أمل إبراهيم تكتب: ما وراء الطلاق

أمل إبراهيم تكتب: ما وراء الطلاقأمل إبراهيم تكتب: ما وراء الطلاق

*سلايد رئيسى14-8-2018 | 14:19

ينزعج البعض ويستنكر الأخبار حول نسب الطلاق فى مصر وترتيبها بين دول العالم كإحدى الدول التى تشهد عدد كبير من حالات الطلاق.

والحقيقة أن الأمر يشبه ما يقوم به بعض الأزواج الذين تتسم علاقاتهم بالنفور الشديد ولكنهم يظهرون أمام الضيوف بمظهر المحبين الذين تسود علاقاتهم الود والتفاهم حرصا على المظهر الأجتماعى وكذلك يفعل البعض بإنزعاجه عند معرفة الأعداد ويتهم التقارير بعدم المصداقية رغم أننا جميعا نعرف أن المجتمع المصرى يشهد ظاهرة أنفصال وهدم للأسر غير مسبوقة.

وتزداد نسب الطلاق بين المتزوجين حديثا وفى سنوات الزواج الأولى ،، وكذلك يأتى أبغض الحلال فى فترات متأخرة من الزواج بعد أن ينهى الأولاد تعليمهم وتتزوج  البنات وكأنهم فى حالة أنتظار أن يخلو العش من الصغار حتى يسهل هدمه.

وبعيدا عن قصص الزواج والطلاق نشهد حالة من الترصد مشوبة بروح عدوانية بين كلا من الرجل والمرأة وكأنهما خصمان أو طرفين فى عداء شديد ،كلا منهما يلقى بالاتهامات على الأخر ويحمله مسؤولية انهيار البيت..إذا قلت نصيحة للنساء تكون الإجابة لماذا لا توجه حديثك للرجال والعكس صحيح !!

والسؤال ..لماذا لا يرغب الطرفان فى مناقشة أسباب المشكلة أو البحث الموضوعى لها أو يقف كل طرف مع نفسه ويفند الأسباب بدلا من كيل الأتهامات ؟

إذا ذكرت عبارة مثل " تراجع نسب الجمال لدى المرأة المصرية " سوف يأتى الرد أن  هذا الإتهام غير مقبول،  ولا تستطيع إمرأة تمريره وهنا يصبح الهجوم خير وسيلة للدفاع.

وبعيدا عن مقولة "  الجمال الحقيقى هو جمال الروح"  إلا أن العبارة السابقة فعلا تلمس أرض الواقع وبقوة ، لننظر حولنا جيدا ونراقب الشارع المصرى ،الجمال أصبح نادرا والعشوائية تضرب بقوة معايير الحسن التى تتمثل فى الأناقة والترتيب والنظافة ..نحن خليط من أزياء غير مرتبة وأحذية رياضية وطرق تجميل زائفة ومبالغ فيها أحيانا و تصل إلى حد التطابق  وعطور مقلدة  ، أما القاعدة القديمة  التى تقول أن المرأة ترتدى مايناسب شكل جسدها أختفت تماما والموضة تسرى على الجميع مع أختلاف الطول والوزن والعمر والمناسبة ..

كما ينطبق نفس الأمر على الرجال الذين لا يعنيهم الأهتمام بالمظهر والنظافة والرائحة الطيبة  بعد أن ساد المجتمع مبدأ " الراجل مايعيبوش إلا جيبه"  وأيضا " البنات زى الهم على القلب "  وبناء عليه نرى ما وصل إليه حال الرجل المصرى مؤخرا  من مناظر لا تسر عدو أو حبيب..

أما الحديث عن براعة المرأة المصرية فى النكد ..فالأمر إلى حد ما واقعى لأسباب كثيرة جدا  ..فلا يمكن مقارنة المرأة المصرية بغيرها فى أى دولة أخرى لأننا إنعكاس واقع يمثل تلال من الضغوط المرهقة وبالرغم من ذلك تتحملها المرأة والأم المصرية ،، تفاصيل الحياة صعبة ولا تسمح للمرأة أن يكون لها عالم منفصل ولو لحين أو فترات أستراحة تخلو فيها مع نفسها و تمارس هواياتها أو تلتقى بصديقاتها ،كما أن ثقافة" الويك إند" غير معروفة فى مجتمعنا والرجل المصرى لديه ثقافة الهروب من المسؤوليات وذلك ناجم عن أسباب كثيرة مهمة منها التربية والتنشئة التى تخلق منه شخصا لا يحب التبعات والمسؤوليات بجانب ضغوط العمل فى مصر ، أو حتى خارجها فى كل الأحوال هو يريد أن يعود للبيت للراحة ، فنحن لا نرى صورة الرجل الذى يقوم بغسل المواعين ويجلس مع الأطفال ويذاكر معهم ويقوم بشراء حاجيات السوق سوى فى الأفلام الأجنبية ،، النكد حالة من الأنفجار بنسب مختلفة تزيد أو تقل حسب كم الضغط الذى نعيش فى كنفه ..ناهيك عن ظروف المجتمع الأقتصادية التى تشكل محور الخلافات فى البيت المصرى.

أما عن مستوى الثقافة فالأمر هنا ينطبق على الطرفين الرجل والمرأة كلاهما فى حاجة إلى دفعة من الأهتمام والقراءة ومتابعة أحوال العالم ..نحن نتباهى غالبا بالشهادات التى نحصل عليها رغم أنها ليست معيار الثقافة ولا تدل عليها ،،، الثقافة تعنى أن تكون تكون المرأة  " شهرزاد الحكايات " متجددة الفكر ولديها ماتقول فى الوقت المناسب ،، قادرة على المناقشة فى أمور مختلفة حتى لو كان الأمر يتعلق بالمطبخ وطرق الطهى ..الثقافة هى القدرة على الوعى بأسباب المشاكل والبعد عن المظاهر الكاذبة التى تكون غالبا من أسباب الطلاق الجوهرية ..الثقافة تجعلك تستمع إلى أحاديث الآخرين ثم تأخذ منها ما يتماشى مع ظروفك ..الثقافة فى مجتمعنا لا يمكن أن تكون مجرد نصيحة للمرأة أو  الرجل  بل ضرورة لكلاهما.

أسباب الطلاق معقدة وكثيرة وأهم سبب من وجهة نظرى هو فقدان التناغم والحب بين الطرفين، البخل فى منح التقدير من كلا الطرفين، التعامل بندية ورغبة كل طرف أن يقف أمام الآخر لا إلى جانبه، الغيرة الناتجة عن الخيانة أو النجاح، عدم النظر إلى كل تجربة وتقييمها على حدة لأن كل زوجان لهما ظروف تختلف عن الآخرين، نقل مشاكل البيت وعرضها على الملأ، الأسباب لا يمكن حصرها ولكن يمكن أن تكون هناك عناوين عريضة تندرج تحتها أسباب مختلفة ،، والمشاكل لا تبدأ بالزواج كما يقولون بل تبدأ من لحظة الأختيار.

أضف تعليق

مَن صنع بُعبع الثانوية العامة ؟!

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
إعلان آراك 2