يهل علينا شهر ربيع الاول وهو الشهر الذي ولد فيه خير الانام سيدنا محمد صل الله عليه وسلم
ومن مظاهر تعظيمه صلى الله عليه وسلم وعلامة من علامات محبته، ولا شك أن تعظيمه وحبه مقطوع بمشروعيتهما وأنهما من أصول الإيمان، قال صلى الله عليه وسلم: " لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين" [صحيح البخاري].
ووفقًا للأزهر فإن المراد بالاحتفال بمولده صلى الله عليه وسلم: تجمع الناس على الذكر والإنشاد في مدحه والثناء عليه صلى الله عليه وسلم ومدارسة سيرته، وإطعام الطعام، ونحو ذلك؛ إعلانًا لمحبة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإظهارًا للبهجة والفرحة بيوم مجيئه صلى الله عليه وسلم إلى الدنيا.
ويكون إحياء ليلة المولد كما درج عليه المسلمون ونص عليه المؤرخون كالحافظ ابن الجوزي وابن دِحية وابن كثير وابن حجر والسيوطي وغيرهم بشتى أنواع القربات من إطعام الطعام والصيام والقيام وتلاوة القرآن والأذكار وإنشاد الأشعار والمدائح في رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كما ذكرنا وكما هو منقول آنفا عن أبي شامة والسخاوي، وبه يُعلم أن الإنشاد في هذا اليوم مشروع لا شيء فيه.
فمن الكتاب الكريم: قوله تعالى: ﴿وذَكِّرهم بأَيامِ اللهِ﴾[إبراهيم: 5] ولاشك أن من أعظم أيام الله قدرًا يوم مولده صلى الله عليه وسلم، وقوله تعالى: ﴿قُلْ بِفَضْلِ اللهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا﴾[يونس: 58] قال ابن عباس: "فضلُ الله: القرآن، ورحمتُه: مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم؛ قال الله تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاك إِلَّا رَحْمَة للْعَالمين﴾[أخرجه أبو الشيخ في تفسيره].
ومن السنة النبوية: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم سُئِل عن صوم يوم الاثنين، فقال: «ذاكَ يَومٌ وُلِدتُ فِيهِ» [مسلم في صحيحه] وفي هذا دلالة على مشروعية الاحتفال به صلى الله عليه وسلم. وأما اتفاق العلماء: فنقله الإمام الحافظ أبو شامة المقدسي في كتابه "الباعث على إنكار البدع والحوادث" (1/ 23، ط. دار الهدى) فقال: [فالبدع الحسنة متفق على جواز فعلها والاستحباب لها ورجاء الثواب لمن حسنت نيته فيها.. ومِن أحسن ما ابتُدِع في زماننا من هذا القبيل: ما كان يُفعَل بمدينة إربل -جبرها الله تعالى- كلَّ عام في اليوم الموافق ليوم مولد النبي صلى الله عليه وآله وسلم من الصدقات والمعروف، وإظهار الزينة والسرور؛ فإن ذلك -مع ما فيه من الإحسان إلى الفقراء- مشعرٌ بمحبة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وتعظيمه وجلالته في قلب فاعله، وشكرًا لله تعالى على ما منَّ به مِن إيجاد رسوله الذي أرسله رحمة للعالمين]