يحل اليوم ذكرى مقتل أحد أبرز قادة المماليك على مر التاريخ "سيف الدين قطز" الذي قُتل في الـ 24 من أكتوبر عام 1260 على يد صديقه الأقرب الظاهر بيبرس ،بعد مسيرة عامرة بالإنجازات الضخمة على رأسها وأد خطر التتار.
حياته ونشأته.
دروب سيف الدين قطز كانت متعسرة للغاية ومليئة بالعديد من التحاولات الدرامية بين الإمارة والعبودية والحب والفقد والغدر والأمانة والخيانة .
حيث ولد سيف الدين قطز، في أسرة ملكية بمملكة خوارزمشاه بفارس، ولم يذكر المؤرخون السنة التي ولد فيها، وكان أقرب تاريخ ذُكر في سيرة قطز هو عام 628 هـ الموافق 1231 عندما تمَّ اختطافه عقب انهيار الدولة الخوارزمية على يد التتار، وحُمل هو وغيره من الأطفال إلى دمشق.
اسمه الحقيقي محمود ابن ممدود ابن اخت خوارزمشاه ؛وكان والده الأمير ممدود الخوارزمي ،ابن عم السلطان جلال الدين وزوج أخته.
نشأ قطز يتيما لاستشهاد أبيه الأمير ممدود وهورضيع أثناء حروب المسلمين الأولي ضد التتار ،وعلمه خاله السلطان جلال الدين فنون القتال ،وزرع بداخل قطز بذور كراهية المغول في سن الطفولة والشباب عندما كان بقصر خاله السلطان.
تعلم سيف الدين قطز اللغة العربية وأصولها، وحفظ القرآن الكريم ودرس الحديث بعد أن تم القضاء علي مملكة خاله جلال الدين وبيع عبدا لثري من الشام، وبعد موت الثري أصبح قطز مملوكًا لابن الثري، ولم يجد منه عناية وحسن تعامل، فبيع قطز لثري آخر من أثرياء الشام، وكان هذا الثري مدخلًا لقطز لاقتحام الحياة السياسية والجهاد ضد الصليبيين.
وتم بيعه إلى الملك الصالح عهد به إلى الأمير المملوكي عز الدين أيبك،فنشأ قطز مثل نشأت باقي المماليك حيث يتم الحاقهم بمدرسة المماليك، ويتم تعليمهم اللغة العربية قراءة وكتابة، ثم حفظ القرآن الكريم ومبادئ الفقه الإسلامي، ثم فنون القتال من الرمي بالسهام والقتال بالسيوف، وركوب الخيل ووضع الخطط الحربية والتصرف في أمور الدولة.
سبب تسميته بـ قطز
قطز هو اسم أطلقه التتار عليه حيث قاومهم بشراسة خلال اختطافهم وبيعهم إياه وهو صغير، ومعنى قطز في اللغة المغولية "الكلب الشرس" دليل علي بأسه وقوته منذ طفولتهمحطات في حياته
قبل معركة عين جالوت لم تتعرض دولة الإسلام لأوقات عصيبة وعواصف منذرة ورياح مرعبة مثلما تعرضت في القرن السابع الهجري؛ حيث دمّرت جيوش المغول بقيادة جنكيز خان حواضر الإسلام الكبرى في المشرق الإسلامي، وسفكت دماء المسلمين، وأتت على معالم الحضارة والمدنية، ولم تستطع قوة إسلامية أن توقف هذا الزحف الكاسح، وانهارت الجيوش الإسلامية وتوالت هزائمها، وتتابع سقوط الدول والمدن الإسلامية كأوراق الشجر في موسم الخريف.
الأمر الذي دفع قطز إلي عقد مجلسًا من كبار الأمراء، واستقر الرأي على مقابلة وعيد المغول بالاستعداد للحرب، وعزز ذلك بقتل رسل المغول؛ ردًا على تهديد هولاكو وكان هذا التصرف إعلانًا للحرب وإصرارًا على الجهاد، وفي الوقت نفسه بدأ قطز يعمل على حشد الجيوش وجمع الأموال اللازمة للإنفاق على الاستعدادات والتجهيزات العسكرية، وقبل أن يفرض ضرائب جديدة على الأهالي جمع ما عنده وعند أمرائه من الحلي والجواهر، واستعان بها في تجهيز الجيش، استجابة لفتوى الشيخ “العز بن عبد السلام” أقوى علماء عصره.
ولم يقتصر الأمر على هذا، بل لقي صعوبة في إقناع كثير من الأمراء بالخروج معه لقتال التتار، فأخذ يستثير نخوتهم ويستنهض شجاعتهم بقوله: “يا أمراء المسلمين لكم زمان تأكلون أموال بيت المال، وأنتم للغزاة كارهون، وأنا متوجه، فمن اختار الجهاد يصحبني، ومن لم يختر ذلك يرجع إلى بيته فإن الله مطلع عليه…”؛ فأثرت هذه الكلمة في نفوسهم، وقوت من روحهم، فخرجوا معه وتعاهدوا على القتال.
كانت معركة عين جالوت واحدة من أكثر المعارك حسمًا في التاريخ، أنقذت العالم الإسلامي من خطر داهم لم يواجه بمثله من قبل، وأنقذت حضارته من الضياع والانهيار، وحمت العالم الأوروبي أيضًا من شر لم يكن لأحد من ملوك أوروبا وقتئذ أن يدفعه. وكان هذا النصر إيذانًا بخلاص الشام من أيدي المغول؛ إذ أسرع ولاة المغول في الشام بالهرب، فدخل قطز دمشق على رأس جيوشه الظافرة في (27 من رمضان 658 هـ)، وبدأ في إعادة الأمن إلى نصابه في جميع المدن الشامية، وترتيب أحوالها، وتعيين ولاة لها.
مقتل سيف الدين قطز
نتيجة صراعات المماليك على إعتلاء السلطة كان هناك فريقين من أمراء المماليك في حالة عداء دائم فريق عز الدين أيبك التابع له قطز وفريق أقطاي التابع له بيبرس.
وحسب المراجع التاريخية اتفق المؤرخون على أن قطز قتل بعد 50 يوم من معركة عين جالوت وهو في طريق عودته من دمشق إلى القاهرة في منطقة تسمى الصالحية واتهم بيبرس ـ حاكم مصر لاحقا ـ في مقتله واختلف المؤرخون حول سبب إقدام بيبرس على تصفية السلطان قطز.