نقدر الدموع المصرية التي تنهمر أمام المشهد الفلسطيني
بذور القومية العربية الحقيقية انطلقت من مصر
شبكات التواصل الاجتماعي والشباب المستنير كشفت الحقيقة وفضحت إعلام الصهاينة المضلل
الشعب المصري لم يكتف بالتعاطف كان سلاحه المقاطعة
"نرى الدموع المصرية تنهمر أمام المشهد الفلسطيني.. السلطة الفلسطينية والشعب الفلسطيني كله حتى أصغر فرد فيه يشكر القيادة السياسية المصرية برئاسة سيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي أول من تيقن بفطنته إلى المخطط الصهيوني في تهجير الشعب الفلسطيني.. ونشكر الشعب المصري الأصيل الذي وجدناه دوما في أزماتنا ومحطاتنا المتعددة منذ أن اغتصبت أرضا وحتى تلك اللحظة.. الشعب المصري هذه حقيقته وأصالته التي عاهدناها دوما وهذا هو انتماؤه.. المصريين ليسوا أشقاء فقط هم أهل وشركاء بالمعنى الحرفي فالهم مشترك والحزن مشترك بيننا.. الشعب المصري من المفترض ألا يقدم لنا واجب العزاء على شهدائنا إنما يأخذ معنا العزاء يدا بيد على أهله الفلسطينيين"، هكذا بدأ السفير رأفت بدران القنصل الفلسطيني بالإسكندرية، حواره لبوابة "دار المعارف".
كيف تقيم الإدارة الفلسطينية الموقف المصري سواء تاريخيًا أو حاليًا ؟
كثيرا ما تحدثنا عن مصر ودورها التاريخي والأهم أن مصر شقيقة كبرى لكل الدول العربية فأعتقد أن هذا البلد انطلق منه بذور القومية العربية الحقيقية في الخمسينات الستينات حين كان هناك محاولة لجمع الأمة العربية لرعاية مصالحها المشتركة وانتهاء بالموقف الراهن وموقف مصر تاريخيا تعدي أن تكون متضامنة مع القضية الفلسطينية أو مجرد أن يكون لها موقف تعبر عنه فهي شريكة مع الشعب الفلسطيني وقضية فلسطين في الدماء وهناك كثير من الحروب التي خاضتها مصر وكان آخرها حرب أكتوبر المجيدة والتي لأول مرة تشعر الأمة بأنها تحقق نصرا بعد النكبات والنكسات التي حلت بها في السابق.. فالعديد من الجنود المصريين الشهداء تحتضنها التراب الفلسطيني كما احتضنتها رمال سيناء وقطاع غزة بالتحديد كان لها دور بارز بحكم حالة الانقسام الجغرافي الذي حدث بعد عام ٤٨ وبالتالي كان لها دور مباشر للوجود المصري في قطاع غزة الذي أسس لمقاومة وفتح آفاق أمام تفجير الحالة الفلسطينية على شكل ثورة معاصرة باسم "منظمة التحرير الفلسطينية" وهي الممثل الشرعى والوحيد للشعب الفلسطيني".
هل ترى أن التقنيات الحديثة للوسائط الإلكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي ساهمت بشكل فعال في القضية الفلسطينية؟
بكل تأكيد ولها الأثر الكبير أمام التغول الإعلامي الغربي الذي يملكه رأس المال اليهودي في العالم فشبكات التواصل الاجتماعي ودور الشباب المستنير الذي استغل هذه الوسائط والوسائل لخدمة الحقيقة أولا وقبل كل شيء حين نفي الرواية الكاذبة الإسرائيلية التي تحدثت عن قتل الأطفال الإسرائيلية وقطع الأعناق والى آخره ليحشدوا هذه الحشود ويروجوا لروايات كاذبة ليرتكبوا كل هذا الكم من الجرائم والتدمير وهذه الإبادة الجماعية التي باتت تضاهي محرقة كما سميت في التاريخ في الحرب العالمية الثانية... فأنا أعتقد أن ما يحدث في قطاع غزة الآن إذا استمر فسوف يحاكي أكبر المحارق في العالم".
ما هو تقييم الإدارة الفلسطينية لرد الفعل العالمي تجاه الأحداث التي تدور الآن في قطاع غزة ؟
هناك صمت دولي غريب ومريب عن ما يحدث من مجازر بحق الشعب الفلسطيني ففي مناطق الضفة الغربية يتم هجوم الإسرائيليين على البيوت ويقتلون المواطن الفلسطيني في الطرقات رغم أن المقومات الفلسطينية كثيرة وصمود المواطن الفلسطيني يدفع ثمنه غاليا على مدار السنوات السابقة فإسرائيل تريد من هذه الحرب تهجير الوجود الفلسطيني وأعتقد أن هذا الأمر لن يحدث، الشعب الفلسطيني حسم خيراته منذ زمن بعيد ولن يغادر تراب وطنه.. وأبرز ما تعلمناه من تجاربنا السابقة أننا لن نكرر نكبات ونكسات وسوف نظل على أرضنا حتى لو أصبحت قبورا لنا لن نغادرها".
كيف ترى الإدارة الفلسطينية موقف الشعب المصري بشأن المقاطعة والتحركات عبر مواقع التواصل الاجتماعي لمجابهة العدوان الصهيوني ؟
نحن أكثر من يرى وأكثر من يدرك وأكثر من يلامس حقيقة الموقف المصري وتحديدا موقف الشعب المصري الذي كان تضامنه منقطع النظير أمام ما شاهدناه من محطات أخرى فهو لم يكتف بالحالة العاطفية والشعورية التي عبر عنها في أكثر من محطة بل ذهب لأكثر من ذلك، ذهب إلى مقاطعة حقيقية وجدية لمسناها؛ فأنا شخصيا لدى أطفال في مدارس مصرية حين وجدتهم يرفضون جلب وإحضار بعض المنتجات الى المنزل أدركت أن هناك تأثيرا ما من قبل الشعب المصري وإرادته التعليمية والثقافية ولعل كثير من التقارير تحدثت عن حجم الخسائر التي شهدتها بعض الشبكات الغذائية نتيجة هذه المقاطعة وهذا الموقف يحسب للشعب المصري كنموذج يجب أن يقدر ويحتذي به على هذا الصعيد".
وجهة نظر الفلسطينيين في التغطية الإعلامية لدول الغرب لأحداث العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة ؟
بكل تأكيد المشروع الصهيوني قام على كذبة كبيرة روجتها وسائل الإعلام وإدارات شبكات ثقافية وتربوية كبيرة لصناعة وطن لمن هم ليسوا أهلا له ولا يمتون بصلة لترابه ولا تاريخه ولا حضارته ولا ثقافته وهذا إسهام الإعلام الغربي منذ نشأة هذه الدولة وما زال مستمرا بحكم السيطرة المالية لليهود في العالم على تلك الشبكات التي استمرت مواردها في تضليل الرأى العام.... نعم روج الإعلام الغربي منذ اليوم الأول في هذه الواقعة صورا ليست حقيقية ومركبة ومستقاة من أجهزة استخباراتية إسرائيلية بحتة لكن في الأيام الأخيرة أعتقد أن هناك تحولا لما حدث في تكذيب هذه الروايات وضحد الشائعات وحتى نفور الرأى العام العالمي من تلك الشبكات لاكتشافها حجم الكذب والتهويل أمام ما ارتكب من فضائح ومجازر بحق الشعب الفلسطيني ونحن مطمئنون بأن البعد الإنساني ما زال حاضرا في الرأي العام العالمي وبات هذا الرأى العام ضاغطا حتى على من يحتضن هذا المشروع الصهيوني وبات الوقت ضاغطا لهم أيضا، وهذا كله بفعل التحول في الرأي العام العالمي الذي كشف حقائق وكذب دولة إسرائيل والذي يرعاها والشبكات الإعلامية التي تقف خلفها".
ماهي المطالب الفلسطينية المرجوة في الوقت الراهن؟
ليس هناك وقت أفضل من هذا الوقت بأن يخطوا العرب بموقف واحد حتى لو بحدوده الدنيا أمام هول ما يحدث والجرائم التي ترتكب وأمام ما تبين من خفايا تحاك وتدبر للشعب الفلسطيني، وأمتنا بالمناسبة ليست بمعزل عن هذه المؤامرات وأعتقد أنه آن الأوان لكي يكون موقفنا واضحا وصريحا وجادا في الدرجة الأولى لوقف هذه الحرب القاتلة والظالمة واللإنسانية ومن ثم وقف جاد وحقيقي في العودة لأصل المشكلة والبحث عن الأفق السياسي الذي من شأنه أن يخرج المنطقة برمتها من اللا استقرار وحالة النزاعات والحروب ويقودها إلى مكان آخر في التنمية وهذا الأمر يتطلب أن يكون هناك خطوات عملية في اتجاه أن يحصل الشعب الفلسطيني على حقوقه الثابتة والمشروعة التي أقرتها الشرعية الدولية وهي حقه في إدارة دولته وتقرير المصير وإقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشريف بالحد الأدنى، والدعم المالي الذي فيه حياة بعد هذا الدمار والتحطيم والتجويع للشعب الفلسطيني، ففلسطين كان لديها أزمة مالية قبل الحرب، وبعد الحرب بات الأمر أكثر من مجرد أزمة وبالتالي هذا الدعم من شأنه أن يعزز صمود الشعب الفلسطيني على أرضه وهو في الحقيقة إفشال المخططات التي دبرت لتهجير الشعب الفلسطيني، الأمر الذي رفضته القيادة المصرية والشعب المصري العزيز.. باختصار المطلب السياسي هو إنهاء حالة الاحتلال للأراضي الفلسطينية ومنح الشعب الفلسطيني حقوقه الوطنية المشروعة التي أقرتها الشرعية الدولية و حقه في تقرير المصير وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية كأساس لاستقرار المنطقة لتنعم كل شعوبها بالأمن والسلام".
نريد أن نعرف من خلال حضرتك الصورة من داخل غزة ما تحتاجه فلسطين الآن من إمدادات تفضيلاً ؟
أعتقد أن الحل الآن ليس في الإمدادات رغم إلحاحية هذا الأمر أمام الخسارة في المواد الطبية والعلاجية والخسارة في الطعام والمأكل والمياه التي بات سكان قطاع غزة يعيشون على المياه الملوثة بسبب فقدانهم لكل الموارد الطبيعية التي يمكن أن يحيى بها الإنسان، إنما وقف الحرب هو الأولوية حتى تتمكن هذه الإمدادات من حل ولو جزء يسير يضمن حياة البشر ويكفل علاجهم بعد هذه الجرائم التي ترتكب في حقهم وعن حجم الإمدادات التي تدخل الآن وتقدم فهي كبيرة، لكن ما يدخل لقطاع غزة لا يتعدى شيئا يسيرا وسطحيا لا يكفي لتغطية مجرد تأمين علاج للمواطن الفلسطيني الذي يقبع تحت القصف والعدوان المستمر في الأيام العادية وما قبل العدوان كان يدخل قطاع غزة أكثر من ٥٠٠ شاحنة من المواد الغذائية والمستلزمات الطبية وغير ذلك، وعلى مدار الأزمة كلها خلال شهر لم يدخل قطاع غزة سوى ٥٠٠ شاحنة وهذا مؤشر على أنه من لم يقتل بالطائرات أو القصف أو المدفعية سوف يموت جوعا وعطشا، وهذه جريمة عصر حقيقية يجب أن تتوقف بالدرجة الأولى".
هل هناك أرقام ومعلومات واضحة للتعداد السكاني لأهل غزة قبل القصف الصهيوني وحتى الآن ؟
أعتقد أن الشيء التقديري لتعداد أهل غزة قبل الأحداث الأخيرة كان يتعدى حوالي ٢ مليون نسمة تقريبا على مساحة ٣٤٠ كيلو متر مربع وفي التقديرات والبيانات الدولية هي أكثر مناطق العالم ازدحاما حيث يقطن حوالي ١٦ نسمة في المتر المربع الواحد، وأثر القصف الإسرائيلي والجرائم التي ترتكب على هذه البؤرة الجغرافية الأكثر ازدحاما في العالم طبقا لما هو موجود من معطيات على استشهاد أكثر من ١٠٥٠٠ شهيد بشكل مؤكد بينما يدور الحديث عن كم كبير من الشهداء الذين ما زالوا تحت الأنقاض ولم تتمكن الطواقم والوسائل المعدومة من إنقاذهم أو استخراج جثثهم نظرا للحرب والقصف، وتعدت أعداد الجرحى المصابين بجروح كبيرة تتعدى فترة علاجها الشهور حوالي ٥٠٠ ألف مصاب تقريبا في مقابل أعداد أكبر من الإصابات الاقل وطأ".