لواء دكتور/ سمير فرج يكتب: «لسه الأماني ممكنة»

لواء دكتور/ سمير فرج يكتب: «لسه الأماني ممكنة»لواء دكتور/ سمير فرج يكتب: «لسه الأماني ممكنة»

*سلايد رئيسى1-8-2018 | 22:40

لا أعلم لماذا تذكرت هذا العنوان، وأنا أقود سيارتي في عطلة نهاية الأسبوع، متجهاً إلى الساحل الشمالي، على ذلك طريق مصر - الإسكندريةالصحراوي، الرائع الذي بدا لي مدخله، وكأنه أحد مداخل "الأوتوبان" السريعة في ألمانيا، خاصة في ظل الالتزام بوجود جميع العلامات الإرشادية، والحواجز الإسمنتية، وعلامات السرعات في صورة مثالية.

وبالرغم من انبهاري بجودة الطريق، إلا أنني،في الحقيقة، لم يساورني الشك، يوماً، في كفاءة وقدرة، اللواء مجدي أنور،صديقي في وزارة الدفاع أيام الخدمة، على على الوصول بهذا الطريق، وغيره من الطرق، التي يديرها جهاز الخدمة الوطنية للقوات المسلحةالمصرية، إلى ذلك المستوى المتميز، الذي طالما حلمت بوجوده في مصر، منذ سنين طويلة، حينما كنت أقود سيارتي على "أوتوبان" ألمانيا، أو "الهاي واي" في أمريكا، وكنت، حينها، كنت أتساءل، هل يمكن أن يأتي اليوم، الذي يصبح لدينا مثل هذه الطرق، ويبدو أن الأماني ممكنة في مصرنا الغالية.

توقفت في إحدى محطات البترول، على الطريق، لأتزود بالوقود، وخلال عملية ضبط الإطارات، دار بيني وبين عامل المحطةحديثاً، أردت من وراءه الاطمئنان على أحواله، وأحوال زملاءه، من العاملين بالمحطة، وظروف عملهم على هذا الطريق. وكان الرجل بشوشاً، ومتجاوباً في الحوار، مجيباً أن ظروف عمله في المحطة، محترمةللغاية، إذا توفر لهم إداراتها سيارات للانتقال منها وإليها، إضافة إلى وجبة غذاء أو عشاء، وفقاً لأوقات الورديات. كما أن الراتب، مضافاً إليه الإكراميات اليومية، يوفر لهم دخلاً يحمدون الله عليه.

ولما سألته عن رأيه في جودة الطريق، أجاب بأنه يعمل على ذلك الطريق منذ سنوات، لم يشهد فيها ما شهده مؤخراً من تطورات إيجابية، وحكى لي عن حادث سير وقع في الأسبوع الماضي، بالقرب من مقر عمله، وكيف انبهر بسرعة رد الفعل، إذ وصلت سيارةالإسعاف في دقائق معدودة، يصحبها سيارة من شرطة مرور الطريق، ومعهم مندوب من إدارة، نظراً لأن الحادث قد خلّف تلفيات في أحد الحواجز الإسمنتية، مضيفاً أنه بعد ذلك بعشر،وصلت سيارة تحمل حاجزاً أسمنتياً جديداً، لتركيبة فوراً، بعدما تحمل المتسبب في التلفيات، ثمن ما أتلفه، وفقاً لمحضر رسمي. وعلق عامل المحطة على ذلك الموقف قائلاً، "علشان كده الطريق ماشي زي الساعة، زي ما حضرتك شايف" ... وأكملت طريقي، وأنا أردد لسه الأماني ممكنة.

وقد لفت انتباهي أنهذه الطفرة الكبيرةفي تطوير الطرق، قد أحدثت نقلة نوعية في صناعة الإعلانات على الطرق، وأضافت إليها مجالات واسعة للإبداع والتميز والرقي، وهو ما لا يقتصر على الطرق السريعة، فحسب، وإنما ينسحب إلى محاور المدينة الداخلية، مثل الطريق الدائري، وفي الطرق المؤدية إلى المدن الجديدة، مثل السادس من أكتوبر، والقاهرة الجديدة، وغيرهما.

ووصلت إلى الساحل الشمالي،الذي أعتبره أجمل بقاع الدنيا، خاصة بعدما أمضيت ثلاث سنوات كملحق عسكريفي تركيا، اعتدت خلالهم على ترك أنقرة في عطلات نهاية الأسبوع، لقضائها على ساحل أنطاليا، الذي تعيش تركيا على دخله من السياحة، طوال العام، وهو سبب نهضتها السياحية، حيث يستقبل 18 مليون سائح من مختلف أنحاء العالم، إلى منتجعاته السياحية بمدن بودرم،ومارمريز مقر أردوغان الصيفي، وكابادوكيا، وغيرهم. وأقسم بالله أن ساحل أنطاليا، لايرتقي للساحل الشماليفي مصر، وأبسط دليل، أن السائح في تركيا لايستطيع نزول البحر، بسبب سواد مياهه، والطبيعة الصخرية لأغلب الشواطئ، وتعتمد جميع منتجعاتهم السياحية على حمامات السباحة.

وتصادف وجودي في الساحل الشمالي، مع وجود صديقي محمد العبار، رجل الأعمال الإماراتي، لافتتاح أحد مشروعاته في الساحل الشمالي، وأقول صديقي، لأن صداقة وطيدة قد جمعتني به، بعدما قدم هديةلأهالي الأقصر، عبارة عن 80 منزل، ومسجد، ومدرسةللفتيات، بسبب حبه الخالص لمدينة الأقصر، بالرغم من عدم وجود أي استثمارات له فيها.وأثناء افتتاحه لمشروعه، في الساحل لشمالي، أعلن في لقاء تلفزيوني أنه يعتبر الساحل الشماليفي مصر،أجمل بقاع الدنيا، ولامثيل له في العالم،ولا حتى في جنوب فرنسا. عندما سمعت كلماته، تذكرت مقالاً، كتبته في نفس هذا المكان، في العام الماضي،تحسرت فيه على مشهد تلك الكتل الإسمنتية، من الشاليهات، التي اصطفت على طول الساحل الشمالي، من غرب الإسكندرية حتى تعدت مدينه مطروح، وكيف أنها لا تستخدم إلا لأسابيع معدودة كل عام، ولا تدر أي دخلاً قومياً، بينما امتداد هذا الساحل يدر دخلاً لتركيا يتجاوز 18 مليار دولار سنوياً. وعبرت في ذلك المقال عن خوفي من امتداد هذه الغابة الإسمنتية، حتى السلوم، بما يفقدنا ما تبقى من هذا الساحل، الذي يجب استغلاله ليكون مصدراً للدخل السياحي.

وحمدا لله، فإن السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي،أصدر بعدها قراره بإيقاف أي تخصيص جديد للأراض، في هذا الاتجاه،إلا إذا كانت لأغراض الاستثمار السياحي. واليوم أتساءل عن إمكانية إعادة بحث المخصصات السابقة، للنظر في إمكانية تحقيق استفادة قصوى من هذه الغابات الإسمنتية، في ظل إنشاء مدينة العلمين الجديدة، وما تحتويه من مطار جديد، وشبكة طرق حديثة، بمايخدم المنطقة بأثرها، ويحقق قيمة مضافة للدخل القومي ... ياترى لسه الأماني ممكنة؟

أضف تعليق

إعلان آراك 2