أكدت وسائل إعلام وكتاب أمريكيون على أهمية الدور المحوري الذي تلعبه مصر في منطقة الشرق الأوسط بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسي في ظل الظروف الراهنة، مشيرين إلى أن الحرب الدائرة بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية أعادت الأضواء إلى دور مصر كمحرك إقليمي رئيسي بالمنطقة.
ومن جهتها، أبرزت وكالة بلومبيرج الأمريكية، تصريحات الرئيس عبدالفتاح السيسي التي أعلن فيها رفض مصر لفكرة تهجير الفلسطينيين إلى سيناء وتصفية القضية الفلسطينية، قائلة: "يبدو أن موقف مصر حاسم في مصير اللاجئين وتدفق المساعدات لسكان قطاع غزة المحاصر والبالغ عددهم أكثر من مليوني نسمة بعد أن قطعت إسرائيل الإمدادات الحيوية ردًا على هجوم الفصائل الفلسطينية في 7 أكتوبر الجاري".
ونقلت الوكالة عن الرئيس السيسي رفضه استضافة مصر للاجئي غزة، قائلًا: "ينبغي على إسرائيل بدلًا من ذلك استقبال الفلسطينيبن في صحراء النقب"، مشيرة إلى رفض الجانب الأردني أيضًا قبول المزيد من اللاجئين الفلسطينيين.
وأشارت الوكالة إلى أن مصر تستضيف حاليًا حوالي 9 ملايين لاجىء ومهاجر من سوريا والسودان واليمن وليبيا.
ووفقًا للوكالة فإن تطورات الشرق الأوسط، أكدت عودة دور مصر الريادي في المنطقة، مشيرة إلى أن مصر كانت وراء جمع القوى العربية وقيادة الهجوم في نصر أكتوبر عام 1973، مما أدى إلى حرب السادس من أكتوبر قبل أن يوقع البلدان اتفاق سلام ويتفقان على علاقات دبلوماسية كاملة عام 1980.
ويقول روبرت ساتلوف المدير التنفيذي في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، إن الحرب الدائرة بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية أكدت الدور المهم الذي تلعبه مصر فيما يتعلق بالأمن، مشيرًا إلى أن القيادة السياسية تعتبر فكرة إستقبال لاجئي غزة خط أحمر لا يجب تجاوزه.
وأشارت الوكالة إلى أن القادة العرب أطلقوا على الضربات الانتقامية الإسرائيلية على غزة بأنها عقاب جماعي، فيما شدد عدد من المسؤولين الأوروبيين على ضرورة قيام دولتين جنبًا إلى جنب.
وتطرقت إلى قمة السلام التي عقدت في القاهرة يوم السبت الماضي، بهدف التوصل لحل للصراع الدائر بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية الذي يدخل الآن إسبوعه الثالث، مما أدى إلى مقتل الآلاف في غزة وترك مئات الآلاف من الأشخاص لمنازلهم.
وتزامنت قمة القاهرة للسلام مع السماح بتدفق المساعدات عبر منفذ رفح الحدودي المصري مع غزة، حيث عبرت العشرات من الشاحنات التي تحمل المواد الغذائية والإمدادات الطبية.
ونقلت الوكالة عن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش، وصفه مطالب الفلسطينيين بأنها عادلة ومشروعة، قائلًا: "إن كلًا من الإسرائيليين والفلسطينيين بحاجة إلى رؤية تطلعاتهم المشروعة تتحقق"، داعيًا إلى ضرورة وقف إطلاق النار والعمل لإنهاء هذا الكابوس.
كما نقلت الوكالة عن رئيس الاتحاد الأوروبي تشارلز ميشيل، أمام القمة "نحن الآن بحاجة إلى بذل كل جهد ممكن للتحرك نحو حل دائم يجب أن يستند إلى حل الدولتين".
كما أبرزت تأكيد الرئيس الفلسطيني محمود عباس، على أن الفلسطينيين لن يستسلموا ولن يغادروا وسيبقون على أرضههم.
قال الكاتب الأمريكي ستيفن كوك، في مقال له، إن الحكومة المصربة أصدرت بيانًا عقب الهجمات مباشرة حذرت فيه من المخاطر البالغة لتصعيد العنف بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي أثر سلسلة من الهجمات ضد المدن الفلسطينية، مشيرًا إلى أن البيان يتماشى مع بيانات معظم الدول العربية التي القت باللوم على إسرائيل بشكل رئيسي على العنف وبناء المستوطنات في الضفة الغربية وتصرفاتها في قطاع غزة.
وأشار إلى أن الرئيس السيسي أعلن في 15 أكتوبر، أن عمليات الجيش الإسرائيلي تجاوزت أى رد متناسب على هجمات 7 أكتوبر، وأصبحت شكلًا من أشكال العقاب الجماعي، فيما نقل عن العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، القول "إن القيادة في إسرائيل يجب أن تدرك أن استمرار العنف لن يحقق السلام وأن الملايين من الفلسطينيين لا يمكنهم البقاء فى الظروف الحالية".
وقال إن هناك 4 أسباب مترابطة تفسر لماذا أصرت الحكومة المصرية على أن تسمح إسرائيل بدخول المساعدات الإنسانية إلى غزة بدلًا من السماح للغزيين بالفرار إلى شبه جزيرة سيناء المجاورة:
أولًا: مصر لا تريد أن تتحمل مسئولية موجة من اللاجئين الفلسطينيين فالبلاد تكافح بالفعل لادارة تدفق الأشخاص الفارين من الحرب الأهلية في السودان، حيث يوجد ما لا يقل عن 217 ألف سوداني يسعون للأمان في مصر حاليًا، فالحكومة المصرية لا تملك الموارد لادارة اعداد كبيرة من الفلسطينيين الذين يمكن أن يصلوا إلى سيناء وهي منطقة بعيدة عن القاهرة وشهدت مشاكل مع التطرف.
ثانيًا: مصر قلقة من التهديدات المحتملة لأمنها على خلفية دخول عدد كبير من الفلسطينيين إلى سيناء.
ثالثًا: مصر تحافظ من حيث المبدأ على أن محنة الفلسطينيين في قطاع غزة هى مسئولية إسرائيل.
رابعًا: تخشى مصر أن تحاول إسرائيل تحميل القاهرة مسئولية غزة فقد ادارت مصر الإقليم حتى حرب 1967، ضد إسرائيل عندما غادرت القوات المصرية من غزة وعلى مر السنين تحدث مسئولون إسرائيليون من حين لأخر عن حل عربى لحكم غزة وتفسر القاهرة ذلك على إنه وسيلة لدفع إسرائيل الإقليم وسكانه البالغ عددهم 2.2 مليون نسمة إلى مصر.
وتقول وكالة بلومبيرج الأمريكية، إنه بينما يحاول الفلسطينيون اليائسون في قطاع غزة المغلق العثور على ملجأ تحت القصف الإسرائيلي المستمر ردًا على هجوم الفصائل الفلسطينية في 7 أكتوبر، يتساءل البعض لماذا لا تستقبلهم مصر و الأردن المجاورتان، وهو ما رفضته الدولتان بشدة.
ونقلت عن الرئيس عبدالفتاح السيسي قوله إن الحرب الحالية لا تهدف فقط إلى قتال حماس التي تحكم قطاع غزة ولكنها أيضًا محاولة لدفع السكان المدنيين إلى الهجرة إلى مصر، محذرًا أن هذا قد يدمر السلام في المنطقة.
وكان العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، قد وجه رسالة مماثلة قائلًا لا للاجئين في الأردن ولا للاجئين في مصر، مرجعة الرفض المصري والأردني إلى تخوف القيادتين من عزم إسرائيل على الطرد الدائم للفلسطينيين من أرضهم وعدم إقامة دولتهم.
ونقلت عن الرئيس السيسي قوله، إن النزوح الجماعي قد يؤدي إلى خطر جلب المسلحين إلى شبه جزيرة سيناء المصرية حيث قد يشنون هجمات على إسرائيل مما يعرض معاهدة السلام الموقعة بين البلدين منذ 40 عامًا للخطر.
على صعيد متصل، حمل طلاب جامعة هارفارد الأمريكية إسرائيل المسئولية الكاملة عن هجمات الفصائل الفلسطينية في إسرائيل، قائلين إن أحداث غزة لم تأت من فراغ، فعلى مدى العقدين الماضيين أجبر ملايين الفلسطييين في غزة على العيش في سجن مفتوح.
وأضاف الطلاب في بيان أصدرته أكثر من 20 منظمة طلابية بالجامعة، أن الفلسطينيين في غزة ليس لديهم ملاجىء يلجأون إليها ولا مكان يهربون إليه، وفي الأيام المقبلة سوف يضطرون إلى تحمل وطأة العنف الإسرائيلي الكامل.
وأشاروا إلى أن ذلك العنف شكل مأساة كبيرة للشعب الفلسطيني منذ 75 عامًا، ابتداء من الاستيلاء الممنهج على الأراضي مرورًا بالغارات الجوية اليومية ثم الاعتقالات التعسفية إلى نقاط التفتيش العسكرية والفصل الأسري القسري إلى عمليات القتل المستهدف، مما أجبر الفلسطينيين على العيش في حالة موت بطيء ومفاجىء.
وطالبوا بضرورة اتخاذ موقف حازم ضد الانتقام الاستعماري، داعين إلى ضرورة اتخاذ اجراءات لوقف الإبادة المستمرة للفلسطيينيين.
وقال ريكاردو فابيانى مدير مشروع شمال أفريقيا فى مجموعة الازمات الدولية أن عدم وضوح إسرائيل فيما يتعلق بنواياها في غزة واجلاء السكان يمثل في حد ذاته مشكلة .. هذا الارتباك يغذي المخاوف في منطقة الجوار.