كتب: أحمد محمود
أفادت مصادر رسمية يابانية أن عدد الضحايا جراء الأمطار الغزيرة وما تسببت فيه من انزلاقات أرضية وفيضانات وصلت إلى ٦٥ حالة وفاة بالإضافة إلى٤٥ مفقودًا حتى ساعات مبكرة من اليوم الأحد 8 يوليو الحالى.
وأضافت المصادر أن السلطات اليابانية تسابق الزمن لإنقاذ المواطنين العالقين ومواصلة البحث عن المفقودين، وتتعاون قوات الجيش والشرطة اليابانية فى هذه المهمة
وكان رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي قد أصدر تعليمات لوزراء في حكومته بالعمل مع السلطات المحلية للحيلولة دون انتشار أضرار الأمطار الغزيرة في الجزء الغربي من البلاد، ووصف آبي الوضع بالخطير جدا، وأمر فرق الطوارئ ببذل كافة جهود الإنقاذ اليابان .
كارثة الأمطار والانزلاقات الأرضية التى شوهدت فى غرب البلاد فى "هروشيما" ومناطق أخرى، ليست الأولى فى اليابان، ولن تكون الأخيرة، وهم يعرفون ذلك جيدا لذلك فالاستعداد لحدوث الكوارث جزء من الحياة والثقافة اليابانية
" بوساي bōsai"
وفى هذا الصدد فإن كلمة ”بوساي bōsai“ باللغة اليابانية لها معانٍ متعددة، تشمل كيفية التأهب للكوارث وكيفية التصرف عند حدوثها.
ويبدأ الأطفال التعلم عن هذا الموضوع منذ سن مبكرة في اليابان، وهناك حملات وتدريبات بشكل منتظم لرفع الوعي العام، خاصة مع بداية شهر سبتمبر، في ذكرى زلزال كانتو الكبير عام ١٩٢٣، الذي دمر طوكيو وقتل أكثر من ١٠٠ ألف شخص ، وكجزء من الجهود الرامية إلى رفع درجة التأهب للكوارث، قامت حكومة طوكيو بإصدار كتيب جديد للمقيمين والعمّال في العاصمة، وهناك منتجات مخصصة للطوارئ، والتخفيف من آثار الكوارث، تباع في المحلات، وتخصص بعض المتاجر أقسام كاملة لهذه المنتجات.
ومن هذه المنتجات زجاجات المياه المعبأة ذات الصلاحية الممتدة وأنواع مختلفة من المواد الغذائية، مثل بسكويت كانبان، الخبز المعلب، والوجبات ذاتية التدفئة.
الفراش الملفوف
وهناك أيضاً الفراش الملفوف أو القابل للنفخ، " البطانيات الفضائية " العاكسة للحرارة للحفاظ على الدفء، ومستلزمات الحمام للتغلب على ظروف انقطاع المياه الجارية.
ولأن سقوط الأثاث المنزلي يعد سبباً رئيسياً للوفاة أو الإصابة أثناء الزلازل، يوجد منتجات من بوساي لتثبيت الأثاث في مكانه، ومنصات لاصقة على الوجهين لإبقاء التلفزيونات معلقة في مكانها، بينما تمنع الرفوف والأشرطة الخزائن وغيرها من الأثاث الضخم من السقوط، وأجهزة الراديو التي تعمل بمدورة يدوية والمدمج بها بطاريات للإضاءة.
كما يمكن استخدام بعض الموديلات الحديثة لشحن الهواتف الذكية، على الرغم من أن الأمر يتطلب لفها لعدة دقائق لمجرد الحصول على نسبة ضئيلة من عمر البطارية. منتج آخر مبتكر يمكن استخدامه عندما تكون مصادر الطاقة محدودة هو مصباح LED الذي يعمل على المياه المالحة ويبقى مضاءاً لمدة ثماني ساعات قبل أن يحتاج الماء بداخله إلى الاستبدال، وكذلك الخوذات أو أغطية الرأس التى تحمي من الحطام الصغير المتساقط من المباني، مثل بلاط السقف والزجاج المكسور، عندما يخلي الناس منازلهم ويتجهون إلى أقرب مأوى.
كتيب التأهل للكوارث
وبدأت فى عام 2015حكومة العاصمة طوكيو توزيع كتيب جديد عن التأهب للكوارث اسمه Tokyo bōsai. لفت تصميمه الأنيق اهتمام وسائل الإعلام ويعرض أسلوباً مغايراً للنمط التقليدي الجاد ولكن الفعال أيضاً لتداول المعلومات حول بوساي والذي تتبعه السلطات المحلية.
حيث يعرض قصصاً مباشرة يرويها الناجون من الكوارث، تصوير حي من المانغا لزلزال وهمي في طوكيو، وتميمة وحيد القرن – ”ساي“ باللغة اليابانية، متجانسة مع المقطع الثاني من كلمة بوساي.
ولعل التطبيق العملي لهذا الدليل الجديد هو أكثر جوانبه أهمية. على سبيل المثال، بدلا من شراء الأصناف الخاصة من المواد الغذائية التي تباع كسلع بوساي، يشير الدليل إلى أنه على السكان شراء المزيد من المنتجات بشكل يومي للتأكد من أن لديهم مخزون مستمر، من خلال تشجيع المواطنين ببساطة على إبقاء خزائنهم ممتلئة، تأمل الحكومة في تفادي الانطباع بأن الاستعداد للكوارث هو أمر صعب للغاية، ومساعدة الناس لدمجه بسهولة في الحياة اليومية.
وفي سياق مماثل، يحتوي الكتيب على عدد من النصائح حول استخدام العناصر العادية لتحل محل السلع غير المتوافرة. يمكن لف الصحف حول الملابس أو تحتها للتدفئة، الأغطية البلاستيكية يمكن أن تساعد في الحفاظ على جبيرة في مكانها، ويمكن تحويل الزجاجات البلاستيكية إلى أكواب أو أطباق. يقترح الكتيب أيضاً تغليف الأحذية في أكياس بلاستيكية لتجنب الماء واستخدام الخيط لربطها بالكرتون المقوى من أجل حماية القدمين من الإصابة.
مبادرة حدائق بوساي
توضح مبادرة حدائق بوساي الموصوفة في الكتيب كيف الاستعداد للكوارث بني في صلب البنية التحتية للمدينة، في هذه الحدائق الخاصة، هناك فتحات تقع مباشرة فوق المجاري، عقب وقوع كارثة ما، سوف يتم استبدال الأغطية بدورات مياه وخيام بسيطة حفاظاً على الخصوصية. كما يمكن تحويل المقاعد إلى مواقد للطهي عن طريق إزالة أماكن الجلوس وهناك أضواء تعمل بالطاقة الشمسية ومضخات يدوية للمياه في حال انقطاع الخدمات الأساسية.
وعلى الرغم من أن الحظ يلعب دوراً، إلا أن الاستعداد الجيد من شأنه أن يزيد من فرص البقاء على قيد الحياة أو تقليل المشقة في أعقاب وقوع الكارثة .