اليوم التالي

اليوم التاليسعيد صلاح

الرأى10-11-2023 | 22:10

إذا كان الحديث قد بدأ عن "اليوم التالي" فى غزة، وهو السيناريو الذي وضعه بايدن وتحدث عن بعض ملامحه وزير خارجيته بلينكن فى اجتماع وزراء مجموعة الـ "G7"، فهذا معناه قرب التوصل إلى هدنة إنسانية وربما قرار لوقف "مؤقت" لإطلاق النار فى القطاع، وقد يستبق هذا القرار القمة العربية الطارئة.

فى كل الأحوال هناك حديث الآن عن "ما بعد غزة" فإسرائيل لا تزال تتمسك بموقفها العسكري المجرم، وهو ما يسبب شبه صدام مع بايدن، تحدث عنه بلينكن بعد اجتماع طوكيو عندما قال: نحن واضحون للغاية فى شأن عدم إعادة الاحتلال، تمامًا كما نحن واضحون للغاية فى شأن عدم تهجير السكان الفلسطينيين فى الهجوم الإسرائيلي على غزة، وفى المقابل لا يمكن أن تستمر حماس فى إدارة غزة، والحقيقة الآن هي أنه قد تكون هناك حاجة لفترة انتقالية ما فى نهاية النزاع، لكن من الضروري أن يكون الشعب الفلسطيني محوريًا فى الحكم فى غزة والضفة الغربية.

أما نحن العرب فتتحفظ السلطة الفلسطينية على تسلم الإدارة فى غزة فى ظل الوضع الراهن وتصر على وقف الحرب، فيما أعلنت مصر – بعد زيارة مدير وكالة المخابرات المركزية وليام بيرنز للمنطقة - موقفها من مقترح "إدارة غزة أمنيًا"، حتى تتمكن السلطة الفلسطينية من تولي السلطة بعد انتهاء القتال فى القطاع، وأيضًا رفضها تواجد أي قوات دولية أو عربية فى القطاع، هذا فضلاً عن الرفض القاطع من قبل كل العرب وعلى رأسهم مصر والأردن لفكرة تصفية القضية الفلسطينية عبر تهجير الفلسطينيين وتوطينهم فى سيناء والأردن.

وإذا كانت هذه بعض من ملامح المستقبل القريب فى غزة، فإن الاستغراب الشديد يبدو "منطقي"، بسبب حجم التحركات العسكرية الكبرى فى المنطقة، والذي وصل إلى حد إرسال غواصات نووية، متذرعة بـ "الردع الإقليمي"، مرة وبحماية ونقل الرعايا الأجانب مرة، وتقديم الدعم الطبي للضحايا مرة أخرى، فمثلاً دولة مثل بريطانيا أرسلت سفينتين تابعتين للبحرية الملكية وطائرات إلى شرق البحر الأبيض المتوسط؛ وذلك بهدف معلن وهو دعم إسرائيل وتعزيز الأمن الإقليمي ومنع أي تصعيد، أما فرنسا فقد أرسلت قطعًا عسكرية بحرية عملاقة بحجة أنها فى مهمة إغاثة طبية للمصابين، وهناك أيضًا أستراليا التى أرسلت قوات وطائرتي نقل عسكريتين لنقل المواطنين الأستراليين الذين يبلغ عددهم 120 فقط، فيما أرسلت ألمانيا قوات إضافية إلى قبرص.

أما القوات الأكثر عددًا والأكبر حجمًا، والأكثر تسلحًا، والأخطر فى هدفها، كانت القوات الأمريكية، والتي تعد القائد الحقيقي للحرب على قطاع غزة، فى ظل تواجد خبراء عسكريين، ودعم غير محدود لتل أبيب، وعبر أحدث القطع الحربية التي وصلت إلى المنطقة، ومنها الغواصة النووية الأمريكية "أوهايو" لتنضم إلى حاملتي الطائرات "فورد" و"أيزنهاور"، وبالطبع الصين وروسيا ما كان لهما أن تتركا الملعب هكذا، فروسيا لها قواعد عسكرية فى سوريا، فيما شاركت فرقة العمل 44 للمرافقة البحرية الصينية من المسرح الشرقي لجيش التحرير الشعبي فى عمليات روتينية فى المنطقة، وقضت عدة أيام فى عمان ثم أرسلت إلى مكان غير محدد بعد مشاركتها فى التدريب.

كل هذه الحشود العسكرية.. لماذا؟! أعتقد أن المنطقة على موعد مع أحداث كبرى تتطلب منا القراءة الجيدة للمعطيات وسيناريوهات المستقبل، واليقظة الكاملة حتى لا تتداعى علينا الأمم، ومصر منذ بداية الأحداث وقبلها قد حذرت مرارًا من هذه السيناريوهات وتستعد بشكلٍ جيد لما قد يحدث بين عشية أو ضحاها، ومن الضروري أن نلتف جميعًا خلف قيادتنا وخلف وطننا لنحميه من أى مخططات تحاك له وتريد أن تنال منه.

حفظ الله الجيش.. حفظ الله الوطن

أضف تعليق