على مدى يومين وفي العاصمة الفرنسية باريس، يقام معرض الكتاب العربي الذي يتضمن مئات الكتب والروايات العربية والمترجمة بالإضافة إلى كتب في مختلف المجالات منها التنمية البشرية والفلسفة والتاريخ وغيرها.
ويهدف المعرض الذي يقام للمرة الرابعة في باريس إلى تعزيز الثقافة العربية وربط القارئ بثقافته ولغته الأم، حيث إن الدافع الثقافي فضلا عن الارتباط باللغة الأم والحنين إليها هو ما دفع الجالية العربية إلى زيارة المعرض في أول أيامه أمس الجمعة، والممتد حتى مساء اليوم.
يوفر المعرض للجالية العربية المتواجدة في فرنسا فرصة الحصول على كتبهم المفضلة بالإضافة إلى كتب مترجمة للغتهم الأم وكتب أخرى لعدد كبير من الكتاب العرب، حيث يرسخ وجود اللغة العربية وانتشارها خاصة في أوروبا التي يتواجد بها عددا كبيرا من الجاليات العربية.
يقول راشد حموش، مدير"مكتبة العرب الألمانية" المنظمة للمعرض: "يقام المعرض كل أربعة أو خمسة أشهر في باريس، ونوفر كتب جديدة من دور النشر العربية ليظل هناك شيء جديد في كل مرة للقارئ العربي، حيث نحرص على وجودنا هنا كل فترة حتى نلبي احتياجات حاجة القراء بقدر المستطاع".
ويوضح حموش أن هذا المعرض يستهدف الجمهور الذي يحرص على قراءة الكتب باللغة العربية أو تعلم اللغة، مضيفا " تم إقامة أربعة معارض في باريس منذ سبتمبر 2022 حتى الآن ، وكل الكتب المعروضة تم شحنها من أكثر من مائة دار نشر من مختلف الدول العربية من بينها السعودية ومصر وسوريا والعراق ولبنان.. كما أن هناك تنوعا في كل المجالات منها التنمية البشرية والأدب العربي والعالمي والكتب الدينية والفلسفة وأيضا كتب تعلم اللغة العربية وكتب الأطفال".
وعن هذا التنوع، أعربت "خديجة" من لبنان، عن إعجابها بفكرة وجود كتب عربية في كل المجالات، قائلة لوكالة أنباء الشرق الأوسط: "فرصة أن نجد ما نريده بدلا من أن نبحث عنه على مواقع الإنترنت وخاصة هنا بما أن الكتاب أمام عينيك، الأمر الذي يلفت الانتباه أكثر".
ويرى "فهر" من العراق، أن المعرض "فرصة مهمة جدا خاصة للجيل الذي ولد في أوروبا مثله ويكون لديه فرصة أن يرى الكتب ويتعرف على اللغة العربية أكثر وبشكل أقرب".
أما "ديدي موردو" من السودان، يدرس في باريس وزار المعرض بالصدفة ليبحث عن كتب يريدها. فقال إنني متواجد في باريس وعلمت من صديق لي أن هناك معرضا للكتب العربية هنا وممكن أن نستفيد منه في دراستنا". وبالإضافة إلى كتب الاقتصاد وهي تلبي احتياجات تخصصه، قام موردو بشراء كتب فلسفية وسياسية للاطلاع على ما يدور في العالم وهي "فرصة للتواصل بلغتنا الأم بجانب اللغة الفرنسية هنا".
وأكد مدير المعرض أن أكثر وسيلة للترويج عن المعرض هي مواقع التواصل الاجتماعي، حيث تم نشر الإعلان على مواقع فيسبوك وانستجرام وغيرها لتظهر للجمهور العربي المستهدف عند تصفحهم للمواقع.
ويقول حموش في هذا الصدد: "بذلك يستطيع أي متصفح مهتم عندما يرى الإعلان أن يأتي إلينا، فالآن التطبيقات الموجودة على هاتفك هي أهم وسيلة إعلام من خلالها يستطيع أي شخص الوصول إلى المعلومة أو الإعلان عن شيء ما".
كذلك، فكرة وجود معرض للكتب العربية هو أمر نادر في باريس، حيث يلجأ القراء العرب في أغلب الأوقات إلى طلب الكتب عبر الإنترنت أو قراءتها إلكترونيا إلا أن وجود معرض يضم مجموعة هائلة من الكتب أمر جديد وملفت لانتباه القارئ العربي في باريس.
"نورا" من مصر ومقيمة في العاصمة الفرنسية أعربت عن إعجابها بفكرة إقامة المعرض وكانت عينيها تبحث عن روايات تعود من خلالها إلى وطنها الأم مصر وإلى الكتابات العربية.
وقالت: "حتى الآن لا يوجد مكان محدد أو معارض تقام بهذا الشكل ويتاح لنا أن نرى فيها كتب باللغة العربية غير معهد العالم العربي في باريس، فهو مازال القبلة التي يتجه إليها كل العرب، ولكن الآن هناك مجال لإقامة فعاليات عربية في أماكن أخرى مثل هنا استجابة لاهتمامات جمهور كبير من الجاليات العربية المتواجدة هنا".
وأشادت بوجود عدد من الروايات المعاصرة وجزء كبير من الكتب والروايات المترجمة الشيقة والمفيدة لكل من يحتاج أن يقرأ روايات مترجمة إلى العربية، إلا أنها أثارت نقطة ارتفاع أسعار الكتب مقارنة بالسعر المتوسط المعتاد في باريس.
في هذا الصدد، أكد حموش مدير مكتبة العرب الألمانية والمنظمة للمعرض أن الأسعار مناسبة ومنطقية ومتقاربة للكتب المتواجدة هنا في فرنسا أو ألمانيا، وقال "نسعى إلى أن نوفر على القارئ بدلا من أن يشتري الكتاب من أي موقع عربي للكتب ويدفع تكاليف الشحن عالية نقدم له نفس الكتاب بسعر مناسب"، وهو الأمر الذي لمسته "سهاد" من المغرب.
كانت سهاد تفضل دائما شراء الكتب عبر الإنترنت إلا أنها لأول مرة تذهب إلى معرض للكتب خاصة بعد أن رأت الإعلان عبر شبكات التواصل الاجتماعي، وهو ما شجعها على القيام بهذه الزيارة مع قائمة طويلة من الكتب التي حددتها مسبقا، خاصة في مجالات التنمية البشرية وهو مجال بعيد كل البعد عن مجال عملها وهو الهندسة لتقرأ في مجالات وأفق أخرى وهو ما وفره المعرض.
أيضا "طارق ابراهيم" ، كاتب وصحفي لبناني ومن رواد معارض الكتب العربية، يرى أن المعرض "فرصة ومناسبة مهمة لكي تلتقي الجاليات العربية" وقال "هذا المعرض هو جزء من الحياة ومن الثقافة العربية، ولاحظت مع الأسف الآن هناك تراجعا بالثقافة في باريس وهو ما انعكس أيضا على الجالية العربية هنا، لذلك من المهم للغاية المشاركة في المعرض فهي فرصة أن تحيي مرة أخرى الحيوية التي تفقدها العواصم الأوروبية وأيضا تفقدها للأسف العواصم العربية نتيجة المشاكل الاجتماعية والسياسية والحروب".
أما جانب الأطفال، فهو ركن كبير غني ومليء بالكتب الممتعة للأطفال وتعلم اللغة العربية بشكل مبسط.. الطفلة "أميمة" من الجزائر تبلغ من العمر عشر سنوات تحب كثيرا أن تتعلم العربية بالرغم من صعوبتها بالنسبة لها، قائلة "أحب القراءة وتعلم اللغة العربية واخترت كتاب "الآن استطيع أن أقرأ".
ولا يشكل المعرض فقط فرصة لإبراز الثقافة العربية وإنما ملتقى لعشاق القراءة وهمزة وصل بين القارئ العربي ولغته الأم، وهو ما أكدته "خديجة" من المغرب، فبعد أن علمت بإقامة المعرض من خلال مواقع التواصل الاجتماعي حرصت على زيارته وأشادت بوجود طبعات جديدة من الكتب في مختلف المجالات الدينية والفلسفية وعلم النفس، قائلة "تشوقنا إلى رؤية الحروف العربية هنا".