المواطنة هى تمتع الشخص بحقوق وواجبات، وممارستها فى بقعة جغرافية معينة، لها حدود محددة، تعرف فى الوقت الراهن بالدولة القومية الحديثة التى تستند إلى حكم القانون. فى دولة المواطنة جميع المواطنين متساوون فى الحقوق والواجبات، لا تمييز بينهم بسبب الإختلاف فى الدين أو النوع أو اللون أو العرق أو الموقع الإجتماعى 00 إلخ. وبالتالى فإن القانون يحقق المساواة داخل المجتمعات، ويفرض النظام، ويجعل العلاقات بين البشر متوقعة، "أى تجرى وفق تصور مسبق يعرفه ويرتضيه الجميع".
وهى أيضاً: الرابطة الإجتماعية والقانونية بين الأفراد ومجتمعهم السياسى الديمقراطى، وهى المؤسسة الرئيسية التى تربط الأفراد ذوى الحقوق بمؤسسات الحماية للدولة ". وعليه فهى عنصر رئيسى للديمقراطية، ومن ثم فهى تستلزم واجبات ومسؤولية مهمة تصبح الديموقراطية عاجزة من دونها وتتضمن تلك الواجبات: دفع الضرائب، والخدمة فى القوات المسلحة، وإظهار الولاء للمجتمع والنظام السياسى، والمشاركة فى الحياة المدنية والسياسية، كما تتضمن مسئوليات المواطنة العمل على تضييق الفجوة بين المثالية والواقعية.
هذه المواطنة تعبر عن نفسها على أرض الواقع فى مشاركة المواطنين فى الشأن العام. يشاركون بالرأى والصوت الإنتخابى ، وممارسة المنصب السياسى. ترتبط هذه المشاركة بعمق إنتمائهم للوطن الذى يعيشون فيه ، وإستعدادهم دائماً للعمل على رقيه وتقدمه.
ولا تكتمل المساواة القانونية والمشاركة السياسية إلا بأمرين: الأول وضع إجتماعى إقتصادى يحقق للمواطن إحتياجاته الأساسية، ويجعله يتمتع بموارد مجتمعه على قدم المساواة مع غيره. والأمر الثانى مؤسسات تعليمية وتربوية تنشئ الأجيال المتلاحقة على قيم المواطنة، والمساواة، والحرية، وقبول الآخر، والتنوع.
وتتحدد مواصفات المواطنة الدولية فى: قبول ثقافات مختلفة، إحترام حق الآخرين وحريتهم، قبول ديانات مختلفة، فهم وتفعيل أيديولوجيات سياسية مختلفة، فهم إقتصاديات العالم، الإهتمام بالشؤون الدولية، المشاركة فى تشجيع السلام الدولى، المشاركة فى إدارة الصراع بطريقة اللاعنف.
هناك أربع صور أو أشكال للمواطنة:
1 - المواطنة الإيجابية: وهى التى يشعر فيها الفرد بقوة إنتمائه الوطنى، ويقوم بواجبه المتمثل فى القيام بدوره الإيجابى لمواجهة السلبيات.
2 - المواطنة السلبية: وهى شعور الفرد بإنتمائه للوطن، ولكن يتوقف عند حدود النقد السلبى، ولا يقوم بأى عمل إيجابى لإعلاء شأن وطنه.
3 - المواطنة الزائفة: وفيها يظهر الفرد حاملاً لشعارات ظاهرية فقط، بينما واقعه الحقيقى ينم عن عدم إحساس وإعتزاز بالوطن.
4 - المواطنة المطلقة: وفيها يجمع المواطن بين دوره الإيجابى والسلبى تجاه المجتمع وفقاً للظروف التى يعيش فيها ووفقاً لدوره فيها.
حقوق المواطنة: للمواطن حقوق مختلفة تتمثل فى المجال المدنى والمجال السياسى والمجال الإقتصادى والإجتماعى والثقافى والفكرى وغيرها. ويعتمد فى حقوق المواطنة على إعتبارها من حقوق الإنسان. لهذا هناك من يرى حقوق الإنسان هى حقوق المواطنة وهناك من يميز بينها. وهذا ما أميل إليه؛ حيث أرى فى حقوق المواطنة تفصيلات لحقوق الإنسان. وحقوق المواطنة تختلف من بلد لآخر بينما حقوق الإنسان حقوق عامة مستحقة داخل الوطن وخارجه. والمواطنة يترتب عليها (ثلاثة أنواع رئيسية من حقوق وحريات التى يجب أن يتمتع بها جميع المواطنين فى الدولة دونما تميز من أى نوع ولا سيما التميز بسبب العنصر أو اللون أو اللغة أو أى وضع آخر) ، وهذه الحقوق كما يلى :
1 - الحقوق المدنية : وهى مجموعة من الحقوق تتمثل فى حق المواطن فى الحياة وعدم إخضاعه للتعذيب
ولا للمعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو الإحاطة بالكرامة وعدم إجراء أية تجربة طبية أو علمية على أى مواطن دون رضاه، وعدم إسترقاق أحد والإعتراف بحرية كل مواطن طالما لا تخالف القوانين ولا تتعارض مع حرية آخرين، وحق كل مواطن فى الأمان على شخصه وعدم إعتقاله أو توقيفه تعسفياً، وحق كل مواطن فى الملكية الخاصة، وحقه فى حرية التنقل وحرية إختيار مكان إقامته داخل حدود الدولة ومغادرتها والعودة إليها وحق كل مواطن فى المساواة أمام القانون، وحقه فى أن يعترف له بالشخصية القانونية وعدم التدخل فى خصوصية المواطن أو فى شؤون أسرته أو بيته أو مراسلاته ولا لأى حملات غير قانونية تمس شرفه أو سمعته وحق كل مواطن فى حماية القانون له، وحقه فى حرية الفكر، والوجدان والدين وإعتناق الآراء وحرية التعبير وفق النظام والقانون وحق كل طفل فى إكتساب جنسيته.
2 - الحقوق السياسية : وتتمثل هذه الحقوق بحق الإنتخابات فى السلطة التشريعية والسلطات المحلية والبلديات والترشيح ، وحق كل مواطن بالعضوية فى الأحزاب وتنظيم حركات وجمعيات ومحاولة التأثير على القرار السياسي وشكل إتخاذه من خلال الحصول على المعلومات ضمن القانون والحق فى تقلد الوظائف العامة فى الدولة والحق فى التجمع السلمى.
3 - الحقوق الإقتصادية والإجتماعية والثقافية : وتتمثل الحقوق الإقتصادية أساساً بحق كل مواطن فى العمل والحق فى العمل فى ظروف منصفة والحرية النقابية من حيث النقابات والإنضمام إليها والحق فى الإضراب ، وتتمثل الحقوق الاجتماعية بحق كل مواطن بحد أدنى من الرفاه الإجتماعى والإقتصادى وتوفير الحماية الإجتماعية والحق فى الرعاية الصحية والحق فى الغداء الكافى والحق فى التأمين الإجتماعى والحق فى المسكن والحق فى المساعدة والحق فى التنمية والحق فى بيئة نظيفة والحق فى الخدمات كافية لكل مواطن ، وتتمثل الحقوق الثقافية بحق كل مواطن بالتعليم والثقافة.
ومن أبرز ملامح حرص الدولة على إعلاء قيم المواطنة هو قيام الدولة بإنشاء دور للعبادة بالمدن الجديدة لإخواننا وأشقائنا فى الوطن الأخوة المسيحيين وكذا إقرار قانون بناء الكنائس فى مصر.
وفى الختام نوصى بأهمية تعزيز قيم المواطنة والتى تتمثل من وجهة نظرى فى: تأمين سبل العيش الكريم للأسر غير القادرة على توفير إحتاجاتها الأساسية، الإستقرار والإحساس بالأمن والأمان، توفير العدالة الإجتماعية والمساواة للجميع أمام القانون دون إستثناء، مكافحة ظاهرة الفساد بكافة أشكاله بحزم وشفافية، توفير فرص عمل مناسبة للشباب مع إعتماد سلم رواتب مجزى يتناسب مع ظروفهم المعيشية، تأسيس هيئة عليا تختص بقضايا الشباب ودراسة مشكلاتهم لمعالجة قضاياهم وتعزيز مواطنتهم داخل الوطن وخارجه.
كذلك من المقومات الهامة جداً: تمتع المواطن بحقوقه مقابل الواجبات المطلوبة منه، توفير كافة الخدمات كالتعليم والصحة وغيرها للجميع دون إستثناء، معالجة مشكلة التعصب بكافة أشكاله وأنواعه، تحقيق التنمية
العادلة المتوازنة بين كافة المناطق، تهيئة الظروف الملائمة لتحقيق تكافؤ الفرص أمام الجميع عند التوظيف وتقلد المناصب، التأهيل المناسب لمنسوبى أجهزة الأمن لتوضيح أهمية ممارسة قيم المواطنة لدى المواطن فى تعزيز الأمن الوقائى، العمل على إظهار القدوة الصالحة بموضوعية وتشجيعها ومكافأتها. وكذا تنمية الوعى بالعمق الإستراتيجى والدينى للوطن إقليمياً وعربياً وإسلامياً وعالمياً.
.....................................
الكاتب:
– إستشارى الدفاع والأمن القومى
– زميل أكاديمية ناصر العسكرية العليا