تحل، اليوم 16 سبتمبر، ذكرى وفاة الفنان الراحل فؤاد المهندس الذي لُقب بلقب "مهندس الكوميديا" ورحل عن عالمنا تارك لنا إرث من الأعمال الفنية المميزة في تاريخ السينما والمسرح المصري وفي السطور الآتية نستعرض لكم أهم محطاته الفنية.
فؤاد زكي محمد المهندس من مواليد 6 سبتمبر 1924. ولد في حي العباسية، في القاهرة، وهو الطفل الثالث في العائلة بعد أختين هما صفية المهندس و«درية المهندس»، والشقيق الرابع «سامي المهندس».
نشأ بمدارس العزب التركية التي كانت لها فضل كبير على تكوين شخصيته الصلبة، وكان جاره ابن حي العباسية الفنان الراحل صلاح ذو الفقار وصديقه المقرب، وكان فؤاد يعتبر عائلة ذو الفقار أساتذته ولهم دور كبير في انطلاق نجوميته في عالم الفن.
والده هو اللغوي زكي محمد المهندس، ولذلك كان منزلهم قلعة للحفاظ على اللغة العربية التي أتقنها من خلال أبيه الذي كان صاحب الفضل الأول في تنمية مواهبه الفنية.
عندما التحق بكلية التجارة، انضم لفريق التمثيل بالجامعة، وشاهد نجيب الريحاني، وأُعجب به في مسرحية الدنيا على كف عفريت، فانضم لفرقته المسرحية لعله يحظى بأحد الأدوار، إلا أن الريحاني لم يساعده كثيراً، وبعد وفاته إنضم لفرقة ساعة لقلبك منذ تأسيسها في مطلع الخمسينات، وكانت هذه بدايته مع التمثيل. في عام 1954، أعطي المخرج محمود ذو الفقار لفؤاد المهندس فرصة هامة بإسناد أول دور بطولة له في السينما في فيلم بنت الجيران أمام الفنانة شادية والذي كان من إخراج وإنتاج محمود ذو الفقار وكان بمثابة مجازفة في ذلك الوقت ولكن أقدم ذو الفقار على هذه الخطوة لإيمانه بموهبة فؤاد المهندس الكوميدية.
وفي عام 1956، أشركه المخرج عز الدين ذو الفقار في فيلم عيون سهرانة أمام الفنان صلاح ذو الفقار والفنانة شادية ثم في أفلام بين الاطلال عام 1959 ونهر الحب عام 1960 والشموع السوداء عام 1962، وفيلم موعد في البرج عام 1962 وانطلق بعدها في عالم النجومية.
حقق نجاحات كثيرة في السينما والتلفزيون، لكن ظل المسرح حبّه الأوّل، فلم يترك الخشبة التي أعطته الشهرة وأجمل ذكرياته المهنية والشخصية.
من الشواهد على عشقه الكبير للمسرح، يروي عن فؤاد المهندس أنه حين كان يقدم مسرحية "إنها حقاً عائلة محترمة" مع أمينة رزق وشويكار، كان مصاباً بجلطة في القلب، لكن الأطباء أكدوا له أنه شُفي منها بعمله على المسرح.
حقق فؤاد المهندس شهرة واسعة، تخطت مصر، فكان ضيفاً محبباً في كل بيت عربي، ولكل أفراد العائلة، كباراً وصغاراً، كما أحب أن يكون.
لم يبخل بخبرته على المواهب الشابة، كان سنداً ودعماً لها، ومن أشهر هؤلاء الفنان عادل إمام وسناء يونس. فاستحق فؤاد المهندس لقب "الأستاذ" الذي لازمه طيلة حياته، إلى جانب ألقاب كثيرة لعل أشهرها "صانع الضحكة" و"مهندس الابتسامة" و"فؤاد الكوميديا الراقية".
فؤاد وشويكار
كان الثنائي «فؤاد وشويكار» من أشهر الثنائيات الكوميدية في السينما والمسرح العربي، والتقيا للمرة الأولى في مسرحية السكرتير الفني. وقالت شويكار إنه عرض عليها الزواج أثناء تقديم مسرحية أنا وهو وهي، ليخرج عن النص قائلا: «تتجوزيني يا بسكويتة».
وتم الزواج بعد الانتهاء من تصوير فيلم هارب من الزواج، وكانت شويكار ترتدي في المشهد الأخير فستان عروسة وطرحة، وكان فؤاد المهندس يرتدي بدلة وكارفت، فاستغل الاثنان هذا المشهد وذهبا بعد التصوير إلى المأذون في الساعة الثانية صباحا لتُتوج قصة حبهما بالزواج، وذهب معهما المخرج حسن الصيفي وزوجته زهرة العلا، وكان ذلك في نوفمبر 1963م. حدث الطلاق بينهما بعد زواج دام 20 عاما.
رغم وقوع الطلاق، إلا أن أعمالهم الفنية استمرت مثل: مسرحية روحية اتخطفت ومسرحية مراتي تقريبا، وأيضا مسلسل أحلام العنكبوت وفيلم جريمة إلّا ربع. بالرغم من الانفصال، استمرت علاقة الصداقة لمدة 20 عاما حتى وفاة المهندس في 2006.
وفاته
توفي في يوم السبت 16 سبتمبر عام 2006، عن عمر يناهز 82 عامًا، على أثر أزمة قلبية مفاجئة، في 6 سبتمبر 2016.
بالرغم من أن السبب المباشر لوفاة فؤاد المهندس هو إصابته بأزمة قلبية حادة للغاية. لكن، كان هناك مقدمات كثيرة لوفاته. تراكمت تلك المقدمات منذ طلاقه من حب حياته الفنانة شويكار، وإن ظلت تربطهما صداقة قوية إلى حين وفاته. وكانت ترسل إليه طعام الغداء يومياً. فكان يحب الطعام الذي تحضره.
بعد الطلاق، عانى من اكتئاب زاد منه شعوره بالذنب تجاه طليقته وأم ولديه التي "عانت كتير وبقولوا بسببي.. ما بحبش أتكلم في الموضوع ده" كما قال في إحدى مقابلاته التلفزيونية. ثم كانت وفاة تلميذته الفنانة سناء يونس، الذي أثر فيه كثيراً.
بعد ذلك الحريق الذي نشب في غرفته والتهم جميع مقتنياته الثمينة معنويا ومادياً. كالجوائز، وشهادات التقدير، والنقود، والملابس، وصوره النادرة، وكتبه، وسيناريوهات أفلامه، وسرير الخديوي إسماعيل الذي ينام عليه، وكان اشتراه من مزاد في باريس في العام 1969، إذ كان مولعاً بالتحف النادرة. بالإضافة إلى أنه عانى كثيراً من سجن ابنه البكر محمد بسبب خلاف مع أحد البنوك، وكان مظلوماً. السبب الأخير هو رحيل صديق عمره الفنان الكبير عبد المنعم مدبولي. إذ رحل المهندس بعد رحيل مدبولي بشهر واحد.