بداية يجب الإعتراف بالتغيرات التى يحياها العالم خلال الفترة الأخيرة هذه التغيرات التى أحدثت قلقاً نحو المستقبل فى كثير من بلدان العالم، كما يُعتبر هذا التغيير السريع فى مجريات الأحداث عالمياً قد تسبب فى زيادة معدلات التحديات التى تتعرض لها البشرية، وتتعدد أشكال تلك التحديات فمنها ما ينتج عن الطبيعة و التغيرات المناخية التى أثرت بشكل مباشر وسريع على الكثير من ضروريات الحياة وقد يعقبها العديد من الأمور منها على سبيل المثال ، الجفاف الشديد وما ينتج عنه ، وندرة المياه وما يترتب عليها ، والحرائق الشديدة ومخلفاتها وأثارها ، وارتفاع مستويات سطح البحر، و الفيضانات ذات العواقب الوخيمة ، وذوبان الجليد القطبى، والعواصف المدمرة ، وتدهور التنوع البيولوجى ، والتى قد تهدد سلامة وصحة الإنسان بصورة مباشرة ، حيث أن هذه التغيرات المناخية لها آثار صحية على الإنسان، منها الأمراض المنقولة نتيجة هذه التغيرات ، وعدداً من الأمراض المعدية والمنتقلة عن طريق تناول الماء أو الغذاء الملوث.
هذه التغيرات البيئية والمناخية أثرت على جوانب كثيرة اقتصادياً وسياسياً واجتماعيا ، لذا فإنه أصبح من الضرورة أن يتحد ويترابط أبناء الوطن فيما بينهم ، وان تترابط الشعوب فيما بينها لتتفادى ذلك الخطر القادم والتحديات المتتالية ، ولا يمكن أن يتم التغلب على تلك التحديات إلا بتحقيق الإنتماء ، فالانتماء لا يُشترى ولا يُستورد ولا يتحقق بقرار، حيث انه جزء متأصل فى التكوين الطبيعى للمواطن .
ولابد أن تسعى كل مؤسسات المجتمع نحو تقوية وتعزيز إيمان الأفراد بمسؤولياتهم تجاه الوطن فى ظل الظروف والازمات التى يمر بها العالم ، والعمل بجد وإجتهاد نحو تأهيل كافة العناصر و مختلف الفئات ليصبحوا عناصر فاعلة فى المجتمع ، والحديث هنا لاستحضار المعانى الإيجابية لمفهوم الانتماء والمواطنة وضرورة الحفاظ عليها كجزء أساسى فى التركيبة المجتمعية فكرياً وثقافياً ، وذلك من خلال تنمية وتعزيز الشعور الوطنى وتقوية عوامل الإنتماء و الولاء للوطن .
لابد من تعزيز واعادة صياغة منظومة القيم والاخلاق الوطنية التى أُسست عليها حضارتنا وموروثاتنا التاريخية ، والسعى نحو تقوية وترسيخ الروابط التاريخية التى بُنيت عليها ثقافة الإنتماء التى تجمع بين أبناء الوطن شعباً وقيادة ، و أن تكون هذه المنظومة وتلك الثقافة حافزاً و دافعاً نحو تحقيق مزيداً من التقدم والازدهار والتنمية.
إن مناقشة قضية تعزيز الإنتماء الوطنى لابد أن يتم النظر اليها من عدة محاور تقوم بها مختلف مؤسسات الدولة متمثلة فى تفعيل دور الاحزاب السياسية فى العمل على أرض الواقع لرفع مستوى الوعى الوطنى وتحفيز الشباب نحو المشاركة السياسية الفاعلة وبحث أسباب عزوف الغالبية من المشاركة والإنخراط فى الواقع السياسى ، والعمل على دوام دعم الدور الرائع التى تقوم به مؤسسات المجتمع المدنى وأهميتها فى تعزيز الانتماء ، ولابد أيضاً من قيام الإعلام بالدور التنويرى والتوعوى بإلقاء الضوء على الخطورة الحقيقية للمرحلة الحالية دون تهويل أو تقليل بهدف تعزيز وتنمية إدراك المواطنين بأهمية وضرورة الإنتماء فى الحفاظ على المقدرات .
إنه من الاهمية بمكان فى هذه المرحلة الصعبة التى تمر بها دول العالم وبالفعل توثر على كل مقدراتنا فإنه من المسؤولية الوطنية ، واستشعاراً لتلك الخطورة وحجم التحديات التى تحيط وتستهدف أمن واستقرار و وحدة الوطن والعبث بالهوية الدينية و الثقافية والحضارية ، فلابد من حتمية ترسيخ القيم التى تدعم الولاء والانتماء الوطنى وتُحقق الاحترام والتعايش السلمى والأمن المجتمعى حفاظاً على سلامة الوطن ودعم استقراره ودفع عجلة التنمية وتحقيق التنمية الشاملة والمستدامة .
وفى ظل هذه التحديات التى تمر بنا فإن مسئولية ترسيخ قيم المواطنة والانتماء تقع على عاتق الجميع وليس الجهات والمؤسسات الرسمية والإعلام فقط ، بل إنها مسئولية كل فرد من افراد المجتمع كل فى مجال عمله ومكان تواجده .
وعلى الجانب الآخر لابد من آن لأخر المكاشفة والمصارحة والمحاسبة وإعلاء قيم الحق والعدل فى كافة المؤسسات والضرب بيد من حديد على العناصر الفاسدة ، و بالتأكيد أن ذلك سيكون من أهم عوامل تحقيق الإنتماء و سيعلم الجميع أن فى مصر العظيمة رجالاً يصعب فى وجودهم التأثير السلبى فى مقومات الانتماء الوطنى .
عاشت مصر