فشل محمد عثمان إسماعيل فى إقناع مرشد الإخوان عمر التلمسانى، بفكرة السماح للجماعة بالعودة وممارسة نشاطها بشكل رسمى ومعلن مقابل تنفيذ شرطى السادات وهما تغيير مسمى الجماعة، وحل التنظيم السرى، وكما أسلفنا كانت الفكرة بالأساس لمحمد عثمان إسماعيل، فلما رفضها التلمسانى، وشعر إسماعيل بالحرج، عاد الأخير إلى الرئيس السادات بفكرة جديدة، وهى تكوين جماعات إسلامية فى الجامعات، وكان هدفه أن يكون هناك ظهير شعبي ذو عقيدة حقيقية "ليس من جماعات المنتفعين بالعمل السياسى"، يدعم هذا الظهير الرئيس السادات فى صراعه ضد الشيوعيين المنتشرين فى الجامعات، والإعلام، والحياة الثقافية، حسب قوله.
وافق السادات على فكرة محمد عثمان إسماعيل، كما وافقه على أن يتولى تنفيذها بنفسه، واستعان الأخير بمدير مكتبه فى أمانة الاتحاد الاشتراكى ليعاونه، وبدأ الاثنان فى اختيار بعض الطلاب "على أسس أخلاقية"، كنواة لتلك الجماعات، وكانت بداية النشاط فى كلية الهندسة بجامعة القاهرة، وأنا هنا أنقل عن لسان محمد عثمان إسماعيل فى مذكراته.
كان التركيز فى العمل على النشاط الطلابى، وتقديم الخدمات من طلاب هذه الجماعات لزملائهم، مثل طبع الكتب غالية الثمن، وطرحها بأسعار زهيدة جدا، وتنظيم الرحلات والمسابقات الدينية، التى وصلت جوائزها لأداء عمرة مجانية، وكان الهدف سحب البساط من تحت أقدام الطلبة الشيوعيين واليساريين والناصريين، كما أسلفنا، ونجحت الفكرة فى جذب العديد من الطلاب، وانتقلت من جامعة القاهرة إلى نظيرتها بالإسكندرية، ثم أسيوط، ودخل أعضاء الجماعات انتخابات اتحادات الطلاب، واكتسحوها، وبدت الأمور جيدة.
ويدافع محمد عثمان إسماعيل بشدة عن فكرته فى بدايتها، وعن الطلبة الذين آمنوا بها، وهو يظن أنها كانت فكرة اجتماعية وأخلاقية وليست مؤدلجة، ومن انضموا إليها من الطلبة كانوا مخلصين لها، ولم يطلبوا ثمن ما يقومون به لا أموال، ولا مناصب، ولم يعرض عليهم رشوة، لكن كان لممدوح سالم وزير الداخلية فى هذا الوقت رأى آخر مخالف للفكرة، والتوجه، حتى ولو كان ما يحدث بمباركة الرئيس السادات، علاوة على ما سبق كانت هناك حزازات سابقة بين ممدوح سالم، ومحمد عثمان إسماعيل، وكانت هناك تخوفات كبيرة من الأمن الذى بدأ يراقب عن كثب نشاط الجماعات الوليدة، عبر اختراقها، وفى مواجهة مع وزير الداخلية سأل إسماعيل الأخير لماذا لا تفعلون هذا مع الشيوعيين فرد عليه ممدوح سالم: "الشيوعيون ممكن نلمهم خلال ساعتين على طول البلد من الإسكندرية لأسوان أما الفكر الإسلامى، فهو مثل الحصان الجامح إذا ترك له العنان فلن يستطيع أحد السيطرة عليه"..
وللحديث بقية..