هاني منطاش يكتب: النخبة الحالية.. هل تستطيع القيادة ؟!

هاني منطاش يكتب: النخبة الحالية.. هل تستطيع القيادة ؟!هاني منطاش يكتب: النخبة الحالية.. هل تستطيع القيادة ؟!

* عاجل29-7-2018 | 22:29

في البداية دعونا نتعرف علي معني كلمة النخبه في علم الاجتماع السياسي ....

وردت تعاريف كثيرة للنخبة، لكنها استخدمت أول مرة في القرن السابع عشر لدي اصحاب المحلات لوصف البضائع ذات الصفات المتميزة لديهم.

وبحلول نهاية القرن أصبح هناك استخدام أوسع للمصطلح، وبالتدريج وخلال القرن التاسع عشر تم توسيع المصطلح، واستخدامه من المحللين السياسيين، والاجتماعيين للإشارة إلى الفئة الحاكمة أو الفئة المهيمنة وبعد ذلك أخذ المصطلح يشير إلى الأشخاص الذين يقفون على قمة الهياكل الاجتماعية الأساسية لمجتمع ما.

وهناك من عرف النخبة ((بكونها الأقلية داخل اي تجمع اجتماعي مثل المجتمع، والدولة، والحزب السياسي))، أو هي  "أية جماعة تمارس نفوذ متفوق داخل المجتمع"،  كما إن كلمة النخبة واحدة من المصطلحات الأكثر عمومية التي استخدمتها الدراسات السوسولوجية الوصفية، حيث تشير إلى أي مجموعة أو فئة مالكة للقوة، والنفوذ، والمؤهلات، والامتيازات.

وينتمي لهذه الفئة السياسيون أو القساوسة ، والأذكياء والمجرمون ، والناجحون ، ويمكن اتباع أسلوب أفضل من هذا بتضييق نطاق هذا المفهوم والنظر إلى النخب باعتبارها تتميز عن الأنواع الأخرى من الفئات الاجتماعية بامتلاكها نوعاً ما من أنواع القوة.

والنخبة هي: " مجموعة من الأفراد الذين يقودون المجتمع " ، وهي بهذا المعنى مفهوم قديم ارتبط تاريخياً بالحاجة إلى تنظيم ممارسة السلطة وعملية صنع القرار.

عموما لم يتفق علماء الاجتماع والسياسة على تاريخ ونشأة مفهوم النخبة وإن اتفقوا على أن ظهور النخبة موجود منذ زمن واستندوا في ذلك على تصميم الفيلسوف أفلاطون على أهمية أن تقود المجتمع فئة من النابغين رآهم في الفلاسفة فضلا عن التأكيد على أن النخب كانت موجودة في كافة المجتمعات فهناك الكهنة المصريون والذين إلى جانب الملوك كانوا يمثلون صفوة المجتمع المصري باعتبارهم نوابا موفدين من قبل الملوك للمحافظة على الآلهة في المعابد .. وهكذا كان الأمر في المجتمعات القديمة حيث كان رجال الدين يمثلون نخبة المجتمع إلى جانب الأمراء والحكام وعلى هذا السياق يمكن التأكيد على أن ظاهرة النخبة ظاهرة ارتبطت بالإنسان منذ بدء الخليفة وان اختلفت صورها ونوعية النخبة نفسها فهي مرتبطة بسياق زماني وسياق مكاني يحددان نوعها ودورها .

كان أفلاطون يرى أن أول مهمة للفيلسوف إضفاء صفة العلم على الأخلاق والسياسة لتطابقهما في المعني وعلى الخير والحق لعدم اختلافهما وهو في هذا الصدد كان يرى أن هذه النخبة لابد أن تؤمنها تنشئة دقيقة تتحمل الدولة تكاليفهما والواقع أن المقصود بالنخبة عند أفلاطون هي النخبة السياسية التي تمتلك معرفة العلم السياسي الذي لا علم بعده عنده أنه علم الحق والخير أي أنه العقل المستنير تماماً .

إن النخبة والصفوة السياسية بشكل محدد بوصفها أقلية مسيطرة تتحكم في القرارات السياسية والاقتصادية ويخضع لأليات هذه القرارات.

وللنخبه والصفوة من القوة والنفوذ ما يتعدى نطاق أي جماعة أخرى في المجتمع بأسره ولذلك فهي تتمتع بمكانة اجتماعية متميزة داخل المجتمع .

أما أهمية النخبة في المجتمعات فتعود إلى ماتملكه النخبة والصفوة من أدوات مؤثرة في تكوين واستقرار المجتمعات وتشكيل نسق الحكم والفكر والتوجه العقيدي .... إلخ .

ولم تعد دراسة النخب قصراً علي علم الاجتماع السياسي بل تعدي ذلك إلي العديد من العلوم فهي الان أحد أهم محاور الدراسات السياسية والاقتصادية ... النخب تضطلع بالعديد من الوظائف ... ومنها أو أهمها صياغة اليات الحكم وتغيير القيم والسلوكيات ... وهكذا فإن دراسة النخبة تعني إلقاء الضوء علي مكون أساسي في صنع الواقع السياسي والثقافي والديني في مجتمع ما .

وهناك مجموعة من الاعتبارات الذاتية (الذكاء ، الإبداع ، الاجتهاد ، الطموح) و (الإمكانيات الاقتصادية والعلمية والوظيفية) التي تجعل النخبة ـ باعتبارها أقلية تتحكم في فئات عريضة من المجتمع ، ولعل أبرز ما تتميز به هذه الأقلية هو تلك القوة أو القدرة على التأثير على الآخرين فتقنعهم أو تغريهم أو تهددهم وتنتهي إلى توجيههم وقيادتهم والاستفادة منهم حسب أهداف معينة

والنخبه لها صفات تتسم بها وأهمها ::

- قلة العدد نسبياً باعتبارهم الصفوة ومن ثم فهي متجانسه متحده وواعية وتتميز بخاصية الحفاظ علي ذاتها .

- التمتع بمكانه اجتماعية مرموقة (السياسيون ورجال الدين والمثقفون ورجال الأعمال) .

- الإمساك بمصادر القوة السياسية (النخبة السياسية) ولها دور فاعل في صناعة السياسة وتنفيذ ما تتضمنه من برامج .

- القدرة على صنع القرارات .

- توجيه المواطنين إلى القيم الاجتماعية التي تؤمن بها .

- تشكل عناصرها وتؤيدها لتولي المناصب المهمة في المجتمع (مقاليد السلطة) .

- القدرة على توجيه المشاركة في توجيه النشاط الاقتصادي من خلال السيطرة على وسائل الإنتاج .

- التأثير في العقيدة من خلال الدعاه أو النخبة الدينية ) .

- القدرة على تعديل سلوكيات المواطنين وترويج الأفكار التي تخدم النظام الحاكم وإضفاء الشرعية على أدائة وهناك من يرى في النخب أنها خليط فئات وتناقضات . تدافع عن مصالح كما تدافع عن أفكار وتوجهات .

- الاستقلالية بمعني أنها لا تسأل عن أفعال أمام أي طرف أخر فهي وحدها تتولي حسم القضايا وحل المشكلات حسب مصالحها وتصوراتها .

وسؤالنا الأهم هو: هل تستطيع النخبة الحالية حل المشاكل المزمنه الموجودة في المجتمع وتقوده بعد ذالك ناحية التقدم والازدهار ؟ .

لقد بات وجود النخب في النظم الديمقراطية أمراً واجباً كما يذهب إلى ذلك البعض، حيث أن مفاهيم الديمقراطية لا تتجذر عند جميع الناس بل عند قلة منهم، وهؤلاء يجب عليهم حماية هذه المفاهيم، والدفاع عنها، وإقناع الآخرين بها.

وحتى تكون النخبة صاحبة تأثير وقدرة على إحداث التغيير نحو الأفضل يجب ألا تكون مستوردة، وإنما تكون نتاج مجتمعي، وتكون أفكارها منطبقة من واقع المجتمع، وليس مبنية على ثقافات الآخرين، وتجاربهم، كما ان وجود نخبة حاكمة تدير مؤسسات الدولة بكفاءة يُعد من أهم اولوليات خطة تحسين الدولة ضمن مفهوم الإدارة الرشيدة او الحكم الرشيد.

أن عملية التحول نحو الديمقراطية تحتاج إلى نخب فكرية ديمقراطية لها حضورها القوي والفاعل على الساحة الشعبية وفي الدولة، نخب تحول الفكر الديمقراطي على شكل قبول ورفض في إطار سجال ومحاججة فكرية بين السلطة والمعارضة أو على شكل معالجة سواء بالاضافة أو الإلقاء عبر نشاط وحضور فكري تحت إطار عمل سياسي تراكمي بحيث تتجلى الديمقراطية كنظام حكم وكوسيلة لفض النزاعات، وكطريقة لتبادل الرأي وكأسلوب للتفاهم على الحل الوسط والارتقاء بالحوار والعلانية والشفافية وصحافة حرة .

ومما سبق نستطيع أن نقول إن النخبه الموجودة حاليا لا تستطيع فعل هذا، فجميع عناصرها لا تمتلك مقومات الفكر السليم ودراسة القرارات الصحيحة فضلا عن أنها مشتتة غير متحدة علي رأى، أو عمل، ولا تمتلك ثقافة الحوار والإبداع في الفكر واختيار حلول من خارج الصندوق.

وللأسف هذا كله نتاج نظام قمعي استمر لثلاثون عاما يمرس إرهاب المجتمع فكريا وثقافيا واجتماعيا، فكان ما نحن فيه اليوم .

إن تعميق الوعي السياسي لدى أفراد المجتمع أحد عوامل الاستقرار الاجتماعي والسياسي الذي سينعكس حتماً على التطور العمراني والسياسي، فالاستقرار السياسي يعتمد على الثقافة السياسية، اذ أن التجانس الثقافي والتوافق بين ثقافة النخبة والجماهير يساعدان على الاستقرار، أما التجزئة الثقافية بين عقلية النخبة وعقلية الجماهير ، فتمثل مصدر تهديد لاستقرار النظام السياسي.

لذالك ننصح صانع القرار ودوائره سرعة دعم النخبة بعناصر صاحبة فكر وثقافة وتكون لديها ملكة التواصل مع أفراد المجتمع وتحديد أولوياته، وبعد ذالك يتم الإنصات للنخبة الجديدة جيدا.

وننصح بأن يتم منحها بعض الصلاحيات والأخذ برأيها في القرارات الهامة حتي نصل بالوطن إلي بر الأمان .

أضف تعليق

المنصات الرقمية و حرب تدمير الهوية

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
إعلان آراك 2