العلاقة بين الإنسان والطبيعة تحتويها ثلاثة أبعاد يمكن من خلالها تفسير الظواهر وتقيم محددات كافة الأشياء ورسم بعض الأفكار وتحليل إنعكاسات أي عمل إبداعي وفقاً لإيقاع محدد متوازن مع الطبيعة.
ما هي النسبة الذهبية؟
قبل الإجابة على هذا السؤال لابد من طرح سؤال آخر، ما هي أوجه التشابه بين الزهور وقواقع البحار و لوحة الموناليزا ومجرة درب التبانة؟
قد يري الكثير أنه لايوجد مجال للتشابه أو أن العلاقة بينهما ربما تكون علاقة ضمنية، ذلك لأن مجرة درب التبانة هى المجرة التي تحتوي على المجموعة الشمسية التي بها كوكب الأرض الذي يشمل العديد من الزهور ولوحة الموناليزا.
لكن القاسم المشترك هنا نسبي متوافق علمياً مع نسبة رياضية تؤول إلي الرقم1.618 "النسبة الذهبية" أو الوسيط الذهبي الذي ربط بين العديد من الظواهر الإبداعية في إطار رقمي.
وعلى الرغم من أن الغريزة الإبداعية قد لا ترتبط بمحددات رقمية أو تشابهات تكرارية ،حيث تلتزم الجماليات والتصميم بالقوانين الرياضية الصارمة إلا أن النسبة الذهبية حققت ذلك بمنتهى السهولة.
النسبة الذهبية: نسبة شملت كافة العناصر الضرورية للعملية الإبداعية من التوازن والتناسق والتكامل والتماثل هي نسبة بين رقمين تساوي تقريبًا 1.618. عادةً ما تُكتب بالحرف اليوناني فاي (Φ) وهو مرتبط بقوة بسلسلة فيبوناتشي، وهي سلسلة رياضية من الأرقام حيث يضاف كل رقم إلى الأخير قبله.
أرقام فيبوناتشي هي 0 ، 1 ، 1 ، 2 ، 3 ، 5 ، 8 ، 13 ، 21 ، وهكذا مع نسبة كل رقم والرقم السابق يقترب تدريجياً من 1.618، أو فاي (Φ).
مهمة النسبة الذهبية الرئيسية هي الدوران حول المساحة الفارغة وعلاقتها بمساحة الانتباه بجانب البعد النفسي من المنظر.
بداية ظهور النسبة الذهبية
بدأت النسبة الذهبية بالظهور في العديد من الأعمال الفنية والهندسية واُستخدمت بواسطة المعمارين القدماء مثل الفراعنة والإغريق ،ولكن أول من أشار إليها ، عالم الرياضيات اليوناني إقليدس و وضع أول تعريف مكتوب للنسبة الذهبية في كتابه الرياضي "العناصر" في العام 300 قبل الميلاد في ذلك الوقت، وأطلق عليها إقليدس "النسبة القصوى والمتوسطة"، وكانت هذه النسبة تقدم العديد من الإفتراضات وإثباتاتها باستخدام النسبة الذهبية، وكان تعريفها على النحو التالي:
"يُقال إن الخط المستقيم قد تم قطعه بنسبة قصوى ومتوسطة، كما هو الحال بالنسبة للخط بأكمله، يكون الخط المستقيم من أكبر إلى الأصغر".
ثم في العام 1509 بعد الميلاد، استخدم عالم الرياضيات الإيطالي لوكا باسيوليالمزيد ،أيضاً النسبة الذهبية لوصف العالم الطبيعي في (وكان يتحدث فيه عن النسبة الإلهية في الطبيعة)، والذي رسم رسوماته الفنان ليوناردو دا فينشي، كما قام علماء الرياضيات في القرن السادس عشر مثل رافائيل بومبيلي بحل المسائل الهندسية باستخدام هذه النسبة.
في العام 1835م وصف عالم الرياضيات الألماني مارتن أوم ،النسبة لأول مرة بأنها ذهبية وذلك عندما استخدم مصطلح ، والذي يترجم إلى القسم الذهبي".
أما بحلول العام 1910م، بدأ عالم الرياضيات Mark Barr لأول مرة استخدام الحرف اليوناني فاي (ϕ) كرمز للنسبة الذهبية، وقد تم تمثيله أيضاً بواسطة tau ( τ )، وهو الحرف الأول من اليونانية القديمة.
تجلت النسبة الذهبية في لوحات العديد من الفنانين ولعل أبرزهم دفانشي وسلفادور دالي الرسام السريالي على سبيل المثال اللوحة القماشية ي التي تحمل اسم "سر العشاء الأخير" كانت عبارة عن مستطيل ذهبي، وكانت اللوحة نفسها تتميز بحوافها في النسبة الذهبية.
علاقة النسبة الذهبية بفلسفة الطاو
إذا كان التفسيري الظاهري يعبر عن اللون الإبيض والأسود بما فيهم من الإطار الوصفي للونين "الخير والشر" "الحب والكره" "الحياة والموت" ؛لكن الطاو هو مبدأ عميق غامض يمثل جوهر ومصدر وبناء الكون بأكمله.
تُعرف فلسفة الطاو أيضًا باسم الطاولوجيا (حرفيًا: تعاليم طاو)، وتشير إلى التيارات الفلسفية المختلفة لمذهب الطاوية، الذي ينحدر من التراث الصيني، إذ يؤكد على الحياة في تناغم مع الطاو (حرفيًا: الطريق أو النهج).
وطرحت الفلسفة الطاوية عبر تاريخها العديد من المفاهيم مثل: «وو وي» (أفعال بسيطة بلا مجهود)، «زيران» (التلقائية أو الطبيعية)، اليين واليانغ، والتشي (طاقة الحياة المتكاملة)، ومفهوم «وو» (العدم)، بالإضافة إلى أعمال التطوير الشخصي من خلال التأمل والممارسات الروحية الأخرى.
ومن الشكل يتضح أنها مماثلة للنسبة الذهبية.
أهمية النسبة الذهبية وكيفية استخدامها؟
يمكن استخدام النسبة الذهبية لإيصال التكوين الخاص بك لمساعدتك على تجنب الفوضى وإنشاء تصميم منظم ومتوازن. يقول المصمم الجرافيكي جاكوب اويرميلر "على الرسم الذي قد يكون مزدحمًا للغاية، فإن التنسيب هو كل شيء". يمكنك استخدام النسبة الذهبية للمساعدة في إرشادك.
يمكن أن تعمل النسبة الذهبية قليلاً مثل قاعدة الأثلاث: يمكن أن تكون توافقية أو دليلًا تركيبيًا لكنها ليست تنظيمًا صارمًا وسريعًا حول كيفية هيكلة عملك.
في النهاية يجب أن نعلم أن التباعد مهم وأي نوع من المبادئ التوجيهية مفيد، حيث إذا قمت فقط بتوسيط كل صورة أو رتبت نصاً عشوائياً ككتلة واحدة غير موضحة، فإنك تخاطر بعزل القارئ أو المتلقي.
استخدم النسبة الذهبية كمبدأ توجيهي لعملك مفيد جدا للتأكد من أن الأشياء متباعدة بشكل جيد ومكونة بشكل جيد، وهذا سيفيدك بإظهار تصميمك بشكل أفضل، إضافة لاختصار وقتك وجهدك في التفكير وترتيب العناصر استناداً على وجهات النظر أو الحدس.