القمح.. من سيده؟!

القمح.. من سيده؟!سعيد صلاح

الرأى2-8-2023 | 16:00

فى المقال السابق تحدثت عن مشكلة تعليق روسيا لاتفاقية الحبوب، وتأثير ذلك على عدد كبير من الدول كون روسيا و أوكرانيا من أكبر الدول المصدرة للقمح، وقلت إن من بين الدول التى يتوقع أن تتأثر بهذا التعليق الدول الإفريقية باعتبار أن أغلبها من الدول الفقيرة، وأيضا مصر باعتبارها من كبريات الدول المستوردة للقمح، وكان من الواضح فى تلك الأزمة أمران، تلك النظرة العوراء التى ينظر بها الغرب لهذه الاتفاقية، وأيضا استعداد ومدى تحمل الدول المعتمدة بشكل كبير على القمح، الخارج من روسيا وأوكرانيا، حيث ينظر الغرب ل روسيا باعتبارها المتسبب الرئيسى فى أزمة كبرى بقرار تعليقها تنفيذ اتفاقية الحبوب، لأنها بذلك تُعرض دولا كثيرة فقيرة لخطر الجوع، فى حين أنها وحدها - أقصد أوروبا- تستحوذ على قرابة 50% من الكميات الخارجة من أوكرانيا عبر الممر الإنسانى، وتدعى أن إفريقيا تحصل على 12% من تلك الكميات، وهو ما كذبه بوتين خلال لقائه وفد الوساطة الإفريقى، حيث قال لهم إن ما يصل إلى إفريقيا 3% فقط من الحبوب التى تخرج عبر الممر الإنسانى، وأكد أن أوروبا تفرض عقوبات على صادرات روسيا من الحبوب وبالتالى لا تستطيع موسكو مساعدة الدول الفقيرة، وهو ما عاد وأكد عليه فى القمة الإفريقية الروسية، عندما قال "إن الغرب يضع العراقيل أمام تصدير حبوبنا إلى القارة الإفريقية، كما أن الغرب هو من يعيق تنفيذ مبادرة الحبوب رغم التزامنا التام بها"، مؤكدًا أن "العقوبات الغربية يجب ألا تشمل توريد الحبوب، وأن روسيا تعمل على نظام أكثر عدلا فى توزيع الموارد".

وفيما يتعلق بالأمر الثانى المرتبط بتحمل الدول الفقيرة تبعات هذا الصراع المفتوح حول المصالح بين القوى الكبرى، فهو ما قد يعنينا نحن كمصريين، كوننا نعتمد بشكل كبير على القمح القادم من الخارج، لذلك أعتقد أن هذا الملف كان من أهم الملفات التى حرص الرئيس عبدالفتاح السيسي على تأمينها خلال مشاركته فى القمة، الخميس الماضى، ولقائه الرئيس الروسى بوتين، وإن كنا، كدولة، نسير وفق استراتيجيات وخطط علمية مدروسة بأن نؤمن أنفسنا فيما يزيد على 6 أشهر من القمح المخزون الاستراتيجى لنا، ونعمل على تنويع مصادر استيرادنا منه لحين الوصول للاكتفاء الذاتى من هذه السلعة الاستراتيجية عبر مشاريعنا الزراعية المستحدثة.

هذا بجانب حرص الرئيس عبد الفتاح السيسي أيضا على مناقشة ملفات أخرى فى غاية الأهمية تتعلق بتبادل التعامل بالعملات المحلية، والبريكس والمنطقة الصناعية الروسية فى المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، ومشروع الضبعة النووى، بالإضافة طبعًا إلى أوضاع إخواننا الأشقاء فى دول الجوار مثل ليبيا والسودان على وجه التحديد.

بين أطماع قديمة ومعروفة لدول كبرى واحتياجات قديمة وما زالت مستمرة لدول فقيرة، تبقى النجاة من تلك المطحنة للدول التى تعمل وتسير وفق خطط واستراتيجيات تستطيع الاتكاء عليها فى حال مال بها الدهر بسبب الأزمات الكبرى، وهذا ما تستطيع مصر فعله الآن، وربما تتجبر الأزمات وتطحن دولا كثيرة صغيرة وكبيرة، إلا أن مصر لا تزال صامدة وقادرة على التحمل والتخطى.

حفظ الله الجيش .. حفظ الله الوطن

أضف تعليق