ما حكم نقل المتوفى من قبر إلى آخر؟ الإفتاء تجيب

ما حكم نقل المتوفى من قبر إلى آخر؟ الإفتاء تجيبقبر

الدين والحياة29-8-2023 | 11:58

أكدت الشريعة الإسلامية على حُرمة الميت كما للحي ، وهو ما يطرح استفهام هل نقل المتوفي من قبره إلى آخر حرام أم جائز؟ حيث إنه في بعض الأحيان تتضارب مصلحة الأحياء مع الأموات، عندما يسعى الأحياء لتقريب قبور ذويهم من الموتى إليهم ، فيفكرون في نقل جثامينهم بالقرب ، وهنا تكون الكلمة للشرع الحنيف في مسألة هل نقل المتوفي من قبره إلى آخر حرام أم جائز؟.

هل نقل المتوفي من قبره إلى آخر

قال د. علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إنه لا يجوز نقل المتوفي من قبر إلى قبر آخر طالما دفن، فلماذا يتم فتح قبر الميت و انتهاك حرمة الموتى ب نقل جثمان الميت إلى مكان آخر إلا لعلة.

وأوضح «جمعة» عبر صفحته بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، في إجابته عن سؤال: ( هل نقل المتوفي من قبره إلى آخر حرام أم جائز؟ فوالدتي متوفية من 22 سنة ونريد أن ننقلها من المقبرة لمقبرة أخرى فهل هذا حلال أم حرام ؟)، أنه يجوز نقل المتوفي من قبره إلى قبر آخر بعد دفنه إذا كان هناك علة لنقل جثمان الميت.

وأشار إلى أن العلة أو السبب الذي يبيح نقل جثمان المتوفي مثل أن تزال المقابر التي يتواجد فيها الميت أو أن المياه أغرقت هذه المقابر أو سكنتها الثعابين وما نحوها من العلل، لكن من غير علة كأننا بنينا مقابر في مكان آخر أفضل فلا يجوز نقل جثمان الميت بهذه العلة .

هل يجوز نقل المتوفي إلى قبر آخر

ونبه د. محمود شلبي، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، إلى أن نبش القبر و نقل جثمان الميت لا يجوز إلا لعذر شرعي؛ موضحًا أن في ذلك انتهاك لحرمته .

واستشهد "شلبي" في إجابته عن سؤال: هل يجوز نقل المتوفي إلى قبر آخر ؟، بقول الإمام النووي: «نبشه بعد دفنه للنقل وغيره حرام، إلا لضرورة، بأن دفن بلا غسل، أو في أرض أو ثوب مغصوبين، أو وقع فيه مال أو دفن إلا لغير القبلة» منهاج الطالبين، مشيرًا إلى قول ابن قدامة في المغني: سئل الإمام أحمد بن حنبل عن الميت يخرج من قبره إلى غيره؟ فقال: إذا كان شيء يؤذيه.

وأفاد بأنَّه لا يَجوز نبْش القبر ونقل الجثمان من تلك المقبرة إلاَّ لغرض شرعيٍّ صحيح، أو حاجة ملحَّة؛ مشيرًا إلى أن في نبشه إهانة وامتهان واعتداء، ولأنَّه قد يؤدِّي إلى كسْر عظامه، لافتًا إلى أن الرؤيا لا يعمل بها في مثل هذه الأمور ؛ لأنها ليست دليلًا شرعيًّا.

حكم فتح القبر لنقل المتوفي

كانت لجنة الفتوى بمجمع البحوث الإسلامية التابع للأزهر الشريف، قد ذكرت أنه من السٌنة دفن كل ميت في قبر مستقل، وألا يشاركه فيه غيره إلا لضرورة، موضحةً أنه لا يجوز دفن الرجال مع النساء إلا لضرورة.

وأكدت أن حٌرمة المسلم ميتًا كحرمته حيًا، لافتةً إلى أنه لا يجوز نبش قبر الميت إلا لضرورة شرعية وأنه لا يجوز نقل الميت من قبره إلا لضرورة، منوهة بأن فقهاء الحنفية قد أعطوا مثلا لهذه الضرورة بما إذا دفن في أرض مغصوبة أو أخذت بالشٌفعة أو وقع في القبر مال أو دفن مع الميت مال و لو كان قليلًا.

وذكرت أن فقهاء المالكية أعطوا مثالًا لهذه الضرورة بضِيقِ القبر الْجَامِعِ، أَوْ دفن آخَر مَعَهُ عِنْدَ الضِّيقِ أَوْ كَانَ الْقَبْرُ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ وَأَرَادَ إخْرَاجَهُ مِنْهُ أَوْ كُفِّنَ بِمَالِ الْغَيْرِ بِلَا إذْنِهِ وَأَرَادَ رَبُّهُ أَخْذَهُ قَبْلَ تَغَيُّرِهِ، أَوْ دُفِنَ مَعَهُ مَالٌ مِنْ حُلِيٍّ أَوْ غَيْرِه، والشافعية مثلوا لهذه الضرورة بما إذا دفن الميت لغير القبلة أو بلا غسل على الصحيح فيهما أو بلا كفن أو في كفن مغصوب أو حرير أو أرض مغصوبة أو ابتلع جوهرة أو وقع في القبر مال.

واستكملت أن الحنابلة مثلوا لهذه الضرورة بنبش القبر الموجود داخل مسجد أو المدفون في ملك الغير أو وقع في القبر مال له قيمة، مضيفة أن نقل الميت من قبره الذي دفن فيه فقد اختلف فيه الفقهاء:

- فقد ذهب الحنفية و الشافعية إلى عدم جواز ذلك إلا لضرورة كدفنه في أرض مغصوبة ، أو أن تؤخذ الأرض بالشفعة ، و استدلوا على منع النقل بان فيه انتهاكًا لحرمة الميت.

قالوا: وَلِذَا لَمْ يُحَوَّلْ كَثِيرٌ مِنْ الصَّحَابَةِ وَقَدْ دُفِنُوا بِأَرْضِ الْحَرْبِ إذْ لا عُذْرَ.[ فتح القدير ج2 ص140].

- و ذهب المالكية إلى جواز نقل الميت بعد دفنه بشروط ثلاثة: ألا ينفجر حال نقله، وألا تنتهك حرمته، وأن يكون لمصلحة ، كأن يخاف عليه أن يغرق البحر قبره أو يأكله السبع، أو ترجى بركة الموضع المنقول إليه، أو ليدفن بين أهله، أو لأجل قرب زيارة أهله.

- وذهب الحنابلة إلى جواز نقل الميت إلى بقعة أحسن من البقعة التي دفن بها ، كأن يكون مدفونًا مع غيره فينقل ليدفن منفردًا.

وقد استدل المالكية و الحنابلة بما رواه البخاري عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: «دُفِنَ مَعَ أَبِي رَجُلٌ، فَلَمْ تَطِبْ نَفْسِي حَتَّى أَخْرَجْتُهُ، فَجَعَلْتُهُ فِي قَبْرٍ عَلَى حِدَةٍ»، و في رواية: فَكَانَ أَوَّلَ قَتِيلٍ وَدُفِنَ مَعَهُ آخَرُ فِي قَبْرٍ، ثُمَّ لَمْ تَطِبْ نَفْسِي أَنْ أَتْرُكَهُ مَعَ الآخَرِ، فَاسْتَخْرَجْتُهُ بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ، فَإِذَا هُوَ كَيَوْمِ وَضَعْتُهُ هُنَيَّةً غَيْرَ أُذُنِهِ» رواهما البخاري.

ويظهر مما تقدم أن الفقهاء لا يبيحون نقل الميت إذا ترتب على نقله إهانة له أو اعتداء على حرمته ، أو لم يكن النقل لغرض معقول و مبرر قوي ، سواء كان هذا الغرض من النقل لمصلحة الميت أو لمصلحة الحي ، فمصلحة الميت تقتضي أن ينقل لو تهدم القبر أو كاد ، أو وصل إليه الماء أو كان مدفونًا مع غيره فينقل ليدفن وحده في قبر مستقل كما فعل سيدنا جابر مع أبيه، و مصلحة الحي في نقل الميت أن يكون الميت بين أهله أو أن يكون قريبًا منهم لزيارته، لكن لا يجوز النقل لو لم يكن الغرض منه مستساغًا كأن ينقل من مقبرة جماعية في البلد إلى مقبرة جماعية أخرى في نفس البلد، إذ لا مبرر معقول من وراء هذا النقل.

أضف تعليق

تدمير المجتمعات من الداخل

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
إعلان آراك 2