بشارة التلمود

بشارة التلمودأحمد النومي

الرأى10-11-2023 | 22:09

بين مطرقة "الزوال" وسندان "الخراب" تعيش دولة الكيان المحتل فوق كثبان رملية متحركة تنذر بابتلاعها، والشواهد تؤكد أن إسرائيل دولة تسير بقوة القصور الذاتى، وتبحث عن "حزام الأمان" للنجاة من اصطدامات عنيفة تعجّل بالسقوط فى الوحل.

"لعنة العقد الثامن" نبوءة تلمودية بالعهد القديم، لها تأثير عميق على مراكز صنع القرار، ملخصها أنه لم تعمر لليهود دولة أكثر من 80 سنة باستثناء فترتى الملك داود والحشمونائيم وتمزقت بسبب الاقتتال الداخلى.

المخاوف تعدت الحاخامات ووصلت إلى الساسة، منهم ثلاثة شغلوا منصب رئيس الوزراء، مثل "بنيامين نتنياهو" الذى ادعى أن بقاءه رئيسًا للوزراء هو الضمان الوحيد لاستمرارية إسرائيل بعد عقدها الثامن، على خلاف الحال مع ممالك إسرائيل التاريخية السابقة، تبعه "نفتالى بينيت"، داعيًا اليهود إلى الوقوف خلف ائتلافه محذرًا من التجاذبات الداخلية وبالتالى الاندثار، وصولاً إلى"إيهود باراك" معربا عن مخاوفه من قرب زوال إسرائيل -"الدولة الثالثة"- قبل حلول الذكرى الـثمانين لقيامها، مستشهدًا بالتاريخ اليهودى ويخشى أن يتأثر هذا العهد الثامن باللعنة نفسها، ويعترف الجنرال المتقاعد "شاؤول أرئيلى"، بفشل الحركة الصهيونية فى تحقيق حلم إقامة دولة إسرائيلية ديمقراطية بأغلبية يهودية، معتبرًا أن الصراعات الداخلية والتوترات الثقافية والهوياتية تهدد استمرارية الدولة العبرية، وتوقع "بيني موريس"، المؤرخ الإسرائيلى، أن إسرائيل ستشهد انحلالاً وغوصًا فى الوحل، وانتصار العرب والمسلمين.

الشواهد تؤكد أن زوال الكيان المحتل ليس سرابًا أو حيلة إسرائيلية خبيثة لجذب التعاطف الدولى، بل يستند إلى الاعترافات التى تصدر من منظومته السياسية والفكرية والعسكرية، وأعتقد أن الطريق معبد لتحقيق النبوءة، بدايتها من المواجهات المتعددة مع المقاومة الفلسطينية والتى أسقطت الإجماع الصهيونى بنظرية "أرض بلا شعب"، وتوحدها تشكل خطرًا مميتًا على الكيان المحتل.

الخطر الديموجرافى وتنامى عدد السكان العرب وابتلاع اليهود، يهدد فكرة الدولة الواحدة، والحل فى تغيير الجغرافيا بالدماء أو بالتهجير، بخلاف المكون المتناقض لدولة الاحتلال من أعراق وإيديولوجيات متنافرة، حتى الديانة اليهودية فى تفسيرهم تفتت ولا توحد، لدرجة أن بعض الحاخامات يقولون بأنه يوجد يهوديتان.

المشهد السياسى الإسرائيلى ليس أفضل حالا وملبد بالغيوم، بسبب سيطرة الدين على السياسة، وإفراز حالة غير مسبوقة من الانقسام جعلت إسرائيل فى مهب ريح التفكك الوطنى، بينما أجهزة المعلومات الأمنية، سقطت فى شباك "طوفان الأقصى" وكشفت زيف هالة تقديسها، والاقتصاد يئن وستضاعف فاتورة الحرب من أوجاعه، مع وصول تكلفتها لنحو 200 مليار شيكل (51 مليار دولار).

"التلمود" فى العقلية اليهودية مقدس ويعلو على "التوراة"، والحاخامات يقولون "من احتقر أقوال التوراة فلا جناح عليه، ومَن احتقر التلمود استحق الموت‏"، فهل بشارة الزوال تدفعهم إلى الكفر بالتلمود.

أضف تعليق