قنابل عرفات

قنابل عرفاتأحمد النومي

الرأى22-10-2023 | 18:42

إعادة رسم خريطة الشرق الأوسط، ظل هاجسا لدى دولة الاحتلال وحليفتها أمريكا طوال عقود مضت، ولعل حرب الإبادة الحالية، التي تشنها إسرائيل على سكان غزة هي الجزء الثاني من مخطط التطهير العرقي، بعد التطهير الأول بإعلان ديفيد بن جوريون قيام إسرائيل، وعودة الشعب اليهودي إلى ما أسماه "أرضه التاريخية".

انتهج الكيان المحتل استراتيجية الخطوة خطوة، نحو رسم ملامح المخطط الخبيث على أرض الواقع بدعم أمريكى، من خلال رعايتها لاتفاقيات سلام خادعة، هدفها فرض هوية جديدة تضيع فيها مرجعية الأرض مقابل السلام، لصالح مشروع "الشرق الأوسط الكبير"، تلتها مخططات الفوضى الخلاقة لـ"كونداليزا رايس"، و"برنارد لويس"، ثم "الربيع العربى"، وصولا إلى "صفقة القرن"، لإدارة "ترامب"، وصهره "كوشنر"، واتفاقيات "إبراهام"، والتي تمثّل تحولا جيوسياسيا عميقا فى المنطقة.

ومن فوق منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة، جاء الإعلان الرسمي لمخطط التهجير، عندما رفع "نتنياهو" خريطة تظهر فيها مساحة بالأزرق الداكن فى إشارة لدول عربية تقيم علاقات دبلوماسية مع إسرائيل، وبجوارها سهم يشير إلى أنها دولة "إسرائيل"، وخلت الخريطة من دولة فلسطين، وسبقتها خريطة "تسلئيل سموتريتش"، وزير المالية اليميني المتطرف، وتضم أراضى الأردن وفلسطين، وإنكاره وجود شعب فلسطيني، معتبره مجرد اختراع، زاعما أن إسرائيل هي الحقيقة التاريخية التوراتية.

النازيون الجدد من قادة اليمين المتطرف الإسرائيلى يريدون رسم الخريطة المزعومة على جغرافيا الشرق الأوسط بالدماء، ووفقا لأدبيات بنى صهيون، لابد وأن تسبق خريطتهم حرب بربرية، مثلما حدث من حرب العصابات فى نكبة ١٩٤٨، ولعل إعلان نتنياهو عقب عملية "طوفان الأقصى"، بتغيير خريطة الشرق الأوسط لخمسين عاما قادمة كاشفا لما تخفيه الصدور.

ويبقى السؤال.. هل اجتثاث فصائل المقاومة الفلسطينية كما يريد الاحتلال الإسرائيلي سينهى القضية الفلسطينية؟

حقائق التاريخ ترفض هذا التصور المتطرف، فلم يستطع الاستعمار أن يسكت حناجر المقاومة، ويبطل ديناميكية حركات التحرر الوطنى، هكذا أخبرنا التاريخ من فيتنام مع الاحتلال الأمريكى إلى الجزائر مع الاستعمار الفرنسي، مرورًا بمصر مع الغزاة الكثر.

الحقيقة أن الخطر الديموجرافى كابوس يؤرق الإسرائيليين، مما فتح الباب أمام ظهور نوعين من الصهيونية: صهيونية الأراضي بالاحتفاظ بالأرض بالقوة، وإجبار العرب على الهجرة، وصهيونية الديموجرافية، وهو"الإشكناز"، يطالبون بالانسحاب من الضفة الغربية و غزة للاحتفاظ بالتوازن الديموجرافى.

المفارقة أن الإحصائيات تقول إن السيدة الفلسطينية أكثر الإناث خصوبة فى العالم، وهذا على عكس الإسرائيلية، وهو ما يسميه اليهود "صراع الأرحام" ويسمون الأنثى الفلسطينية "قنبلة ياسر عرفات البيولوجية"، فالسيدات الفلسطينيات لا تلد أطفـــالا بل أبطـــالا، وهو ما غاب عن خريطة نتنياهو.

أضف تعليق