنا الحديث الذين يسعون للوحدة المسيحية تحقيقاً لكلام السيد المسيح تبارك إسمه (ليكون الجميع واحداً) (يو 17 : 21).

ونحن نحتفل بذكرى إنتقال قداسته للسماء نتذكر أعماله على المستوى المسكوني، ونسأله أن يصلي من أجلنا.

أضف تعليق

تدمير المجتمعات من الداخل

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
إعلان آراك 2