اطلبوا النجاة فى جبر الخواطر

اطلبوا النجاة فى جبر الخواطرحسين خيرى

الرأى6-8-2023 | 15:27

فى خطبة الجمعة، كان دعاء الشيخ "اللهم ارفع عنا الغلاء والغباء والوباء"، ويبدو أنه تم بينى وبين شيخنا لقاء للأفكار وتواتر للخواطر، وصورت الغباء فى أحد لقاءات السمر بما يكرهه الأغبياء، ووصفته بطاعون كوفيد -19، غير أنه لا ينتقل عبر الهواء أو التلامس بالأيدى، بينما ينتقل عبر القلوب، ويلقى الغباء ترحيبا لمن كان له قلبا عاشقا للظلام، أو قلبا طمس الله عليه، وعجز الأطباء عن العثور على لقاح يقضى عليه، أصاب ألبرت أينشتاين الدقة فى وصف الغباء بقوله: "لا حدود للغباء البشرى بينما للعبقرية حدود".

تعالوا نعرج سويا إلى عرض بعض ملامح الغباء المنتشرة بيننا، الذى أضحى طابعا نتذوق مرارته يوميا، ولم يسلم حتى الجامع من الأغبياء، ونرى مجموعة من المصلين الأغبياء دأبوا على التنابز بالألقاب على سجادة الصلاة، ومجموعة أخرى لا يروق لهم الحال داخل المسجد إلا بتبادل أحاديث النميمة والغيبة، ولأنهم أغبياء نصّبوا أنفسهم حكما فى التفريق بين الخبيث والطيب.

وخارج أبواب المسجد، نسمع فى هذه المصلحة الحكومية موظفا غبيا ينهر سيدة عجوز، ويأمرها بالإيجاز فى القول، ومديرًا غبيًا فى مصلحة أخرى يوزع الجزاءات على موظفى إدارته ظنا منه أنها أفضل وأقصر الطرق إلى زيادة الإنتاج، برغم أن أحدث الدراسات أشارت إلى أن 50% من المشروعات الجديدة تفشل وهى فى مقتبل العمر، وكان سبب فشلها الرئيسى سوء أسلوب الإدارة.

وتناول المؤلف "كارلو ماريا" الاقتصادى الإيطالى، فى كتابه المثير، تشريحا للغباء، ونشره تحت عنوان "القواعد الأساسية للغباء البشرى"، ويعرض كارلو تأملات فلسفية وساخرة عن الغباء البشرى وأثره الهائل على العالم، ويعلن عن صدمة للقارئ مفادها بأن الأغبياء يسببون خسائر للآخرين، ويكسبون أقل مما يخسرون، وقد لا يكسبون شيئا، ويزيد الكاتب فى رعب القارئ ويصور الأغبياء بأنهم أكثر خطورة من الأشرار على المجتمعات.

وتعتبر الكاتبة إليزابيث بيرنشتاين أن السلوك المهذب والتعامل بلطف مع الآخرين مهارة مطلوبة بشدة فى عصر "كوفيد-19"، ففى مثل هذا الظرف الذى أجبر الناس على العزلة، يساعد التعامل بلطف على تمتين العلاقات مع الآخرين، وتحديد الأهداف الكبرى فى الحياة وتطبيق قيمنا ومبادئنا، ولذا من الضرورة العمل على اكتساب مهارة التصرف بلطف مع الآخرين إذا كنا نفتقدها.

والنصيحة التى طلبها الخبراء لتجنب ردود الفعل القبيحة للأغبياء التعامل معهم بهدوء وعقلانية، ولو يعلم الغبى أن تعامله بود ولطف يشعره بالهدوء والسعادة، ويحسن من أدائه العقلى والنفسى، وأخيرًا أقول للأغبياء: انصتوا إلى الصراخ اليومى على الفضائيات ومنصات التواصل الاجتماعى.. إن جبر الخواطر للآخرين فيه مكاسب لا تعد
ولا تحصى.

أضف تعليق

رسائل الرئيس للمصريين

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
إعلان آراك 2