فى عيدها الـ (53) الاحتفال بالإذاعة التى تبث أخر إرسال السماء إلى الأرض
فى عيدها الـ (53) الاحتفال بالإذاعة التى تبث أخر إرسال السماء إلى الأرض
كتبت: نرفانا محمود
مرت ثلاثة وخمسون عاما على تأسيس إذاعة القرآن الكريم ومازال عطاءها مستمر بفكر إسلامى مستنير يقوده نخبة من علماء دين أجلاء استطاعوا أن يجعلوها جزءا أساسيا فى أى بيت مصرى ..فمن من لم يشب على براعم الإيمان ومن منا يستطيع أن يبدأ يومه دون الاستماع لصوت الشيخ محمد رفعت الملائكى يتلو آيات الذكر الحكيم فى ساعات النهار الأولى، وبالتحديد السابعة صباحا.
فى البداية كان الهدف من إنشاء إذاعة دينية متخصصة، هو محاربة الأفكار المتطرفة فى ذلك الوقت، وظهور نسخ محرفة من كتاب الله، وجاء الاقترح من الدكتور عبد القادر حاتم وزير الإرشاد القومى، والمشرف على وزارة الإعلام عام ١٩٦٤ على رئيس الجمهورية جمال عبد الناصر بإنشاء إذاعة القرآن الكريم، لتكون بمثابة أول تسجيل صوتى للقرآن، وبالفعل وافق عبد الناصر، وبدأ الإعداد لإطلاق الإذاعة..إذاعة القرآن الكريم، وبدأ البث فى السادسة من صبيحة الأربعاء ٢٥ مارس١٩٦٤.
استقبال الجمهور
يصور المرحوم الإمام الدكتور عبد الحليم محمود شيخ الأزهر رد الفعل الجماهيري المصرية بانطلاق صوت الوحي من محطة إذاعة القرآن الكريم فيقول: " أذكر أننا كنا ذات يوم في مؤتمر مجمع البحوث الإسلامية، وجاءتنا البشري بأن الدولة قررت إنشاء إذاعة خاصة بالقرآن الكريم. وسرنا هذا النبأ سروراً عظيماً، لكننا لم نقدر أثره في نفوس المؤمنين حق قدره، وتبين ذلك في صورة واقعية يوم أن بدأت المحطة تذيع، لقد كان يوماً مشهوداً، في ذلك اليوم الأغر سمعنا القرآن المرتل في كل شارع مررنا به، وكان أصحاب المحلات التجارية يستمعون إلي الإذاعة في متاجرهم، وربات البيوت يستمعن إلي الإذاعة في بيوتهن، والجميع في فرح غامر، وفي استبشار واضح".
رؤساء الإذاعة
ومنذ انطلاقها تولي رئاسة إذاعة القرآن الكريم علي مدار نصف قرن، ثمانية رؤساء ترك كل منهم بصمة في قصة نجاحها وهم بالترتيب:
الشاعر محمود حسن إسماعيل الذي شب علي حفظ القرآن الكريم، وعمل أول ما عمل محررا بالمجمع اللغوي، ولم يلبث أن انتقل للإذاعة، وتولي رئاستها، وكان محمود حسن إسماعيل إلي جانب مسيرته الإعلامية شاعرا وأديبا كبيرا، وكان شعره موضوعا لعدة رسائل جامعية باعتباره لونا فريدا في الشعر العربي المعاصر و واحد من أبرز شعراء التجديد.
وثاني رؤساء إذاعة القرآن هو الدكتور كامل البوهي، وهو أحد مؤسسي إذاعة القرآن الكريم عام 1964م وثاني مدير لها وقدم العديد من البرامج منها "رأي الدين - يا أمة الإسلام - القاموس الإسلامي - في روضة الرسول" ، كما أعد وقدم للتليفزيون عددا من البرامج من أهمها : " في نور القرآن - الدين المعاملة - حديث الروح" .
وثالث رؤساء الإذاعة هو: عادل محمد عبد الرحيم القاضي، ورابعهم هو:محمد علي أحمد الشناوي، وخامسهم: "عطية السيد" ، وسادسهم هو الدكتور عبد الصمد محمد دسوقي، وسابعهم الدكتورة هاجر سعد الدين وهى المرأة الوحيدة التى تولت رئاسة الإذاعة، أما الرئيس الثامن فهو إبراهيم فرج مجاهد، والرئيس التاسع هو: محمد عويضة، والرئيس العاشر هو السيد صالح، أما الرئيس الحالى فهو حسن سليمان.
أشهر مقرئيها
يعتبر الشيخ محمد رفعت أحد أهم وأجمل الأصوات التى قرأت آيات الذكر الحكيم ليس فى مصر فقط ولكن فى العالم الإسلامى قاطبة ، واستحق الشيخ رفعت عن جدارة ، لقب ”المعجزة” و”قيثارة السماء”، وكان أول من أقام مدرسة للتجويد الفرقانى فى مصر.
الشيخ رفعت هو من افتتح بث الإذاعة، افتتحها بقول الله عز وجل، بتلاوة أول سورة الفتح “إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُّبِينًا”.
وعندما سمعت الإذاعة البريطانية “بى بى سى العربية” صوته أرسلت إليه وطلبت منه تسجيل القرآن، فرفض ظنا منه أنه حرام لأنهم غير مسلمين، فاستفتى الإمام المراغى فشرح له الأمر وأخبره بأنه غير حرام، فسجل لهم سورة مريم.
الشيخ عبد الباسط عبد الصمد
يعتبر الشيخ عبد الباسط عبد الصمد من أشهر قرّاء القرآن الكريم فى العالم الإسلامى، ويتمتع بشعبية هى الأكبر فى أنحاء العالم لعذوبة صوته وأسلوبه الفريد، حتى أنه لُقب بـ”الحنجرة الذهبية” و”صوت مكة”.
وقد أعتمد الشيخ عبد الباسط بالإذاعة المصرية فى نهاية عام 1951، أى قبل إنشاء إذاعة القرآن الكريم بما يقرب من 13 عاما، ليكون أحد النجوم المضيئة بقوة فى سماء تلاوة القرآن الكريم فى العالم، وخاصة من انطلاق إذاعة القرآن الكريم.
محمد صديق المنشاوي
علم من أعلام الإسلام, وإمام من أئمة القراءة لآيات الكتاب العزيز, رزقه الله صوتا جميلا مؤثرا وقبولا حسنا عند جماهير الأمة الإسلامية, أوصل كلمة الله بصوته المؤثر الخاشع إلى مشارق الأرض ومغاربها, فكان خير داعية إلى الله وكتابه ودينه على مستوى العالم ، ولقب بالصوت الحزين.
أحمد الرزيقى
القارئ الشيخ أحمد الرزيقي واحد من الذين استطاعوا أن يصلوا بالمعاني القرآنية إلى قلوب المستمعين في الدول الإسلامية كافة، فقد حباه الله بصوت مكَّنه أن يُشعر من يستمع إليه بعظمة جمال القرآن الكريم .
فى عام 1974م دخل الإذاعة وصار أحد قرائها المشهورين، وفى عام 1982م عين الرزيقي قارئاً لمسجد السيدة نفيسة، وسافر إلى العديد من دول العالم حاملاً كتاب الله في قلبه وعلى لسانه، و ناضل الشيخ الرزيقي في السبعينيات من أجل إنشاء نقابة قراء القرآن الكريم حتى تم إنشاؤها، وظل هو أميناً عاماً لمجلسها حتى لقي ربه في الثامن من ديسمبر عام 2005م.
وباحتضان عمالقة التلاوة نجحت إذاعة القرآن الكريم فى تحقيق هدفها وهو حفظ القرآن الكريم من المحاولات المكتوبة لتحريفه ؛ حيث يصل إرسالها إلى الملايين من المسلمين في الدول العربية والإسلامية.
وعلى منوال هذه السابقة المصرية المباركة توالى إنشاء عدة إذاعات للقرآن الكريم في داخل العالم العربي ، بل وفي خارجه.