القى الدكتور محمد شاكر وزير الكهرباء والطاقة المتجددة، كلمة في المؤتمر الدولي لربط الطاقة والمنعقد في مدينة بكين بـ الصين خلال الفترة من 25 إلى 27 سبتمبر الجاري.
وفي بداية كلمته أعرب الدكتور شاكر، عن إمتنانه لمنظمة تنمية وتعاون ربط الطاقة العالمية (GEIDCO)، لجهودها الصادقة والمبتكرة والحلول المقدمة لتلبية احتياجات العالم من الطاقة.
وأعرب عن تقديرة للمنظمة لدعوته للمشاركة في هذا الحدث الهام، معرباً عن أمله أن يكون فرصة عظيمة لتبادل المعرفة والخبرات لتعزيز التحول إلى الطاقة الخضراء وخفض انبعاثات الكربون وإلقاء الضوء على دور ربط الطاقة العالمي.
وقدم الشكر للحكومة الصينية على الدعم الذي قدمته لـ مصر على مدى العقود الماضية التي شهدت تعاونا في مختلف المجالات، وخاصة في مجال الكهرباء والطاقة المتجددة، والذي يعتبر أحد القطاعات الرئيسية لركائز التنمية.
وأشار "شاكر" إلى أن الأرض تشهد نطاقًا غير مألوف من الأحداث المناخية القاسية، مثل موجات الحر والفيضانات وحرائق الغابات والأوبئة - وهو تحذير ورسالة واضحة - لذا وجب على الجميع التحرك للانتقال إلى مستقبل منخفض الكربون مثلما تم التعهد في اتفاق باريس، وتعد هذه هي الدوافع التي تقود إلى تحول الطاقة الذي سيتطلب تغيير شكل إنتاج واستهلاك الكهرباء.
وأوضح، إن التحول العالمي في مجال الطاقة هو أكثر من مجرد تحول بسيط في قطاع الطاقة - فهو تحول متعدد الأبعاد، ويتطور من حيث التكنولوجيات والإقتصاد الإجتماعي والمحركات المؤسسية وأشكال التمويل.
كما أشار، إنه منذ زمن طويل، بدأ قطاع الكهرباء والطاقة المتجددة المصري في التحول إلى مصادر الكهرباء منخفضة الكربون، حيث يعتمد بشكل أساسي على استغلال موارد الطاقة المتجددة والمساهمة بشكل كبير في تحسين كفاءة الطاقة وتأمين إمدادات الكهرباء وتقليل الانبعاثات.
حيث تمت الموافقة على (استراتيجية الطاقة المستدامة المتكاملة لعام 2035) والتي ستصل فيها نسبة مساهمة الطاقة المتجددة في مزيج الطاقة إلى 42% بحلول عام 2035، هناك توافق بين رؤية مصر للطاقة 2035، وأهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة 2030، ويتم حاليًا تحديث استراتيجية الطاقة حتى عام 2040، في ضوء التطورات العالمية المتعلقة بتقنيات الطاقة المتجددة وتطوير تقنيات تخزين الطاقة والتوجه الجديد نحو الهيدروجين.
وفي نفس السياق، تم تخصيص 26500 كيلومتر مربع لتنفيذ مشروعات الطاقة المتجددة بقدرات تصل إلى حوالي 128 جيجاوات من طاقة الشمس وطاقة الرياح.
ولتحقيق هذه الرؤية الطموحة في استغلال الموارد المتجددة، فقد تم اتخاذ العديد من الإجراءات وتقديم عدد من الحوافز لتشجيع مشاركة القطاع الخاص في تنفيذ المشروعات ذات الصلة انطلاقاً من القناعة بأن جذب الاستثمارات الخاصة سيلعب دوراً رئيسياً في تحقيق الأهداف المرجوه.
وقد تبنت الحكومة برنامج تعريفة التغذية والذي نجح في جذب 32 مستثمراً دولياً ومحلياً لتنفيذ مشروع محطة بنبان للطاقة الشمسية، وهو الأكبر في منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا ويقع بالقرب من مدينة أسوان، بقدرة إجمالية تبلغ حوالي 1465 ميجاوات، مما يساهم في خفض الانبعاثات الكربونية بما يقدر بحوالي 2 مليون طن، وجدير بالذكر أن هذا المشروع قد حصل على جائزة أفضل مشروع على مستوى العالم من قبل البنك الدولي.
ونتيجة لهذه الإجراءات، أصبح لعدد كبير من المستثمرين ثقة كبيرة في قطاع الكهرباء والطاقة المصري، وتم تشجيع المستثمرين الأجانب والمحليين على الإستثمار في مشروعات القطاع.
وفي هذا السياق، فقد تم التوقيع على 4 مذكرات تفاهم خلال مؤتمر COP 27 لتنفيذ مشروعات من طاقة الرياح بقدرة إجمالية تصل إلى حوالي 28 جيجاوات.
وأضاف الوزير، أن قطاع الكهرباء والطاقة المتجددة المصري قام خلال الفترات الماضية بالتركيز على التقنيات المبتكرة الحديثة والتي ستساعد في الطريق نحو التحول في الطاقة، مثل تحويل النفايات إلى طاقة، السيارات الكهربائية، والشبكات الذكية، وتحلية المياه باستخدام الطاقات المتجددة، وتخزين الطاقة، وتم اتخاذ خطوات هامة تهدف إلى استكشاف الإمكانات المتاحة وتطوير استخدام الهيدروجين الأخضر.
ويعد الهيدروجين الأخضر أحد العناصر الأساسية لإزالة الكربون وتعزيز التحول إلى الطاقة النظيفة، وقد حثت القيادة المصرية على إعداد استراتيجية وطنية متكاملة لإنتاج الهيدروجين منخفض الكربون بإعتباره مصدراً واعداً للطاقة في المستقبل القريب، وتم اتخاذ الكثير من الإجراءات لتطوير الهيدروجين في مصر.
كما أضاف، إنه تم الإنتهاء من الإستراتيجية الوطنية للهيدروجين وتجري مراجعتها تمهيداً لإعتمادها من قبل المجلس الأعلى للطاقة.
وتتضمن الإستراتيجية أن مصر ستكون واحدة من الدول الرائدة عالميًا في اقتصاد الهيدروجين منخفض الكربون، وذلك باستخدام الخبرات والابتكارات الرائدة عالميًا في إنتاج وتصدير الهيدروجين ومشتقاته، وستستفيد مصر من قدرتها التنافسية لتحقيق خططها الطموحة في قطاع الهيدروجين، والتي تستهدف ما يصل إلى 8% من السوق العالمية القابلة للتداول بحلول عام 2040.
ومن المتوقع أن يزيد الطلب على الهيدروجين الأخضر ليصل في المستقبل القريب إلى ضعف الطلب الحالي، ومن المتوقع أن يتم طرح هذا الهيدروجين في السوق الدولية، ومن المتوقع أن يكون لذلك تأثير إيجابي على الاقتصاد الوطني على النحو التالي:
- الحصول على نسبة كبيرة من السوق مما سيساعد في تعزيز الناتج المحلي الإجمالي في مصر.
- تعظيم تصدير الهيدروجين الأخضر ومشتقاته.
- تعظيم سلسلة القيمة في مصر، من خلال إنشاء وتوطين صناعة المحلل الكهربائي وصناعة الطاقة المتجددة.
- المساهمة في الحد من الانبعاثات الكربونية من القطاعات الصناعية الرائدة في مصر.
- أمن الطاقة: ستؤدي زيادة إنتاج الهيدروجين محلياً إلى زيادة أمن الطاقة لمصر، مع تقليل الاعتماد على الواردات البترولية.
- خلق الآلاف من فرص العمل،. مع التدريب المناسب.
وبالتوازي مع إعداد الاستراتيجية تقدمت العديد من التحالفات الدولية والمحلية بطلبات للتعاون في مجال الهيدروجين الأخضر، وتم توقيع 23 مذكرة تفاهم للبدء في إعداد الدراسات الفنية والمالية، وشهد مؤتمر COP 27 العديد من الفعاليات المتعلقة بمشروعات الهيدروجين الأخضر، بما في ذلك إفتتاح المشروع التجريبي لإنتاج الهيدروجين الأخضر بقدرة 100 ميجاوات، بالإضافة إلى توقيع اتفاقيات إطارية لمشروعات إنتاج الهيدروجين الأخضر (مع 9 مطورين)، وكذلك توقيع مذكرة تفاهم بين الاتحاد الأوروبي وجمهورية مصر العربية بشأن الشراكة الاستراتيجية في مجال الهيدروجين الأخضر.
بالإضافة إلى ذلك، تم التوقيع على إعلان نوايا مشترك بين مصر و ألمانيا للتعاون في مجالات الهيدروجين الأخضر، بهدف تأمين إمدادات الطاقة النظيفة وتحقيق التنمية المستدامة ومواجهة تغير المناخ.
كما أشار إلى المبادرة التي تم إطلاقها خلال مؤتمر COP 27 (المنتدى العالمي للهيدروجين المتجدد)، والذي سيمثل منصة لحوار مستدام حول الهيدروجين المتجدد بين جميع المساهمين.
وأوضح "شاكر" أن كفاءة الطاقة تعد أحد الحلول الأكثر سهولة لمواجهة تحدي تغير المناخ من خلال خفض انبعاثات الغازات أيضًا لمواجهة أزمة الطاقة العالمية.
وفي هذا الصدد، خلال السنوات القليلة الماضية، اتخذ قطاع الكهرباء في مصر عدد من الإجراءات لتعزيز كفاءة الطاقة في جانب الإمداد بالطاقة، مثل بناء ثلاثة محطات ضخمة لتوليد الطاقة بقدرة 14.4 جيجاوات ذات الدورة المركبة عالية الكفاءة (60.5%)، بالإضافة إلى تحويل محطات توليد الكهرباء ذات الدورة البسيطة إلى محطات ذات الدورة المركبة وذلك بإضافة 1850 ميجاوات وتطبيق أنظمة الصيانة المبرمجة.
ونتيجة لهذه الإجراءات انخفض إستهلاك الوقود من 214 جرام/ك.و.س عام 2015/2016 إلى 172 جرام/ك.و.س في يونيو 2023، بالإضافة إلى خفض 20 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون.
وخلال مؤتمر COP 27، تم إصدار أول تقرير عن كفاءة الطاقة في مصر، والذي يسلط الضوء على توفير الطاقة في جانبي الامداد والطلب للكهرباء، وترشيد الطاقة يعني ترشيد الوقود، الذي يؤدي إلى توفير المال وخفض الانبعاثات.
وأشار الوزير إلى أن مصر تتمتع بموقع متميز بين القارات الثلاث (إفريقيا - آسيا - أوروبا)، مما يسمح لـ مصر أن تلعب دور حيوي في جميع مشروعات الربط الكهربائي الإقليمي، ومن المتوقع أن تكون مصر مركزًا إقليمياً للطاقة يربط بين إفريقيا و أوروبا وآسيا.
وهناك العديد من مشاريع الربط مع الدول المجاورة مثل الأردن بقدرة إجمالية تبلغ 550 ميجاوات وسيتم زيادتها إلى 2000 ميجاوات، والسودان بقدرة 80 ميجاوات وسيتم زيادتها إلى 300 ميجاوات، وليبيا بقدرة 160 ميجاوات، بالإضافة إلى مشروع الربط الكهربائي الجارى تنفيذه مع المملكة العربية السعودية بقدرة 3000 ميجاوات.
علاوة على ذلك، تعمل مصر حاليًا على العديد من المشروعات بما في ذلك الربط مع اليونان وقبرص وإيطاليا والذي سيكون خطوة لتصدير الكهرباء النظيفة إلى أوروبا.
وعلى المستوى الإفريقي، ترعى مصر حاليًا الخطة الرئيسية للنقل القاري، والتي طورتها وكالة تنمية الاتحاد الإفريقي، ويهدف هذا المشروع إلى إنشاء شبكة نقل قارية متكاملة لربط جميع مجمعات الطاقة الإقليمية بنظام نقل موحد وشبكة نقل الكهرباء.
بالإضافة إلى ذلك، تعد مصر عضوًا أساسيًا في مجمع الطاقة لشرق إفريقيا (EAPP)، الذي يهدف إلى تسهيل التشغيل الآمن والفعال للنظام الكهربائي في منطقة شرق إفريقيا، بالإضافة إلى تطوير سوق الكهرباء التنافسية في منطقة شرق إفريقيا.
وأشار الوزير خلال كلمته، إلى التعاون مع (جيدكو) في مجال ربط الطاقة العالمي ومذكرة التفاهم التي تم توقيعها في عام 2017، بهدف العمل على تعزيز مفهوم الربط الكهربائي العالمي (GEI) في مصر والدول العربية، وتسهيل الربط الكهربائى بين الدول العربية وتعزيز التطوير والاستخدام الأمثل للطاقة المتجددة في مصر على نطاق جيولوجي كبير وتحقيق التكامل مع الشبكة.
وخلال السنوات الخمس الماضية، وحتى خلال الجائحة التي وقفت حاجزًا وتحديًا كبيرًا أمام المنظمة لتحقيق أهدافها، نظمت (جيديكو) العديد من ورش العمل والندوات كمنصة لتبادل المعرفة والخبرات في مجال الربط الطاقي العالمي، ودوره في التخفيف من حدة تغير المناخ العالمي.
وأوضح الدكتور شاكر وزير الكهرباء والطاقة المتجددة، أنه سيتم اليوم توقيع تجديد مذكرة التفاهم لمواصلة ما بدأناه مع (جيدكو)، للبدء في فصل جديد من التعاون المثمر.
وفي نهاية كلمته أكد الوزير على أهمية:
- دعم وتشجيع القطاع الخاص للاستثمار في مشروعات الطاقة المتجددة، مع الأخذ في الاعتبار معدلات النمو العالمية وتوفير فرص عمل جديدة للشباب.
- زيادة المشاركة في المشروعات البحثية لتطوير مكونات وتقنيات إنتاج الطاقة الشمسية وطاقة الرياح بالإضافة إلى توطين هذه التقنيات.
- أهمية إيجاد مصادر تمويل غير تقليدية والتعاون مع مؤسسات التمويل الدولية وبناء القدرات.
وأعرب الدكتور شاكر، عن شكره وتقديره الشخصي لمنظمة (جيدكو) على تعاونها الصادق لتعزيز الاستدامة وتسريع نشر الطاقة المتجددة في جميع أنحاء العالم.