اقترن ظهور المرتزقة أو ما تسمى بشركات أمنية أو عسكرية بمصطلح خصخصة الحروب، وتعتمد عليها دول فى إدارة المعارك الحديثة، وقد يعود استئجار الدول لهذه الشركات لرفض جيوشها تنفيذ مهام قتالية محددة، لا ترغب فى أدائها، كممارسة استخدام أسلحة محرمة أو القيام بتعذيب المواطنين، كما حدث فى العراق أو على أقل تقدير سرقة مناجم الماس فى إفريقيا، وأغلبها جيوش لدول أوروبية، والجيش الأمريكى يستعين فى صفوفه بعدد من المرتزقة.
وتتجاوز أجور الجندى المرتزق مئات الدولارات فى اليوم الواحد، ولن نذهب بعيدًا، فالأجر اليومى للمرتزق الأمريكي ألف دولار يوميًا، بينما يتقاضى الجندى النظامى فى اليوم 150 دولارًا، ويتفوق عليه المرتزق الإفريقى، ويحصل على 200 دولار، وسبب تقاضى المرتزق هذه المبالغ الكبيرة لامتلاكه مهارات قتالية احترافية، ولقبولها القتل بكل أنواع الأسلحة المحرمة، ومن بينهم ضباط سابقون بجيوش غربية وآسيوية، واستعانت إدارة بوش الابن بالشركات العسكرية الخاصة بشكل مفرط فى حروبها بالعراق وأفغانستان،
ولا تعمل المرتزقة الاحترافية إلا من خلال شركات خاصة، وأحيانا أرباحها تنافس أرباح تجار السلاح، وتبلغ فى المتوسط 400 مليار دولار، وذلك حسب تقدير وزارة الخارجية الفرنسية، وبات اسم المرتزقة يتردد على مسامعنا وذاع صيته عقب غزو أمريكا للعراق فى 2003، وبفضل الغزو انهالت على الشركات العسكرية الخاصة الطلبات من حكومات دول عديدة.
وتخصصت دول محددة حاليا فى توريد مرتزقة لتلك الشركات، وتأتى السلفادور على رأسها، طبقا لما رصدته وثائق الحرب الأمريكية على العراق، وكشفت عن مشاركة 3400 جندى سلفادوري مع القوات الأمريكية المحتلة للعراق وأفغانستان، وتدعمها أمريكا سنويا بالمال والسلاح، برغم ذلك تترك أمريكا الدول المصدرة للمرتزقة لها تعاني الفقر والنزاعات المسلحة.
و"بلاك ووتر" تعد الشركة العسكرية الأشهر فى الولايات المتحدة الأمريكية وجميع أفرادها من الجنود بالمرتزقة، أما شركة "فاجنر" الأمنية كانت الأولى فى روسيا إلى وقت قريب، وفى إسرائيل شركة "هاشميرا"، ويمتلكها رجال أعمال، وتتداول أسهمها فى البورصات العالمية، ولدى إسرائيل وحدها 300 شركة تضم مئات الجنود المرتزقة، التى تجوب حول العالم، وتنفذ عمليات نقل الأسلحة والتجسس والقرصنة الإلكترونية والاغتيالات، وتناظر الشركات العسكرية الحديثة دور الميليشيات، التى تقاتل بعيدًا عن الجيوش النظامية، وكان الملوك والأمراء وفرق طائفية تستعين بها عبر التاريخ، ويذكر مؤرخون أن نشأة المرتزقة ترجع إلى عصور الاكتشافات الجغرافية والحروب الصليبية.