في كتابي «طه حسين: تجديد ذكرى عميد الأدب العربي» (صدر في أبريل 2021) عقدتُ فصلًا طويلًا لمناقشة الاتهامات الباطلة التي رددها -ولا يزال يرددها- البعض للأسف حول طه حسين وموقفه من القضية الفلسطينية، استنادًا إلى تأويلات منحرفة وقراءات مشوهة وتفسيرات غير دقيقة لمواقف ونصوص بل ولرسائل علمية وأطروحات أكاديمية مشرفة ومرجعية وإصدارات ثقافية ونصوص ومقالات.. إلخ. وقد كنت حريصًا على استقصاء أطراف المسألة من اتهامات وردود من واقع النصوص وحدها ولا شيء آخر، وكان المصدر الأول والأهم في استقصاء هذه المسألة نصوص طه حسين نفسه، ومواد مجلة (الكاتب المصري) التي ترأس تحريرها خلال الفترة من 1945 وحتى 1948 (وهي السنة التي وقعت فيها النكبة) فضلاً على المواد والمقالات والدراسات التي تعرضت لبحث هذه القضية من قريب أو بعيد.
يمكن حصر أطراف القضية كلها فى دعوى وردِّها أو اتهامٍ وتفنيده.
يمثل طرف الادعاء فى حالتنا هذه أستاذة إعلام جليلة وقديرة، لكنها للأسف تورطت فى ترديد الدعوى وكررتها وألحت فى تكرارها عبر ما يزيد على الثلاثين سنة فى أكثر من عمل ومؤلف لها، كان آخرها كتابها الصادر فى 2017 بعنوان كتاب «الاختراق الصهيونى لمصر من 1917 حتى 2017»، وقبل هذا الكتاب (أو بعده بقليل) صدر لها كتاب آخر بعنوان «اليهود المصريون والحركة الصهيونية» عن دار الهلال، رصدت فيه بحسب ما تقول دور مجلة «الكاتب المصري» (1945-1948)، فى الترويج للحركة الصهيونية، وبنت دعايتها كلها على أفكار من قبيل الخلط الفاحش بين اليهودية كديانة وعقيدة و الصهيونية كحركة سياسية استعمارية أيديولوجية.
وذكرت فى معرض تدليلها على تلك التهم، كيفية استخدام الحركة الصهيونية للمجلة، قائلة: “عندما أقبلت الأربعينيات وأصبح تحقيق الوطن القومى اليهودى فى فلسطين قاب قوسين أو أدنى وانكشف تمامًا حقيقة الصهيونية أمام أعين الرأى العام العربى والمصري، من خلال الصدامات الدامية التى وقعت بين الحركة الوطنية الفلسطينية فى مواجهة الحركة الصهيونية المدعومة بالمساندة البريطانية، حينئذ أصبح لزامًا على الحركة الوطنية الصهيونية أن تعيد النظر فى أساليبها الدعائية، وتحاول استحداث أساليب جديدة تتلاءم مع متطلبات المرحلة التى كانت تستلزم مواصلة تجنيد الطاقات البشرية لليهود المصريين؛ لتحقيق الهدف الاستراتيجى للصهيونية”.
إقرأ باقي التقرير في العدد الجديد من مجلة أكتوبر، اضغط هنـا