«ناجى العلي»، هو أول وآخر فيلم مصري يتعرض لرمز ثقافى نضالي فلسطيني وهو رسام الكاريكاتير الفلسطيني الشهير الذى يحمل الفيلم اسمه، من خلال استعراض أحداث وتواريخ تتعلق بفلسطين وقضيتها الوطنية، وحتى ختام الفيلم الذى ينتهى بتوقف قلب «العلي» داخل مستشفى بلندن، «عقب اغتياله» عام 1987.
ويحكى بطل الفيلم الفنان الراحل نور الشريف، قصته مع هذا الفيلم فى مقال نادر بقلمه، قائلاً: «هل لأنه ناجى العلى أم لأننى نور الشريف... أكتب هذه السطور؟ لا أدرى وإن كنت أعتقد أنه لا فرق.. لا أستطيع أن أنسى هذا العام.. عام (1990) حين خضت تجربة تصوير فيلمى (ناجى العلي) مع المخرج الراحل عاطف الطيب.. كنا كل فريق الفيلم، مشتعلين بالحماس وكل منا بدا كما لو كان يشكل نقطة تحول مهمة فى مسيرته الفنية، وكنت راضيا عن نفسى بنسبة كبيرة، لأن العمل يحتل المقام الأول فى حياتى وحبى له يصل إلى حد الجنون».
ويستطرد «نور»: «ناجى العلى لم يكن مجرد فيلم جاد فى مسيرتى، بل كان دليلى الذى قادنى إلى مرحلة النضوج فى زمن التردى السائد فى معظم الإنتاج الفنى، كان هو البديل المطلوب للأفلام المبتذلة أو أفلام المقاولات التى تتعمد الابتعاد عن صلب الهموم الكبرى والموضوعات الجوهرية، وتعمل على طمس المشكلات الإنسانية والقومية والوطنية من خلال طرحها لموضوعات سطحية تخاطب الغرائز وليس العقول والقلوب».
ويتابع: «ناجى العلى، فيلم الوطن والحرية، الوطن فلسطين وهى القضية القومية الأهم ومحور الصراع العربى الصهيونى، والحرية هى المشكلة المركزية فى وضعنا العربي، ومن خلال هذا الفيلم سعينا لطرح رؤية فنية سينمائية شكلا وموضوعاً تحاكى الفكرة جمالا وجدية».
و«بالطبع كانت هناك أسباب أخرى غير رغبتى الملحة فى التجديد لخوض تجربة (ناجي العلي) أهمها أن صورة القضية الفلسطينية غير واضحة تماما لأن اختلاف وسائل الإعلام شوه هذه الصورة، وحدث تصيد لأخطاء بعض الشخصيات الفلسطينية، لذا فإن حماسى انصب على مواطن فلسطينى من داخل الأرض المحتلة لم يتغير، ورغم تنقله من قطر إلى قطر إلا أن فلسطين ظلت تسكن داخله.. هذا المواطن البسيط عاش حياة صعبة رفض خلالها التضحية بفنه وقضيته».
«تعاملت مع (ناجى العلى) على مستويين: القضية الفلسطينية والأرض، وهى دائما الرمز للفنان الملتزم.. الفنان الذى لا يبحث عن تبرير لانهياره أو ضعفه أو ابتعاده عن قضية، بل يصر على موقفه دون الخضوع للتيارات الحزبية.. إن حماسى لناجى العلى كان ينبع من التعلق ب القضية الفلسطينية بعيداً عن التحيز والضغوطات، أنه يحمل وجهة نظر المواطن العربى الفلسطينى».
دفعنى نحو ناجى العلى أيضا اعتقاد أنه النموذج الرائع لغياب الحرية، لأنه لا يمسك مدفعاً ولم يؤلف حزباً بل قلما وريشة وحبرا وأوراقا فقط لا غير».