في الذكرى الخمسين لرحيله.. طه حسين وموقفه من القضية الفلسطينية (2-2)

في الذكرى الخمسين لرحيله.. طه حسين وموقفه من القضية الفلسطينية (2-2)طه حسين

حوارات وتحقيقات13-11-2023 | 16:32

«لو لم يكن بيننا وبين إخواننا من أهل فلسطين إلا هذا الإخاء العام، لكان من الحق علينا ألا نقف من هذه الأحداث التي ألمت بهم أمس موقف الذين ينظرون ولا يشعرون ويشهدون ولا يتأثرون، كما نحب أن يشعر إخواننا من أهل فلسطين أننا شركاؤهم فيما يحسون من ألم وحزن»...

من مقال قديم نشره طه حسين في مجلة «الشرق»، بتاريخ 28 أكتوبر 1933، بعنوان «فلسطين»، وهذا واحدٌ من نصوص ومقالات عدة تبين موقف طه حسين من فلسطين، وما دار فيها خلال الثلاثينيات والأربعينيات.. ما أشبه الليلة بالبارحة.

1
... ونستكمل الحديث حول موقف طه حسين من القضية الفلسطينية، واللغط الذي يحلو للبعض أن يثيره من آن للآخر حول ما يدعيه هذا البعض (أو بالأحرى يوجهه من سهام النقد والإساءة) ل طه حسين وموقفه من الصهيونية (هكذا!!).

وقد عرضنا فى الحلقة السابقة للدعوى (حيثيات الاتهام) وأطرنا هذا الاتهام فى عدد من الأفكار والنقاط استهللنا بها قبل الانطلاق من دحض هذه الاتهامات من أساسها فيما أظن بالكشف عن اضطراب المقدمات وبالتالي اضطراب النتائج، وبالكشف كذلك عن اضطراب المنهج والرؤية وبالتالي سوء الاستنتاج والتفسير وضربنا مثالاً على ذلك بكشف الخلط الفادح والفاضح بين مفهومي «الصهيونية» و«اليهودية» وليس هناك داعٍ لتكراره هنا مرة أخرى!

فى هذه الحلقة سنعرض لدفاعاتٍ وحيثيات أخرى قدمها باحثون ومتخصصون فى تراث طه حسين وفكره، وعلى رأس هؤلاء الباحث والمؤرخ حلمي النمنم فى كتابه المشار إليه سابقًا ( طه حسين والصهيونية/ 2010) وكذلك الباحث والمفكر الفلسطيني الراحل محمد دكروب فى دراسته التي نشرها عام 2008 بمجلة «دراسات فلسطينية»، وفيها يفند الكاتب الشبهات التي أحاطت ب طه حسين بشأن قبوله ترؤس تحرير مجلة «الكاتب المصري»، وهي مجلة كانت تملكها عائلة هراري اليهودية المصرية.

وقد انزلق بعض النقاد إلى ترويج كلام وشائعات عن أنه خدم الصهيونية ربما من غير أن يدري، وأن هذه المجلة أدارت ظهرها للقضية الفلسطينية، ولم تتناول أحداثها قط. وهذه المقالة مكرسة كلها لتفنيد هذه الشبهات والشائعات استناداً إلى المجلة نفسها؛ فهي دراسة توثيقية تحليلية تنير هذا الالتباس، وتكشف الكسل الثقافى لبعض النقاد وقصورهم عن توخي الدقة فى هذا الأمر بالتحديد.

2
فى كتابه « طه حسين والصهيونية» (2010)، يقدم حلمي النمنم قراءة جادة ورصينة مدعومة بالأدلة النصية والوثائق والتحليل المتماسك لموقف طه حسين من الحركة الصهيونية عامة، و القضية الفلسطينية بخاصة، فى مرحلة باكرة من مراحل مأساتها الممتدة، التي سبقت إعلان قيام الكيان الصهيوني والدولة الإسرائيلية على أرض فلسطين (1945-1948)، خصوصًا مع اطراد ما طال طه حسين من اتهامات باطلة سخيفة حول هذه المسألة.

ويفند حلمي النمنم تلك الاتهامات، ويسوق الأدلة والبراهين على نزاهة موقف طه حسين، وبراءة ذمته الفكرية والعربية والقومية تجاه ما تردد حوله إزاء هذه القضية؛ وذلك من واقع كتابات ونصوص طه حسين وحده، وهي نصوص لم يتم إلقاء الضوء الكافى عليها من الكشف والدرس والتحليل.

فى كتابه، يدافع النمنم دفاعًا عقلانيًا مجيدًا عن الأستاذ العميد، وعن مجمل مشروعه الفكري والثقافى؛ ويشدِّد على أنه كان لزامًا على من تولوا شن الحملات الضارية على طه حسين أن يستوثقوا أولاً من آراء وأفكار الرجل من واقع كتاباته ونصوصه المتنوعة التي كان ينشرها فى صورة مقالات بالدوريات المختلفة آنذاك.

ومع ازدياد وطأة هذا الهجوم، حدةً وشراسة فى النصف الثاني من الأربعينيات، تحددت التهم التي طالت طه حسين بخصوص موقفه من الحركة العربية عامة، والقضية الفلسطينية، فى ما يلي:

- أنه لم يذكر فلسطين بكلمة واحدة، وتجاهل تمامًا الإدلاء برأي أو الإشارة إلى الصراع الدائر بفلسطين خلال الفترة التي سبقت النكبة بنحو ثلاث سنوات.
- قبوله الإشراف ورئاسة تحرير مجلة «الكاتب المصري» التي كانت تصدر عن دار (الكاتب المصري) التي كانت تمتلكها وتمولها أسرة هراري اليهودية المصرية.
- إلقاؤه لمحاضرة بالإسكندرية عن (الأدب العربي واليهود)، وطالته بسبب هذه المحاضرة اتهامات عديدة، على رأسها تعاطفه مع اليهود.
- علاقته بالطالب والباحث اليهودي إسرائيل ولفنسون الذي أعد رسالته لنيل درجة الدكتوراه بإشراف الدكتور طه حسين، بعنوان «تاريخ اليهود فى بلاد العرب فى الجاهلية وصدر الإسلام» فى عام 1927م، وكتب له مقدمةَ هذا الكتاب.

إقرأ باقي التقرير في العدد الجديد من مجلة أكتوبر، اضغط هنـا

أضف تعليق

رسائل الرئيس للمصريين

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
تسوق مع جوميا

الاكثر قراءة

إعلان آراك 2