"أهلا وسهلا بحامــيها وفاديــها/ ومرحبـاً وسلامــاً يا عرابيهــا/ وبالكرامة يا من راح يفضحها/ ومقدم الخـير يا من جاء يخـزيـهـا/ وعد لها حين لا تـُغـْنى مدافعها / عن الزعيم ولا تجدى طوابيها".
بهذه الكلمات هجا أمير الشعراء أحمد شوقي، الزعيم الراحل أحمد عرابي فى قصيدة له نُشرت ب جريدة اللواء في العدد 600 بتاريخ 19 سبتمبر 1901 بعنوان "عرابي وما جنى".
القصيدة سالفة الذكر، والتى نشرت دون توقيع، قبل أن يتضح فيما بعد أنها لأمير الشعراء أحمد شوقي، والذي تحل اليوم ذكرى رحيله الواحدة والتسعون إذ رحل في 14 أكتوبر 1932، تركت من وقتها سؤالاً، لعله لا يزال يبحث عن إجابة واضحة: هل كان أمير الشعراء أحمد شوقي خصماً للزعيم أحمد عرابي؟.
شوقي وعرابي.. علاقة معقدة
بعد هزيمة "عرابي" في معركة التل الكبير، تم القبض عليه ومحاكمته بعد دخول الإنجليز مصر، وصُدر الحكم عليه بالنفي إلى جزيرة سيلان في 3 ديسمبر 1882.
عاد أحمد عرابي من المنفى بعد عشرين عاماً ومعه محمود سامي البارودي بعد 18 عاماً، عاد هذا الأخير من أجل إصابته بالعمى من شدة التعذيب وسوء صحته.لدى عودته من المنفى عام 1903، و شن الحزب الوطني و جريدتها الموالية للخديوي عباس حلمي الثاني هجوماً شرساً على "عرابي" واتهامه بالخيانة والتقصير نتيجة هزيمته التي كانت نتيجتها احتلال مصر من قبل الإنجليز، كما تم اقتطاع جزء من تصريحاته الصحفية بعد الإفراج عنه والتي قد يفهم منها أنه يتزلف للإنجليز.
يروي الكاتب والمؤرخ محمود الخفيف فى كتابه "أحمد عرابى: الزعيم المفترى عليه"، فسر سر الهجوم على عرابى، بأن جريدة اللواء كانت تناصر الخديوى عباس حلمى الثانى، ورأت أن تتلقى عرابى لقاء كريها ابتغاء مرضاته، كما رأى شوقى شاعر الأمير أن يهجو الزعيم العائد من المنفى فى ذلك الوقت، تزلفا إلى الأمير، وعملا بسنة قديمة للشعراء مؤداها أن يمتدح الشاعر من يرضى عنه أميره، وأن يذم من يغضب عليه ذلك الأمير دون أن يكون بين الشاعر وبين من يمدح أو يذم أية صلة.
وكتبت جريدة اللواء حينها وهى تعلم أنها كاذبة بحسب وصف المؤلف، تقول: "إن اللورد كرومر جاء بنفسه إلى محطة القاهرة لاستقبال عرابى"، وذلك لتلقى روع الناس أن عرابى من صنائع الإنجليز، ونشر شوقى قصيدة قال فى مطلعها: صغار فى الذهاب وفى الإياب/ أهذا كل شأنك يا عرابى؟".
كما كتب الكاتب والناقد رجاء النقاش، تفسيرا من جانبه الدوافع التى دفعت شوقى لكتابة 3 قصائد ضد عرابى حيث قال فى مقالة له نشرت بجريدة الأهرام فى العدد 42440 بتاريخ 16 فبراير عام 2003، بعنوان "أحمد شوقى.. متهم أم مظلوم؟"، أن "شوقي" كان معروفاً بحيائه الشديد وبأنه يحب ألا يخوض أية معارك شخصية أو أدبية، كما أنه كان شاعراً محباً لمصر، فهو وطنى أصيل، ويشهد بذلك شعره الملىء بالتعاطف مع الشعب وقضاياه المختلفة، ولكن وضع شوقى الرسمى، كموظف كبير فى بلاط الخديوى توفيق وابنه الخديوى عباس حلمى الثانى، هو الذى دفع الشاعر الكبير إلى أن يكتب قصائده الثلاث ضد عرابى. وبعد الجهد العلمى الذى قدمه الدكتور الحوفى لإثبات نسبة القصائد الهجائية الثلاث إلى شوقى، لم يعد هناك ما يبرر إنكار نسبة هذه القصائد إلى صاحبها.