مرارة الفقد

مرارة الفقدسعيد صلاح

الرأى21-9-2023 | 10:09

ذوقتها منذ أيام ولا تزال مرارتها فى الحلق وأظن أنها ستستمر، فقد غيب الموت قبل أيام حماتى، السيدة الفاضلة التى لم أكن أعلم أننى أحبها لهذه الدرجة، فقد علمت قدر مكانتها الكبرى فى قلبى ونفسى من قدر مرارة الفقد التى أشعر بها جراء رحيلها.

.. إنه لأمر صعب حقا، ذلك الإحساس بالفقد ولولا رحمة الله ولطفه بالعباد ومنحنا الصبر والسلوان؛ لنتحمل به ونواصل الحياة إلى أن يحين الأجل لما طاق بشر أو تحمل هذه المرارة أبدًا.
وفى مثل هذه الأوقات لا يطلب المرء أو يرجو سوى يد تربت على أو صديق كتفه وقلب شقيق يواسيه فى محنته ومصابه، والإنسانية فى أسمى معانيها تتجلى وتظهر فى مثل هذه المواقف، فما أجمل كلمة عزاء صادقة من القلب أو وقفة شقيق أو صديق كتفه فى كتفك لتعبر أزمتك وأحزانك وآلامك.

وإن كان هذا حالى – وأظنه صعب – وأنا إنسان واحد، فقد إنسانا واحدا عزيزا عليه، فما هو حال أهلنا فى المغرب وأشقائنا فى ليبيا وقد فقدوا الآلاف من ذويهم تحت الأنقاض جراء الزلزال الذى هدم بيوتهم وتحت المياه التى ابتلعت منازلهم؟..

تعجز الكلمات بطبيعتها الضعيفة عن وصف غضب الطبيعة الشرس، الذى رأيناه فى المغرب ثم ليبيا.

ماذا يحدث وهل أصبح هذا الجزء من المنطقة العربية مهددًا إلى هذا الحد نتيجة التغيرات المناخية؟
الأمر يدعو للقلق الشديد ويستدعى ضرورة أن يكون لدينا استعدادات تتماشى مع هذا النوع من الكوارث الطبيعية التى لم نعتاد عليها فى المنطقة..

يجب أن نمتلك أدواتنا وكوادرنا المؤهلة لنتمكن من التعامل بشكل جديد مع هذه الكوارث، وأن نتعاون فيما بيننا نحن العرب فى أن يكون لدينا آلية واحدة مدعمة بالإمكانات المادية العربية، لتكون قادرة على التحرك السريع والتعاون المشترك من أجل إغاثة أى دولة عربية تتعرض لمثل هذه الكوارث، فقد شاهدنا من قبل الزلزال الذى ضرب سوريا وكيف كانت المساعدات الدولية بإستثناء العربية تنظر إلى ما حدث فى سوريا بعين واحدة وتنظر إلى ما حدث فى جارتها تركيا بعشر عيون.

لابد وأن يكون هناك إتفاقية تشبه إتفاقية الدفاع المتشرك، نسميها مجازا "اتفاقية اغاثة مشتركة" تشرف عليها الجامعة العربية، أو هيئة عربية موحدة وممولة بأموالنا وإمكانياتنا بها كل الأدوات والأجهزة والكوادر البشرية المدربة المدربة تتحرك بشكل سريع للإغاثة العاجلة.. ففى مثل هذه الأوقات تظهر المعادن الحقيقية للدول ونحن العرب أولى ببعض، ولقد كان التحرك المصرى نحو ما حدث فى المغرب وبعده تحركها نحو ما حدث فى ليبيا، وكل الجهود التى بذلتها والإمكانات الجبارة التى أمر الرئيس عبد الفتاح السيسي بأن تكون رهن طلب واحتياج إخواننا فى ليبيا، تحركا نموذجيا أتمنى أن يتكرر من كل الدول الشقيقة وأن توحد هذه الجهود ويوحد كل تحرك عربى تحت راية واحدة فيما بعد، تتمكن من إغاثة أى دولة شقيقة تتعرض لكارثة طبيعية من هذا النوع.
مصر ضربت مثالا فى الدعم السريع والمساعدة والسند لأشقائها وكانت وستظل هى الشقيقة الكبرى والسند الحقيقى لكل عربى شقيق.

حفظ الله الجيش .. حفظ الله الوطن

أضف تعليق