كيف ندعمها نفسياً لتواصل مسيرة الحياة؟|| الأرملة وأطفالها.. ست بـ 100 راجل

كيف ندعمها نفسياً لتواصل مسيرة الحياة؟|| الأرملة وأطفالها.. ست بـ 100 راجلكيف ندعمها نفسياً لتواصل مسيرة الحياة الأرملة واطفالها.. ست بـ 100 راجل

منوعات4-9-2023 | 21:07

فجأة تشعر وكأن تم إلقاها في بحر عميق لا تعرف له نهاية ولا بداية.. تشعر بأن سندها الوحيد في هذه الحياة رحل.. وأصبحت هي بمفردها مسئولة عن أطفال صغار لا يفهمون شيئا عن هموم الدنيا.. شعور بالتخبط بين الصدمة التي تلقتها والرغبة في أن تجمع شتاتها سريعا من أجل اطفالها.. كل هذه المشاعر وأكثر تشعر بها المرأة الأرملة التي تتفاجأ بخبر وفاة زوجها خاصة إذا كانت صغيرة في العمر ولديها أطفال صغار.. في السطورالتالية نناقش كيفية التعامل معها بالشكل السليم بما يخفف عنها ويدعمها نفسيا..

في البداية، تقول د. إيمان السيد، متخصصة إرشاد نفسي وأسري، إن الأرملة بعد وفاة زوجها تمر بحالة نفسية سيئة جدا، بعد رحيل شريك حياتها لأنه بالنسبة لها هو السند والظهر والمعيل ورمز الأمان والحماية، وتعمد عليه في إدارة شئون أولادها فبالتالي تشعر بانها تحت ضغط نفسي فضلا عن احساسها بالفقدان العاطفي والاحتياج كل هذا واكثر يحدث لها عند تلقي صدمة الوفاة، فكل انسان يختلف عن الاخر في تلقي الصدمات حسب قدراته النفسية وتحمله وحسب علاقته بشريك حياته، فعلاقة الارملة بزوجها ودرجه حبها له وتعلقها به يؤثر بشكل اساسي عليها بعد خبر الوفاة.

كرب ما بعد الصدمة

فهناك بعض السيدات يدخلن في حالة من الاكتئاب الشديد وأحيانا سيدات آخريات يصابن بالقلق والتوترات النفسية واشهرها الاكتئاب وفوبيا من المجتمع والخوف والاحساس بعدم الامان وفقدانه، وفي هذا الوقت تحتاج الأرملة للدعم القوي من المحيطين بها وإلا قد يصل الأمر الي "كرب ما بعد الصدمة" وهي مرحلة سيئة جدا من الحالة النفسية مما يجعلها تضطر في بعض الأحيان إلى اللجوء إلى طبيب نفسي متخصص وتلقي علاج دوائي وسلوكي حتى تمر بسلام من هذه الفترة بجانب دعم الأهل وأن يكون معها بعض الأشخاص الذين لديهم وعي بتلك الحالة النفسية التي تمر بها.

ولكن سرعان ما تحاول الأرملة لم شتاتها وتقف على رجلها من أجل أطفالها فدافع الأمومة لديها أعلى من الحزن، إلا إذا كانت ارتباطها العاطفي بزوجها كبير للغاية فلا تستطيع أن تقاوم شعورها بالحزن وتبقى كذلك لفترات طويلة جدا فقد يصابون بهيستريا وعدم تقبل الواقع وإنكار شديد لفكرة الرحيل نفسها، حتى أنهم يرفضون سماع كلمة "الله يرحمه"، فتلك النوعية تحتاج إلى إشراف طبي وعلاج دوائي.

الفرق بين الدعم والضغط النفسي

وأكدت د.إيمان السيد أن الأرملة بعد رحيل زوجها وسندها الوحيد يبدأ المحيطين بها من دافع خوفهم عليها بالتدخل في شئونها، وقد يعتقدون انهم بذلك يدعمونها ولكنهم يشكلون ضغوطات نفسية عليها كبير، فهي تتحول من زوجة الي اب وام في نفس الوقت تواجه ظروف خارجية كثيرة.

وأكدت أنها تواجه الضغوط التي تأتي من أهلها وأهل زوجها الراحل وضع قيود عليها لكي تحافظ على نفسها وفرض الحدود وتحديد محظورات والالتزامات، والسيطرة على تصرفتها، فضلا على انها تواجه وصم من المجتمع كونها "ارملة" فتكون تحت نظر المجتمع دائما ومراقبة من المحيطين بها على كافة تصرفاتها، ووسط كل هذه التصرفات تجد الارملة نفسها تواجه كل هذا مع تحمل مسئولية اطفالها كاملة.

ويجب أن يكون هناك وعي من المجتمع لطريقة التعامل وتعديل النظرة السيئة للمرأة الأرملة من خلال التعاطف والمساندة بدون مبالغة وعدم جرح مشاعرها او عدم اشعارها بالشفقة، وان يتم دعمها دون التدخل في شئونها وشئون اطفالها سواء من اهلها او اهل الزوج، مساعدتها في ترتيب اولويتها بما ترى هي وليس حسب ما يرونه، والاعتراف بحقوقها كإمرأة دون الحكم عليها بأحكام مسبقة وان حياتها الشخصية ملكها وحدها.

وأخيرا الأرملة إنسانة تستحق ان تعيش مثل غيرها وبالشكل المناسب لها فإذا قررت استكمال حياتها من اجل اطفالها فهو حقها واذا ارادت الزواج ايضا هذا حقها فيجب ألا تلتفت لكلام الناس وأن تعتمد على نفسها في ادارة شئونها وشئون اطفالها.

الأرملة صغيرة السن

ومن جانبها، أوضحت الدكتورة ايمان عبد الله استشاري نفسي واسري وتربوي، أن الأرملة تمر بمشاكل نفسية عديدة خاصة بعد تعرضها لكروما الصدمة خاصة اذا تعرضت لذلك في سن صغير، لانها لا تكون مهيئة نفسها لفقدان زوجها ولكن الامر يكون ابسط الي حد ما على الارملة كبيرة السن لانها متوقعة انها تفارق الحياة او زوجها، وخصوصا الصغيرة تكون لديها اطفال صغار ويكون لديها تعلق عاطفي بزوجها وشريك حياتها لكن الشعور بالفقد يجبرنا ان ندعمها نفسيا لعدم الوقوع في مشاكل نفسية عديدة منها القلق والاكتئاب والتوتروبعض المخاوف التي تنتابها من صورة المجتمع لها او صورة عائلتها وغيرها.

المساعدة من المحيطين هامة جدا بدون التدخل في شئونها حتى لا تدخل في الشعور بالالم والرغبة في الانعزال، فنحن نأخذ بيديها من اجل مساعدتها على التأقلم مع حياتها الجديدة.

وقد تتعرض الارملة الي خلل نفسي نتيجة ارتباطها العاطفي بزوجها وتقع في بؤرة الصراع النفسي وعدم الامان النفسي والعاطفي والمادي وهذا الشعور قد يقودها للزواج لعدم وجود عائل مادي فتواجه نظرة المجتمع السيئة لها فيوقعها هذا في اضطرابات نفسية اكبر.

السعي على الأرملة

فالتعامل مع الأرملة يجب أن يكون برفق حيث أوصى بها الرسول صلى الله عليه وسلم وأوصانا بالسعي عليها وعلى أطفالها، فيجب أن نعزز ثقتها بنفسها ومن حولها ونقلل الصراعات النفسية والمادية ويجب المساندة العائلية من قبل المقربين والاصدقاء ونساعدها في توفير المادة التي من خلالها تستطيع الانفاق على الاطفال.

وهناك بعض النساء تستطيع تخطي هذه الأزمة، وفي بعض النساء ليس لديهم القدرة على تخطي الأزمة، وتلك المرأة تحتاج منا دعم أكبر في تأمين حياتها، فإذا لم تعمل نساعدها على ايجاد مصدر رزق لها ولاطفالها، ونسعى لانهاء ورق الورث الخاص بها وهذا هو ما يسمعى السعي على الارملة.

تحتاج تلك المرأة الي نموذج لرجل يكون بمثابة السن لها من الممكن ان يكون هذا الرجل أبوها أو أخوها أو عم الأولاد أو الجد، مع تصحيح نظرة المجتمع للأرملة، وتحسين الدور الإعلامي لكيفية التعامل مع الأرملة ونعدل الصورة التي شوهتها الدراما وشوها المجتمع.

ويجب استثمار وقت فراغها في شيء مفيد ودعوتها للتقرب من الله للخروج من أزمتها حتى لا تتعرض إلى "كروما مع بعد الفقدان"، ويجب أن نستوعب مشاعرها ونقولها إنك ستسابقي النبي على الجنة ونشعرها بالقوة والأمان ويجب أن ترضى بقدر الله سبحانه، فالموت حق واجب علينا جميعا.

التعامل مع الأرملة له إتيكيت

وفي السياق ذاته تقول الدكتورة دعاء بيرو خبيرة الاتيكيت والعلاقات الإنسانية ان هناك ذوقيات وآداب للتعامل مع المراة الأرملة والذي يتمثل في التالي:

*الحرص من الآخرين على الاتصال بها خصوصا في أوقات ماقبل النوم، ومابعد الاستيقاظ والاطمئنان عليها، فهذه أصعب الأوقات التي تمر بها.

* لأسرة الأرملة دور كبير تجاهها فيجب عليهم أن يقدموا لها الدعم المعنوي والمادي وإحاطتها هى وأولادها بكل الحب والرحمة والمودة و إشغال وقتها بالأنشطة والهوايات المحببة لها وممارسة الرياضة و بالعلاقات الاجتماعية والتواصل معها طوال الوقت.

*عدم جرحها تماما بالكلمات الصعبة حتى لو بدون قصد هى وأطفالها وانتقاء الكلمات اللطيفة الحنونة ونحن نتحدث معهم فيجب أن تكون لغة الحوار كلها إيجابية وتفاؤل بأن غدا أفضل لهم وأن الله سيعوضهم الكتير.

* على جيرانها الاجتماع معها وتبادل اطراف الحديث لخلق لها مناخ اجتماعي اخر.

*على الجميع وخصوصا زملاء العمل أن يتعامل مع السيدة الأرملة بشكل يحمل الكثير من الاحترام والأدب والتعاطف والتحدث معها بشكل مهذب راقى.

*يجب على المرأة الأرملة طمأنة أطفالها بعد وفاة الأب ومحاولة احتواءهم من حين لآخر وتقول لهم أن الفراق أمر من الله ليس ذنب أحد ولا يوجد من هو مسؤول عنه لأن ذلك مفهوم خاطئ وشائع بين الأطفال كما يجب الحفاظ على روتين حياتهم بشكلٍ طبيعى قدر الإمكان.

*على أسرة زوج الأرملة المتوفى أن تتعامل بكل الاخلاق والذوق والاحترام مع أرملة ابنهم المتوفى فهى أم أولاده أيضا والسؤال عنها وعن أولادها باستمرار وبشكل يومي

أضف تعليق