قرر رئيس مجلس الشيوخ المستشار عبد الوهاب عبد الرازق، استكمال مناقشة تقرير لجنة الطاقة والبيئة والقوى العاملة عن موضوع "التنمية الاقتصادية بين مصادر الطاقة والحد من مشكلات البيئة (سوق الكربون- ضريبة الكربون)"، وذلك في جلسة الغد.
جاء ذلك في ختام الجلسة العامة اليوم، والتي بدأت في مناقشة التقرير الذي تم إعداده في ضوء الدراسة المقدمة من النائب عمرو عزت عضو تنسيقية شباب الأحزاب.
وذكر التقرير أن التنمية الاقتصادية في أي مجتمع إنساني ترتبط بمصادر الطاقة، التي تعد العمود الفقري لمختلف الأنشطة الاقتصادية وخصوصا النشاط الصناعي، ولذلك أصبح البحث عن مصادر الطاقة هاجسا رئيسيا لدى كثير من الدول والشركات العالمية.
وأشار التقرير إلى أن الدول سعت إلى استبدال مصادر الطاقة الجديدة والمتجددة بالطاقة التقليدية، ونتج عن هذا الأمر مجموعة من التحديات، والتي أثرت على مسيرة التنمية داخل دول العالم الثالث، وخصوصا الدول التي لا تملك احتياطيات ضخمة من مصادر الطاقة التقليدية أو تملك تكلفة الاعتماد على مصادر الطاقة النظيفة، ومن ثم تعددت الأفكار والآراء حول عملية توفير مصادر الطاقة بشكل يراعي احتياجات التنمية الاقتصادية، وفي نفس الوقت يراعي متطلبات الإنسان في بيئة أقل تلوثا، من خلال إيجاد بعض التشريعات المحلية والانخراط في بعض الاتفاقيات الدولية لتقنين هذا الأمر سواء من خلال فرض الضرائب على الصناعات الأكثر تلويثا للبيئة، أو من خلال إيجاد أسواق للاتجار في نسب الانبعاثات الضارة للبيئة بين الدول المختلفة، وذلك للتحكم في هذه النسب.
ولفت التقرير إلى أنه "لما كانت مصر دولة من الدول النامية التي تعاني الكثير من التحديات الاقتصادية، فإن دراسة هذه الأفكار والأطر المنهجية أمر على جانب كبير من الأهمية، حتى يمكنها اختيار ما يناسبها منها، وذلك لكي تستطيع التوفيق بين طموحاتها في التنمية من جانب وإمكانياتها الاقتصادية من جانب آخر، وحماية بيئتها ومقوماتها الطبيعية والبشرية والتي تعد ثروتها الحقيقية من جانب ثالث، وبذلك تكون عملية التنمية في مصر منظومة متكاملة الأركان تقوم على التقدم الصناعي، ومراعاة الإمكانيات المتاحة، وحماية البيئة".
ولفت التقرير إلى أن مصر في حاجة ماسة إلى تحقيق التنمية الاقتصادية الشاملة، لأن الزيادة السكانية المطردة بدون تحقيق هذه التنمية سوف تسهم بشكل فعال في القضاء على أي مشروع حضاري تسعى إليه الدولة المصرية، وبالرغم من جهود الدولة الحثيثة في الانطلاق نحو هذه التنمية، إلا أن مشكلة التعامل مع مصادر الطاقة تظل العقبة في مواجهة قضية التنمية، وذلك لأن مصر تحتاج إلى تحديد أي مصادر الطاقة يمكن استخدامها في تحقيق التنمية، هل المصادر غير المتجددة أم المصادر المتجددة؟!
وأكد تقرير لجنة الطاقة والبيئة والقوى العاملة عن موضوع "التنمية الاقتصادية بين مصادر الطاقة والحد من مشكلات البيئة (سوق الكربون- ضريبة الكربون)"، أن الاستمرار في الاعتماد على مصادر الطاقة التقليدية في مصر أمر محفوف بالمخاطر على المستوى طويل الأمد، كما أن التخلص منها أو تقليل الاعتماد عليها أمر غير يسير على المدى القصير أو حتى المتوسط.
وتابع التقرير أن الطاقة المتجددة من الناحية النظرية هي الأكثر ملاءمة لظروف مصر الاقتصادية، وإن كان من الناحية العملية من العسير الاعتماد عليها في المدى القصير أو المتوسط، ولكن يمكن بالتدريج وبالجهود الحثيثة من الدولة أن تتحول مصادر الطاقة المتجددة إلى العمود الفقري للصناعات المختلفة داخل مصر في المستقبل على المستوى البعيد.
واستعرض التقرير بعض التجارب الناجحة في تطبيق ضريبة الكربون مثل فنلندا والنرويج والسويد، ما ادى إلى انخفاض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون.
وتناول التقرير إيجابيات وسلبيات تطبيق هذه الضريبة، حيث تضمنت الإيجابيات: إجبار المتسببين في التلوث على دفع التكلفة الكاملة للضرر، وحماية صحة الإنسان التي تعد إحدى ركائز عملية التنمية، وتعويض المتضررين من تلوث البيئة.
بينما تتضمن السلبيات أن فرض هذه الضريبة سوف يساهم في زيادة أعباء المسثمرين ما سيدفع الكثير منهم إلى تصفية مشروعاتهم أو على الأقل سوف يضعف القدرة التنافسية بينهم، وهو الرأي الذي يدعمه "ريتشارد تول" أستاذ الاقتصاد في جامعة ساسكس حول أن تطبيق ضريبة عالمية على ثاني أكسيد الكربون تبدأ بمبلغ 68 دولارا لطن الكربون سوف تؤدي على الأمد المتوسط إلى خفض الناتج المحلي العالمي بنسبة 12.9% في عام 2100، أي ما يعادل 40 تريليون دولار سنويا بتكلفة تزيد 50 ضعفا على الضرر المرتقب من الاحتراز العالمي.
كما تتضمن السلبيات الإسهام في رفع أسعار السلع المرتبطة بالوقود الأحفوري خصوصا وأن مصر ليست من الدول المصدرة للطاقة، مما سينعكس سلبا على الأسرة المصرية خصوصا في الكثير من شرائح الطبقة الوسطى وكافة شرائح الطبقة محدودة الدخل.
وشدد التقرير على أن اللجوء إلى الطاقة النظيفة أو المتجددة أمر عسير المنال للدول المتقدمة، وبالتالي سيكون أكثر صعوبة للدول النامية، لذا من الصعب الاعتماد عليها بشكل كلي في مصر في ظل التحديات الراهنة، وإنما يمكن الاعتماد عليها كعامل مساعد.