حرصاً على اظهار المناطق الأثرية بمنطقة أثار الإسكندرية بالمظهر الحضاري اللائق، قامت منطقة أثار غرب الإسكندرية بأعمال تنسيق حدائق منطقة كوم الناضورة الأثرية وتقليم النخيل تحت إشراف كريم عودة مدير منطقة غرب الإسكندرية، والمهندسة الزراعية أمل يوسف، كما تم التنسيق مع حي الجمرك لرفع المخلفات الزراعية بالمنطقة.
ويقول محمد متولي مدير عام أثار الإسكندرية، أن تل كوم الناضورة الأثري، أحد أهم وأشهر وأقدم المناطق الأثرية الإسلامية في الإسكندرية، وتأتي أهميتها من كونها شهدت عصورًا تاريخية وأحداثًا عديدة، مثل العصر الفاطمي و الحملة الفرنسية وعصر الأسرة العلوية والاحتلال الإنجليزي.
وتضم منطقة أثار كوم الناضورة العديد من قبور الصحابة والتابعين الذين وفدوا إلى مصر، مما أكسبها شهرة واسعة خلال فترات كبيرة من الزمان، حيث تقع المنطقة في قلب المدينة القديمة وبالتحديد في شارع بحري بك، التابع لقسم اللبان من حي الجمرك، ويحيطه من الجهة الشمالية شارع حمام الورشة، والجهة الجنوبية شارع بحري بك، والجهة الشرقية شارع الجزائر، والجهة الغربية شارع الباب الأخضر.
ومساحة الموقع 6 أفدنة وسجل في عداد الآثار كأثر إسلامي بموجب القرار 2375 لسنة 1996، والتل يرتفع بمعدل 25 مترًا عن سطح الأرض من البوابة الرئيسية للموقع، وبواقع 50 مترًا من أعلى نقطة في برج الإشارة أعلى التل ذاته، ولعل أبرز ما يميزه هو احتوائه على عدد كبير من المباني الأثرية، التي شهدت على عصور مختلفة ما يزيد من قيمة ذلك المكان وتاريخه ودوره في حقب تاريخية مهمة.
وظل الموقع لسنوات عديدة يُعرف بإسم «کوم وعلة»، نسبة إلى عبدالرحمن بن وعلة المصري السبئي التابعي الجليل، صاحب ابن عباس الصحابي الشهير، الذي يعتبر أول من دفن بها فَنُسبت المقبرة إليه، وكذلك في نهاية القرن الثاني الهجري، ومن أشهر من دفن بها بعد ذلك «الحافظ السلفي» و«أبوبكر الطرطوشي» في القرن السادس الهجري و«عبدالرحمن بن هرمز»، وغيرهم من الصحابة والتابعين، حيث يضم الموقع شواهد قبور عديدة.
وكانت المنطقة تستخدم كمزار نظرًا لانتشار القبور داخلها، إلا أنه بعد ذلك وبالتحديد في عهد الحملة الفرنسية على مصر انتهى دور التل في استخدامه كمقابر لدفن الموتى، وبدأت الحملة الفرنسية في تشييد عدد من المباني به، حيث أمر نابليون بونابرت قائد الحملة الفرنسية، بإنشاء طابية عُرفت بإسم (طابية كافاريللي)، نسبة إلى دوفالجا كافاريللي أحد مهندسي الاستحكامات الحربية في الجيش الفرنسي، والذي توفى أثناء حصار عكا في أبريل 1799، وجرى إطلاق إسمه على الطابية تكريمًا وتخليدًا لذكراه.
وتتكون (طابية كافاريللي) من حجرتين، ويتم النزول إليها من خلال سلم درج هابط وتفتح على حجرتين من الداخل، مطلتين على الواجهة الغربية من التل على شارع السكة الجديدة أو الباب الأخضر، يعلو الطابيه مبنى مكون من 3 حجرات، وفي عهد محمد علي باشا وخلفائه، تم إنشاء صهريج للمياه عام 1839، ومن ثم تم إنشاء مرصد صغير لدراسة العلوم الفلكية وبداية ونهاية الشهور الهجرية، ويرجع ذلك لعام 1876، في عهد الخديوي إسماعيل، وهو على شكل مثمن متعدد الأضلاع، حيث كان يرى من خلاله الميناء بالكامل، كما يضم ثكنة للمأمور الإنجليزي، وهي مكونة من حجرتين، ويتم الصعود إليها بسلم، وأهم ما يميزها هو الروابط المعدنية، بل تعتبر أهم ما يميز العمارة الإنجليزية وقتها.
وجرى إنشاء برج الإشارة على ارتفاع قرابة 25 مترًا، وفي عام 1929، وهو موجود في منتصف التل ليكشف قلعة قايتباي والبحر، والمنطقة كانت تتبع محافظة الإسكندرية إلى أن صدر لها قرار إخضاع للمجلس الأعلى للآثار في عام 1982، وفي 1996 صدر قرار تسجيلها.
وتضم منطقة أثار كوم الناضورة 6 أبنية أثرية مهمة، تشمل برج الإشارة الذي يرجع تاريخه لعام 1929، والصهريج وهو عبارة عن حجرة مستطيلة الشكل، سقفها مقبب بقبو برميلي، وغطيت جدرانه بطبقة من المصيص الوردي يتوسط الجدار الشرقي من الصهريج، و(طابية كافاريللي) عبارة عن قبو برميلي من الحجر الجيري، ويتوصل إليها عن طريق ممر مزود بدرج هابط.
ويفتح بكل منهما شباك مستطيل الشكل يطل على الجهة الغربية من المنطقة، وحجرات المرصد التي تم إنشاؤها أعلى طابية كافاريللي ويتكون من أربع حجرات: الأولى والرابعة مساحتهما أقل من مساحة الحجرة الثانية والثالثة، وهي حجرات مستطيلة الشكل ذات سقف مسطح، بنيت من الحجر الجيري، تعلو هذه الحجرات حجرة مثمنة الشكل بنيت من الطوب الأحمر، فضلًا عن مسكن المأمور الإنجليزى، الذي يتكون من 3 حجرات وقاعة، وسقف المبنى بسقف مسطح على الطراز الانجليزي.