عاطف عبد الغنى يكتب: ماذا فعلنا فى أزمة باب المندب والبحرالأحمر؟

عاطف عبد الغنى يكتب: ماذا فعلنا فى أزمة باب المندب والبحرالأحمر؟عاطف عبد الغنى يكتب: ماذا فعلنا فى أزمة باب المندب والبحرالأحمر؟

*سلايد رئيسى17-8-2018 | 16:50

فى 17 أكتوبر 2015 نشرت مقالًا حمل عنوان (الذين يلمزون فى تسليح الجيش المصرى)، وأشرت فيه إلى السفهاء الذين كانوا يروجون، عن عمد فى أحاديثهم لسؤال استنكارى، فيقولون: لماذا تدفع مصر كل هذه الأموال لشراء الأسلحة، وهناك معاهدة سلام مع إسرائيل؟!

وأشرت فى المقال إلى قلق إسرائيل ومتاجرى الإخوان من تعزيز مصر لقدرات جيشها على مستوى المعدة والفرد المقاتل.

وفى هذا الوقت (قبل 3 سنوات) كنا نتشارك جميعًا الفرحة بدخول تلك الأسلحة المتطورة - مثل طائرات «الرفال» وحاملتى الطائرات الميسترال، وصواريخ «إس 300» وغيرها من الأسلحة - الخدمة.

وكان يصاحب ارتفاع العلم المصرى على سارية القطع البحرية الجديدة أو رسم العلم على أجنحة «الرفال» ارتفاع مواز فى مؤشر الثقة والاطمئنان لدى المصريين الذى أصبح لديهم درع وسيف يحميهم (كما كان يقول الرئيس الراحل السادات).

ويحدث هذا على الرغم من أن القيادة السياسية الممثلة فى الرئيس السيسى، تعبّر فى كثير من أحاديثها، بشكل صريح، أنها تكره الحرب، وتؤكد أن الحرب ليست نزهة كما يظن البعض، وهذا يجعلنا نطمئن إلى أن صاحب هذا الفكر المسئول، لن يجرنا إلى مغامرات غير محسوبة النتائج، أو العواقب تحت أى إغراءات مادية أو معنوية مثل البحث عن الزعامة إلى التضحية بمقدرات وأرواح شعب بذل منها فى السابق الكثير، فى حروب عطلت مسيرته، وكلفته الكثير.

(1)

وفى السنوات الأربع الأخيرة بدت مصر وكأنها تسعى إلى تحقيق معادلة شديدة الصعوبة، لاتفضل فيها اللجوء للحلول العسكرية، فى الوقت الذى تشتعل فيه دول من الإقليم، تشاركها الحدود، بالحروب والتوترات؟! لا تنجر للحرب، لكن فى ذات الوقت ترسل للجميع رسائل دائمة ومتجددة، أنها على أهبة الاستعداد للجوء لهذا الخيار إذا استدعى الأمر بالفعل.

وأن تشارك مصر بنصيبها فى حماية الأمن القومى العربى، مع الحفاظ على الأمن القومى المصرى، وبمعنى آخر التحرك على مسرح العمليات الإقليمية بحسابات دقيقة للغاية؟!

وما سبق يطرح سؤالا: ماذا تفعل مصر، لتحقق مصلحتها من خلال الاختيار بين بدائل تبدو متداخلة، أو متضاربة؟!

الإجابة عن السؤال السابق تلخصها تحركات مصر خلال الشهر الماضى فى أزمة منطقة البحر الأحمر وباب المندب.

(2)

.. القصة بدأت فى 8 مايو الماضى بإعلان الرئيس الأمريكى ترامب الانسحاب من الاتفاق النووى مع إيران وإعادة فرض عقوبات أكثر قسوة، عن تلك التى كانت مفروضة عليها قبل الاتفاق الذى وقعه سلفه أوباما و6 قوى عالمية فى عام 2016..

لقد نفذ ترامب وعودا كان قد قطعها على نفسه، قبل أن يصل إلى البيت الأبيض، وفعل هذا إرضاء لحلفائه فى تل أبيب، واللوبى اليهودى فى الولايات المتحدة، وعلى الجانب الآخر، بدا فى الأفق أن إيران تعيد حساباتها وتجهز ردا مناسبا، وبدأت معركتها بالتصعيد الإعلامى وإطلاق التهديدات، ومنها أنها سوف تستأنف برنامجها النووى الذى كانت قد أوقفته بعد المعاهدة الملغية، ومنها أيضًا أنها قد تضطر إلى غلق مضيق هرمز، إذا اقتضى الأمر، وعند التهديد الأخير دخلت المملكة السعودية على الخط، وبدأت تُبادل النظام الإيرانى تهديدًا بتهديد، وعبر قنوات غير رسمية ردت على إيران مسخفة، ومقللة من تصريحات قاداتها وملاليها، ووصف المفكرون، والمحللون السعوديون، تصريحات الإيرانيين بأنها للاستهلاك، وأن إيران لا تستطيع أن تنفذ تهديداتها، لكنها سوف تلجأ إلى استخدام وكلائها الذين زرعتهم فى وسط العرب للرد بدلا عنها، وبالفعل لم يمر كثير حتى لجأت إيران إلى تحريك «بيدق» من «بيادقها» الشيعية لينفذ عملية نوعية ضد المملكة السعودية، وفى 25 يوليو الماضى، هاجمت فيها ميليشيات الحوثى ناقلة بترول سعودية عملاقة أثناء مرورها فى البحر الأحمر غربى ميناء الحديدة اليمنى كانت محملة بخام البترول ومتجهة إلى مصر.

(3)

وعلى أثر هجوم الحوثيين على السفينة السعودية «أرسان»، وعلى الرغم من أن الهجوم لم يسفر عن ضرر بحمولة السفينة إلا أن السلطات السعودية اتخذت قرارًا سريعًا يقضى بتعليق تسيير ناقلات النفط عبر البحر الأحمر، وقرار مثل هذا له تأثير بالغ ليس فقط على أوضاع الملاحة، والتجارة العالمية، وأسعار النفط، لكن - وهذا هو الأهم - له تأثير كبير على مصر، وبالتحديد على قناة السويس، والتأثير ليس فقط تراجع حركة مرور السفن التجارية عبر البحر الأحمر وصولًا إلى قناة السويس، ولكن أيضا على مستقبل هذه المنطقة «إقليم القناة» موضع طموح وإحدى ركائز مستقبل مصر، وهنا كان على القيادة المصرية أن تتحرك سريعًا لتعلن أنها قادرة على حماية مصالح مصر ليس فقط فى قناة السويس، ولكن أيضا فى المياه الدولية.

(4)

وعلى الفور نسقت مصر مع حلفائها العرب، أصحاب المصلحة، المملكة السعودية والإمارات، وانضمت للدول الثلاث الولايات المتحدة الأمريكية، وتم تنظيم تظاهرة عسكرية مشتركة بين الدول الأربع، من خلال مشروع تدريبى حمل عنوان: (تحية النسر – استجابة النسر 2018)، واستمر لعدة أيام فى البحر الأحمر، جابت فيه قطع بحرية كبيرة وصغيرة، مياه البحر الأحمر، يغطيها سلاح الجو، معلنة حضورها، واستعدادها للتعامل ضد أية تهديدات، وتنفيذ جميع المهام الأخرى التى يمكن أن تواجهها مصالح هذه الدول، وهذه المهام تبدأ بمكافحة الإرهاب، والسيطرة على مناطق واسعة من البحر، وإلى خوض الحروب النظامية.

وفيما كانت القوات المسلحة المصرية تشارك شقيقتها ونظيرتها السعودية، المهام القتالية، فى البحر والجو، كانت القيادة السياسية فى البلدين تتفق على تعليق قرار عدم مرور السفن السعودية من باب المندب، وعدم وقف تصدير النفط السعودى عبر موانئ المملكة المطلة على البحر الأحمر، وهكذا تعاملت مصر مع أزمة استراتيجية، ناتجة عن فاتورة الفوضى فى المنطقة، وصراع ليس لها دخل مباشر فيه الآن على الأقل.

وكانت زيارة الرئيس اليمنى عبد ربه منصور هادى لمصر خلال الأسبوع الماضى للتنسيق والتشاور والمساندة فى أزمة اليمن والحفاظ على الأمن القومى المصرى.

والكلام يعيدنا إلى بداية المقال، وإلى القول:  لولا أن مصر تملك من القدرة والقوة ما تستطيع أن تحمى به مقدراتها، وتردع عدوها، ما تجاوزت هذا المأزق بهذه السرعة.

أضف تعليق

رسائل الرئيس للمصريين

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
تسوق مع جوميا

الاكثر قراءة

إعلان آراك 2