اشتري المصري.. الهدف والتحديات

لا تزال الأحداث تتسارع والمشهد يزداد سخونةً رغم الهدنة المقترحة للآلة العسكرية الإسرائيلية فى حربها الإرهابية لإبادة الشعب الفلسطيني.

المشهد يحمل العديد من التقاطعات، والأحداث تنبئ عن مسارات قد تغيّر شكل المنطقة بالكامل حال مواصلة السير باتجاهها.

التحذيرات العقلانية التي تطلق لوقف آلة الحرب الإسرائيلية والمدعومة من الغرب فى مواجهة الفلسطينيين المدنيين، والكشف عن حقيقة المسارات والأهداف، باتت بمثابة عقبة أمام استكمال السيناريوهات المرسومة لإحراق المنطقة، وإعادة ترسيمها من جديد.

لكن الأمر لن يتوقف عند إخفاق تنفيذ مسار أو فشل أحد السيناريوهات، فهناك العديد من البدائل لدى قوى الشر الأمر الذي يستوجب أن نظل أكثر يقظةً وإدراكًا لما يدور من حولنا، فى ظل تشابكات وتقاطعات تجعل المشهد أكثر تعقيدًا.

المسار المصري ووضوح رؤيته يجعله أهم المسارات تأثيرًا فى مواجهة محاولات إحراق المنطقة.

ف مصر تحرص على تحقيق السلام والأمن والاستقرار من أجل الحفاظ على الشعوب ومقدرات الدول، وتحذر دائمًا من التعامل العسكري فى حل القضايا مستشهدة بتاريخ طويل من الأزمات التي ازدادت تعقيدًا بالتدخل العسكري.

كما حذرت مرارًا من تأخر حل القضية الفلسطينية وتأثير ذلك على المنطقة والعالم. وهو الأمر الذي أصبح واضحًا أمام العالم، كما حذرت من محاولات استهدفت تصفية القضية الفلسطينية على حساب دول الجوار وهو ما قوبل بموجة عارمة من الرفض الشعبي الفلسطيني والعربي.

كما طالبت القوى الدولية والمنظمات والهيئات الدولية بتحمل مسئوليتها وضرورة التدخل لوقف عمليات الإبادة الجماعية التي تمارسها إسرائيل ضد المدنيين فى الضفة والقطاع من الفلسطينيين، وهو ما يعد جريمة حرب مكتملة الأركان بحسب القانون الدولي الإنساني.

وواصلت مصر دعمها وتقديم المساعدات للأشقاء الفلسطينيين فى قطاع غزة من خلال قوافل المساعدات التي تقدمها، وكذا استقبال المساعدات من الدول الأخرى وإدخالها إلى القطاع عبر معبر رفح، الذي حرصت مصر على أن يظل مفتوحًا أمام المساعدات بشكل يومي وعلى مدار 24 ساعة دون توقف من الجانب المصري.

كما حرصت على استقبال المصابين من الأشقاء الفلسطينيين للعلاج داخل المستشفيات المصرية.

وتواصل مصر مساعيها وتحركاتها الدبلوماسية من أجل وقف الحرب الإسرائيلية فى قطاع غزة، مستهدفة عودة الهدوء إلى القطاع لإعادة الإعمار بعد أن تسببت الحرب الإسرائيلية فى تدمير البنية التحتية فى القطاع بالكامل.

كما تؤكد على ضرورة تحريك عملية السلام بخطوات حقيقية للوصول إلى حل الدولتين، وضمان حالة الاستقرار فى الأراضي المحتلة.

وهو ما يؤكد عليه دائمًا الرئيس عبدالفتاح السيسي من أن حل الدولتين هو السبيل الوحيد لتحقيق السلام العادل والشامل وتحقيق الاستقرار فى المنطقة.

(1)
فى الخامس والعشرين من أكتوبر الماضي وخلال اصطفاف الفرقة الرابعة المدرعة للجيش المصري، شهد الاحتفال الذي جاء من أرض الاستعراض بـ «العميد» استعراضًا للأسلحة التي شاركت فى حرب أكتوبر 73 لتحرير الأرض، بالرغم من قدراتها المحدودة إلا أن المقاتل المصري استطاع أن يضبط ميزان القوة لصالح مصر بما يمتلكه من مهارة وقدرات قتالية عالية جعلته يتفوق فى استخدام تلك الأسلحة محققًا النصر، الأمر الذي حاز تقدير الدول المُصنّعة للأسلحة بل إنها اعتبرت حرب أكتوبر بمثابة اكتشاف جديد للقدرات القتالية لأسلحتها، لكن الحقيقة أن المقاتل المصري كان هو كلمة السر فى النصر.

وفى ذات الوقت تم استعراض ما حدث من تطوير وتحديث للقوات المسلحة بكل أفرعها الرئيسية وكل الأسلحة محققة التفوق النوعي والكمي لحماية تراب هذا الوطن ضد أي معتدٍ أو من تسوّل له نفسه محاولة المساس بالدولة المصرية أو مقدراتها، وقد كان الاحتفال جزءًا من الاحتفال بمرور 50 عامًا على حرب أكتوبر، والذي جاء من أرض طابور اصطفاف أقوى الفرق العسكرية وأحد تشكيلات الجيش المصري والتي تعد بمثابة رأس الحربة، لتؤكد على الجهازية للقوات للذود عن تراب هذا الوطن، لأنه لا سلام بدون قوة حقيقية تحميه وتذود عنه.

كانت الرسالة قوية وكلمات الرئيس السيسي خلال الاحتفال واضحة، ولمن لم يعِ رسالة يوم 25 من أكتوبر الماضي.. جاءت رسالة يوم 31 أكتوبر أيضًا تأكيدًا على أن الدولة المصرية لم ولن تسمح بتصفية القضية على حساب دول الجوار، وأنها ستواصل عملها من أجل حل القضية الفلسطينية وإعلان دولة فلسطين وعاصمتها القدس الشريف، ولن تقبل أبدًا بمحاولات تهجير الأشقاء خارج أراضيهم، أو أي محاولة للمساس بالتراب الوطني وستظل مساندة وداعمة للقضية فهي قضيتنا المركزية وما قدمناه منذ عام 48 وحتى الآن.

ففي يوم العزة عندما وجه الأبطال من أبناء سيناء صفعة على وجه المحتل أفقدته توازنه فى 31 أكتوبر 1968 فى مؤتمر الحسنة بوسط سيناء وعلى الطريق الممتد بين نخل والعريش.

ليقف شيوخ سيناء أمام العالم الذي كان ينتظر تلك اللحظة، ويعلن الشيخ سالم الهرش الذي خدعهم فى بداية كلمته قائلاً، أنتم تريدون سيناء دولية، ثم فاجأ الجميع بقوله، «أؤكد لكم أن سيناء مصرية وستظل نبتة مصرية 100% ولا يملك الحديث فيها إلا السيد الزعيم جمال عبد الناصر»، لقد كانت صفعةً قويةً على وجه العدو المحتل الذي كان ينتظر أن يعلن مشايخ سيناء انفصالهم عن مصر ليعلن تضامنه مع تدويل سيناء وتأتي من بعده الولايات المتحدة الأمريكية، فقد كانت الإدارة الأمريكية ووفق ترتيبات مع الجانب الإسرائيلي قد أعدت بيانًا مسبقًا تعلن من خلاله تضامنها مع مشايخ سيناء وتدويل القضية حال إعلانهم ذلك فى المؤتمر الذي أعده موشى ديان، وزير الدفاع الإسرائيلي فى ذلك الوقت.

لكن أبطال سيناء تصدوا لهذا المخطط الشيطاني وتحملوا الكثير فى سبيل الدفاع عن الوطن.

وجاء الأبناء يحملون نفس الروح ويحافظون على تلك البقعة المباركة من أرض الوطن، ويشاركون القوات المسلحة والشرطة المصرية فى الدفاع عنها وتطهيرها من دنس الإرهاب.

وبمناسبة الذكرى الـ 55 لمؤتمر الحسنة يقوم رئيس الحكومة يرافقه عدد من الوزراء بتدشين المرحلة الثانية من مشروع تنمية سيناء، معلنًا من أرض الكتيبة 101 وللعالم أجمع أن سيناء نفديها بأرواحنا ولن نفرط فى حبة رمل منها، وسنواصل تنمية كل شبر فيها فما تحقق من إنجازات خلال المرحلة الأولى سيتواصل فى المرحلة الثانية ليتحقق الهدف الاستراتيجي وهو زراعة تلك البقعة الغالية من تراب الوطن بالبشر، من خلال التنمية التي بلغ تكلفتها أكثر من تريليون جنيه تقريبًا.

كما زار مع عدد من الوزراء ووسائل الإعلام العالمية معبر رفح، وعقد مؤتمرًا صحفيًا أكد فيه أن مصر ستواصل دعمها ومساندتها للأشقاء الفلسطينيين لتخفيف المعاناة عنهم وتقديم كل أوجه المساعدة للأسر والمصابين.

إنها رسالة تأكيد أن مصر لم ولن تتخلى عن حبة رمل من ترابها الوطني، كما أنها لم ولن تتخلى عن دعم قضيتها المركزية «القضية الفلسطينية» ودعمها ومساندتها للأشقاء الفلسطينيين حتى يتم إعلان دولة فلسطين وعاصمتها القدس.

(2)
على مدى أكثر من شهر ومنذ بداية الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة؛ بدأ الشارع المصري على المستوى الاستهلاكي موجة استهدفت خلق حالة ضغط على الاقتصاديات الداعمة للقوة العسكرية الإسرائيلية من منطلق استخدام القوى الشعبية لأدواتها المتاحة.

فأطلقت حملات لمقاطعة المنتجات الداعمة للعدوان، فى الوقت ذاته أطلقت حملات أخرى على صفحات السوشيال ميديا تروّج للمنتج المصري، وهو ما يعد سلوكًا رشيدًا فى ظل تطورات الأوضاع وهو ما يحتاج إلى توقف عند بعض النقاط، لتكون تلك الحملات بمثابة قاطرة انطلاق نحو مرحلة مهمة ومؤثرة فى الاقتصاد الوطني وتطوير الصناعة الوطنية.

دعونا هنا نتوقف عما يحاول فعله البعض دائمًا عند حدوث مثل تلك التحركات الشعبية والتلقائية من الشعب، أن يضفي عليها بعض التجارب العالمية مستشهدًا بها.

فتجارب الشعوب يمكن الاستفادة منها لكن يصعب تطابقها أو نقلها بشكل كامل، فلكل مجتمع طبيعته الاجتماعية وسلوكياته وثوابته وقدراته.

فالمنحة دائمًا تولد من رحم المحنة، وانطلاقات الشعوب تأتي من رحم الأزمة؛ لكن الأمر يتوقف على مدى قدرة الشعوب على مواجهة تلك التحديات لكي تعبر إلى مرحلة الانتعاش والنمو.

فالسوق المصري يعد سوقًا واعدًا بل هو من أهم الأسواق فى المنطقة فى ظل وجود 109 ملايين مستهلك، بالإضافة إلى كونه بوابة لسوق إفريقي مهم يبلغ تعداده أكثر من مليار و470 مليون نسمة، وسوقًا عربيًا مهمًا.

الأمر الذي يجعل المنتج المصري يمتلك فرصة واعدة للوصول إلى تلك الأسواق، فى ظل قدرته على المنافسة نظرًا لتوافر العمالة الرخيصة وما تمتلكه من قدرات فنية.

فخلال فترة أزمة كورونا استطاع المنتج المصري أن ينافس بقوة فى الأسواق العالمية، وارتفع حجم الصادرات المصرية بشكل كبير بنسبة 48.8% خلال عام 2021 عن سابقه 2020 بقيمة إجمالية بلغت 43.6 مليار دولار، وبلغت فى عام 2022 ما يقارب 51.6 مليار دولار، فى الوقت الذي بلغت فيه حجم الواردات عام 2022 ما يقارب 94.5 مليار دولار، بفارق يقترب من النصف.

الأمر الذي يستوجب زيادة حجم الصادرات وتقليل حجم الواردات، وهو ما ظهر خلال شهر يونيو الماضي حيث انخفضت الواردات بنسبة 38.1% عن عام 2022 فى العديد من السلع فى الوقت الذي ارتفعت فيه حجم الواردات من سيارات الركوب.

إن استهداف حملة اشتري المنتج المصري وتشجيع المستهلك على شراء المنتجات المحلية سيخلق سوقًا رائجًا لها مما يجعل المصنعين أكثر قدرة على تطوير المنتجات.

فلقد ساهم الحس الوطني لدى الشعب الصيني فى تطوير تجربته لتصبح ثاني أكبر اقتصاد على مستوى العالم.

كما أن الشعب المصري يمتلك حسًّا وطنيًا يجعله دائمًا قادرًا على مواجهة التحديات والنجاح فى تحقيق العديد من النجاحات.

فلقد استطاع المصريون خلال شهر إعادة حالة الرواج غير المسبوقة لعدد من المنتجات الوطنية، مما فتح الباب لضخ استثمارات جديدة فى العديد من الصناعات.

إن الاستمرار فى دعم المنتجات المحلية سيكون اتجاهًا ونمطًا استهلاكيًا مستدامًا، إلا أن ذلك سيتوقف على مدى جاهزية الشركات المحلية فى تحسين استراتيجيات الإنتاج عبر تطوير المنتجات وزيادة جودتها.

كما يؤدي ذلك إلى زيادة حصة المنتجات المحلية فى الأسواق وتعزيز الاقتصاد المحلي.

إضافة إلى تحقيق الاستقلالية الاقتصادية، وتقليل الاعتماد على المنتجات المستوردة بشكل كبير.

كما يسهم فى تقليل الضغط على العملة الصعبة.

كما سيساعد ذلك على تشغيل الشركات المحلية ذات رأس المال المحلي الخالص، كما يسهم فى دعم الاقتصاد القومي من خلال فتح وتشغيل المصانع المحلية والتقليل من معدل البطالة.

إن حملة اشتري المصري التي أطلقها البعض وشهدت تفاعلاً قويًا على المستوى الشعبي تعد بمثابة بداية لإنعاش الاقتصاد الوطني، يستوجب منا جميعًا مراجعة قائمة المشتريات الخاصة بنا ليصبح شعار صنع فى مصر هو السائد فى منازلنا جميعًا، كما أنه على المنتجين الوطنيين أن يدركوا عظم المسئولية الملقاة على عاتقهم من خلال العمل على رفع مستوى جودة المنتج بما يتناسب مع احتياجات السوق والمنافسة مع المنتجات الأخرى.

#لا_للتهجير
#معا_لدعم_القضية_الفلسطينية

أضف تعليق