معركة الدجاج

معركة الدجاجأحمد النومي

الرأى4-11-2023 | 14:23

انتهت المواجهات العسكرية بين مصر وإسرائيل على جبهات القتال بنصر أكتوبر المجيد، ولم يستطع السلام أن يغير العقيدة المتجذرة بأن إسرائيل هي العدو التقليدي، ولم تتخل تل أبيب عن أحلام التوسع، فكانت معارك الظل حامية الوطيس.

وبينما دوى المدافع الصهيونية يرجف القلوب وأزيز الطائرات يرعد الأبدان ودخان القنابل الفسفورية يحرق سماء غزة ورائحة الدماء تفوح من الحجر فى مشاهد من يوم القيامة، تدور معركة ساخنة بين القاهرة و تل أبيب لكن هذه المرة على جبهات المسرح الدبلوماسي.

تفاصيل المعركة الدبلوماسية يرويها تساحى ليفى، مراسل القناة السابعة للتليفزيون الإسرائيلى، قائلاً إن هناك معركة دبلوماسية حامية الوطيس بين إسرائيل ومصر وستقرر مستقبل غزة والحرب فى المنطقة، وجوهرها هل ستنجح إسرائيل فى رمى سكان غزة فى سيناء مقابل سلسلة من المزايا الاقتصادية أم تنجح مصر فى منع ذلك؟!

ومضى خطوة أكبر فى طريق الوقاحة قائلاً: أمامنا "معركة دجاج" دبلوماسية، يمكن للفائز فيها أن يقرر الحرب بأكملها.

فى حرب غزة قرأت القاهرة المشهد مبكرًا، وعلمت أنها الهدف، فكانت المهمة إجهاض المخطط، عبر خطة مدروسة ومحكمة تخوض بها قتالاً دبلوماسيًا مريرًا.

مخطط جيورايلاند أو الوطن البديل بتهجير سكان غزة إلى سيناء يعد أول مواقع الاشتباك الدبلوماسي، فالمحتل يهدف لوضع مصر فى موقف أخلاقى أمام العالم إزاء أشقاء هاربين من النار.

ليس سرًا القول إن ثمة ضغوط غربية على القاهرة للقبول ب التهجير مقابل امتيازات اقتصادية مغرية، فكانت رسالة القاهرة الرافضة شعبيًا ورسميًا، ملوّحة بتداعيات المخطط على الأمن القومى المصرى وانعكاساته على اتفاقية السلام، فضلا عن ورقة الهجرة غير الشرعية باعتبارها هاجسًا أوروبيًا من تحول اللاجئين الفلسطينيين إلى قنابل موقوتة.

الوقفة المصرية القوية أيقظت الغرب من أضغاث أحلامهم، وجاء الرفض لمخطط التهجير على لسان كبيرهم "بايدن".

حق إسرائيل فى الدفاع عن نفسها، والذى تحول إلى نشيد قومى غربى يهتف به قادته، كان الهدف الثانى فى المعركة حيث فضحت القاهرة حديث الإفك الإسرائيلى، كونها تحولت إلى حرب إبادة جماعية تنذر بحرب إقليمية، وجاء الضغط على تل أبيب بعدم استهداف المدنيين واحترام القانون الدولى، وتوج بلكمة قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة بوقف إطلاق النار.

حرب إدخال المساعدات تحولت إلى ما يشبه "عض الإصبع" بين القاهرة وتل أبيب، فإسرائيل ترفض دخول المساعدات دون الإفراج عن أسراها، والقاهرة قالت لا خروج لأجانب دون دخول المساعدات، لتضغط دول الغرب للقبول بدخول المساعدات، وتحقق الأمر رغم التعنت الإسرائيلى واختلاق الذرائع، القاهرة قادت حصارًا سياسيًا على إسرائيل من خلال قمة القاهرة للسلام وإرجاع القضية الفلسطينية إلى أصلها حتى لا تتوه فى زحمة المخططات، وبدأنا نسمع عن نداءات حل الدولتين ترتفع، كارت الأسرى الإسرائيليين والأجانب ورقة ضغط على الجانب الإسرائيلى لكبح جماحه، فضلاً عن أنها معضلة للغرب.

قدر القاهرة أن تعمل فى صمت دون شعارات ومزايدات وتترك لصفحات التاريخ أن تسطر المواقف حول من كان شريفًا، ومن اكتفى بالعنتريات، ويحكم على من نجح فى معركة الدجاج.

أضف تعليق

حكايات لم تنشر من سيناء (2)

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
إعلان آراك 2