كتب: عمرو حسين
شهدت العلاقات المصرية الإثيوبية فى الآونة الأخيرة ازدهارا كبيرا، منذ وصول رئيس الوزراء الإثيوبى آبى أحمد، المنتمى لجماعة الأورموا، وهو ما أغضب العديد من القوى الكبرى وأصحاب المصالح فى الداخل الإثيوبى والتأثير فى محيطها الإقليمى، فجاء مقتل سيمجنيو بيكلى، مدير مشروع سد النهضة الإثيوبى، اليوم الخميس، لضرب العلاقات بين البلدين، فهل تنجح الفتنة فى تحقيق غرضها؟ أم أن الثقة بين طرفى النيل ستغرق المتلاعبين بأحلام التكامل الأفريقى؟.
وأكدت الإدارة المصرية مرارا، على لسان رئيس الجمهورية، عبد الفتاح السيسي، أنها تدير سياسة شريفة فى زمن عز فيه الشرف، وكان التجاوب الإثيوبى من جانب رئيس الوزراء - أعلى سلطة فى البلاد - على قدر الحدث، وهو ما انعكس على ارتفاع معدلات الرضاء الشعبى وتراجع حالة السخط، ما مثل انفراجة فيما سمية إعلاميا "أزمة سد النهضة"، وحقيقة الأمر أن روح التعاون حولت الأزمة إلى مشروع تنموى، حيث تراجعت سياسة المباريات الصفرية "zero game" التى تلعبها القوى الدولية، وتحققت سياسة المباريات التى يكسب فيها الجميع "all win game".
فعلى الصعيد السياسى، بدأ رئيس الوزراء الإثيوبى، زيارة للقاهرة أقسم خلالها بالله ثلاثا بعدم الإضرار بمصالح واستخدامات مصر المائية من نهر النيل، فى رسالة طمأنة للشعب المصرى، وتوافق الرئيسان على تبنى رؤية مشتركة بين الدولتين قائمة على احترام حق كلٍ منهما فى تحقيق التنمية دون المساس بحقوق الطرف الآخر، وتوافر الإرادتين السياسية والشعبية للتوسع بآفاق العلاقات بين البلدين لتشمل كافة المجالات.
وعلى الصعيد العسكرى توجهت القاهرة للوساطة فى تسوية النزاع الإثيوبي - الإريترى الذى أندلع منذ العام 1998 حول إقليم بادمة الحدودى، فكان ذلك التصالح التاريخى مع الجارة إريتريا، بعد لقاء تاريخي بين رئيس الحكومة الإثيوبي آبي أحمد والرئيس الإريتري إيسايس أفورقي فى أسمرة، وتم إعادة فتح السفارات والحدود بينهما بعد 20 عاما من الحرب بين البلدين الجارين في القرن الإفريقي.
وحقق التصالح منطلقا اقتصاديا، وقال أبي "اتفقنا على بدء تشغيل خط الطيران وفتح الموانئ لكي يتمكن المواطنون من التنقل بين البلدين وإعادة فتح السفارات"، مضيفا "سنهدم الجدار وسنبني بالمحبة جسرا بين البلدين". وسيسمح فتح موانئ إريتريا أمام إثيوبيا بتحقيق وافر اقتصادي للبلدين، كما سيشكل تحديا للهيمنة المتزايدة لجيبوتي التي استفادت من استيراد وتصدير البضائع من وإلى إثيوبيا.
يشار إلى أنه فى 1993 أعلنت إريتريا، التي كانت منفذًا إثيوبيا على البحر بمينائى عصب ومصوع، استقلالها بعدما طردت القوات الإثيوبية من أراضيها في 1991 بعد حرب استمرت ثلاثة عقود. وحولت إثيوبيا البالغ عدد سكانها أكثر من 100 مليون نسمة إلى دولة حبيسة دون منفذ بحري، ما دفعها إلى اعتماد جيبوتي منفذا بحريا لصادراتها.
التقارب بين القاهرة وأديس أبابا حقق منافع للبلدين وبالطبيعة أضر بمصالح أعدائهم، فجاء حادث اغتيال قائد مشروع سد النهضة الاثيوبي، المهندس سيمين بقل المدير التنفيذي، بطلق نارى داخل سيارته، ليكون مدخلا للوقيعة والفتنة، فهل يحد من تطور العلاقات بين البلدين الكبيرين؟.