مجموعة العشرين.. قمة نيودلهي ترسم واقعا جديدا للعلاقة بين الشمال الغنى والجنوب المتطلع

مجموعة العشرين.. قمة نيودلهي ترسم واقعا جديدا للعلاقة بين الشمال الغنى والجنوب المتطلعمجموعة العشرين

عندما تأسست مجموعة العشرين في عام 1999 من 19 دولة، وانضم إليها الاتحاد الأوروبي، لاحقا كان شعارها (G- 20)، يعبر بصدق عن طبيعة هذا التجمع كناد للأغنياء يهدف إلى "تنسيق مواقف الدول العشرين الكبرى والأكثر غنى، وقوة اقتصادية في العالم، "ويعيش فيه ثلثا سكان العالم وتساهم بلدانه 85% من إجمالي الناتج العالمي.

إلا أنه ومع تولى الهند رئاسة المجموعة في الأول من ديسمبر 2022 وحتى 30 نوفمبر 2023 اتسقت سياساتها - وهى البلد الذى يفخر بأنه يحسب نفسه على العالم النامى – مع واقعها المتعاظم، وسجل تاريخ المجموعة للهند إسهامها في قمة نيودلهى، التى ستختتم أعمالها اليوم بإدماجها لإفريقيا فى صلب التجمع ليس كمراقب أو مشارك بل كعضو كامل العضوية.

يقول المراقبون إن هذا التطور الجديد – إدخال إفريقيا لعضوية مجموعة العشرين – هو تحول تاريخي سيكون له ما بعده في مسار المجموعة، حيث تشكل إفريقيا أكبر تجمع لبلدان العالم النامية الأقل دخلا والأعظم مواردا – تماما مثلما كانت الهند قبل نصف قرن – فعندما دق رئيس الوزراء الهندى فى جلسة افتتاح القمة ناقوس الانضمام ودعوته رئيس الاتحاد الإفريقى الحالى لأخذ مكانه كعضو كامل العضوية فى مجموعة العشرين، بدا وكأن رئيس الوزراء الهندى، يدق ناقوس البدء فى رسم واقع جديد لمستقبل المجموعة ولاقتصاد العالم.

لقد قابل الرأى العام الإفريقى بالترحاب انضمام إفريقيا ل مجموعة العشرين باعتبارها انتقال بالقارة من عالم المتسكعين على أبواب المقرضين إلى عالم الساعين إلى امتلاك أسباب القوة والتقدم مهما كان الطريق شاقا.

فقد كانت تلك الخطوة هى بداية على الطريق الصحيح للتطبيقات العملية للنهوض بإفريقيا كشريك ولاعب رئيسى فى منظومة اقتصاد العالم المتقدم، بعد أن كانت القارة لا تطمح إلى فى "مساعدات سخية" أو "قروض ميسرة"، برغم كونها سوقا بشريا يتعدى 2ر1 مليار نسمة ويتجاوز حجم ناتجه الكلى 5ر3 تريليون دولار.

وهو ما عبرت عنه صحف نيجيريا الصادرة اليوم، معتبرة أن قمة العشرين حققت انتصارا كبيرا لإفريقيا الساعية إلى الدخول إلى عالم الكبار، وعبرت عنه كذلك كلمة رئيس وزراء الهند، الذى قال إن مجموعة العشرين التي صارت إفريقيا عضوا فيها، وشهدت ميلاد ممر التجارة الشرق أوسطى بين آسيا وأوروبا تكون قد خطت الخطوة الأولى في الاتجاه الصحيح لبناء عالم الغد أمام الأجيال القادمة "عالم الثقة وتبادل المصالح" كبديل عن "عالم التشكك النمو على حساب الأخرين"، كما سيتكامل هذا الممر التجاري الدولي مع مشروع إفريقى واعد، هو مسار التجارة الإفريقى الحر الرابط بين الكونغو الديمقراطية وزامبيا وأنجولا، وسيحيل منطقة الشرق الأوسط إلى أهم مركز لتمويل الاستثمار والتنمية فى العالم، كذلك جاء الإعلان عن تدشين "ممر التجارة الشرق أوسطى"، ليشكل نقلة نوعية جديدة في عمل مجموعة العشرين وشريان اتصال يمتد بطول 1850 كم بين آسيا وشبه القارة الهندية، ويربط دولا شرق أوسطية بدول مثل نيبال وبنجلاديش، برباط تجارة ومصالح مع إيطاليا وألمانيا وفرنسا والولايات المتحدة، رابطا بذلك بين الجنوب النامى والمتطلع للرخاء والوفرة والغرب، الغنى المتقدم والقادر بإمكانياته ونقله للتكنولوجيا من انتشال 124 مليون إنسان فى دول الجنوب من براثن الفقر و العوز فى عالم الجنوب .

من جانبها قالت صحيفة "هندوستان تايمز" كبرى صحف الهند إن رئيس الوزراء الهندى ناريندرا مودى قد حقق بصمة دولية ومكانة عالمية تعزز من مكانته فى الهند كرجل دولة وزعيم للبلاد، وهو الرجل الذى سيخوض مطلع العام القادم معركة انتخابية للفوز بولاية ثالثة، قالت إن أمر اكتساحه فيها بات " مؤكدا، مستندا إلى واقع دولى اتضحت معالمه فى قمة العشرين التى رأسها مودى، واستضافته لقادة دولها خلال اليومين الماضيين ونجاحه فى العبور بالقمة من مزلقات التجاذب الروسى الغربى والصينى الأمريكى.

وقالت هندوستان تايمز إن اعلان القمة الذى تعهد فيه قادتها بخفض الانبعاثات الملوثة إلى الصفر بحلول العام 2050 كان معلم نجاح بارز لمجرياتها ومخرجاتها، كما خصص الاتحاد الاوروبى 300 مليار يورو لتطوير البنية التحتية للاستثمار الدولى فى مجال دعم التجارة فى دول المجموعة و بينها و بين دول افريقية و اسيوية و شرق اوسطية فى الفترة من 2021 و حتى 2027 وهى الاستثمارات التى اعتبرتها الصين محاولة من جانب الغرب لاجهاض مشروع " الحزام و الطريق " .

أضف تعليق

إعلان آراك 2