بعد غياب 7 سنوات.. سر عودة كاميرون المفاجئة !

بعد غياب 7 سنوات.. سر عودة كاميرون المفاجئة !ديفيد كاميرون

عرب وعالم27-11-2023 | 10:48

بعد غياب 7 سنوات عن الساحة السياسية، شكلت عودة رئيس الوزراء البريطانى الأسبق ديفيد كاميرون إلى الساحة السياسية مفاجأة كبيرة للكثيرين عقب تعيينه وزيرًا للخارجية البريطانية خلال التعديل الوزارى الذى أجراه رئيس الحكومة ريشي سوناك مؤخرًا.

كاميرون الذى غاب عن الحياة السياسية منذ استقالته من منصبه عام 2016، بعد صدور نتائج استفتاء خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى، إذ كان من مؤيدى البقاء ضمن الاتحاد، تفرغ عقب استقالته لكتابة مذكراته، والانخراط فى الأعمال التجارية، ومشاهدة واقع الخروج من الاتحاد الأوروبى وهو يتبلور على الأرض.

ولكن بشكل مفاجئ، قرر سوناك إعادة كاميرون ليصبح كبير الدبلوماسيين فى المملكة المتحدة، وهو ما أثار عدة تساؤلات طرحتها وسائل إعلام عالمية حول أسباب استدعاء حزب المحافظين لأحد أبرز وجوه حرسه القديم إلى الساحة مجددًا، بالإضافة إلى أسباب قبول كاميرون العودة للحكومة فى هذا التوقيت.

مجلة «ذى أتلانتك» الأمريكية، ذكرت فى تقرير لها، أنه يمكن النظر إلى هذا التغيير الوزارى على أنه رغبة من سوناك فى وجود سياسة عقلانية تحظى بالاحترام لجذب الناخبين الذين ابتعدوا عن الحزب، وذلك بالنظر إلى موهبة كاميرون بوصفه رجل دولة ومتحدثًا أمام الناس، ولكن يُمكن النظر إليها أيضا بوصفها دليلًا على أن الحزب المحافظ حين يكون فى مأزق، يستدعى رجلًا من الطبقات الراقية.

وأشارت المجلة الأمريكية، إلى أن حزب المحافظين يعانى ورطة كبيرة، فهو فى السلطة منذ عام 2010، وغيَّر طيلة تلك الفترة خمسة رؤساء وزراء، منهم واحد لم يمكث أكثر من 49 يومًا، ومنهم تريزا ماى التى استقالت بعد خسارة الانتخابات المحلية، أما البقية فلاحقتهم الفصول الدرامية، فقد استقال كاميرون بعد معركة الخروج من الاتحاد الأوروبى التى وجَّه فيها أقصى يمين الحزب ضربة قاصمة له، فى حين خرج بوريس جونسون وليز تراس من السلطة بعد أن قررت حكومة كل منهما أنه أصبح عبئًا، مضيفة أن المحافظين حاليًا متأخرون فى الاستطلاعات أمام حزب العمال منذ بداية العام، وقد صار جميع أعضاء البرلمان المحافظين يُقرُون بأنهم يتوقَعون خسارة الانتخابات المقبلة، لذا فإن عودة كاميرون واللجوء إلى الاتجاه المحافظ المعتدل- من وجهة نظر المجلة- تُظهر أن المحافظين يعتقدون بأنهم خسروا الناخب المحافظ اجتماعيًا فى بلدات الشمال الإنجليزى، بعد أن حازوا ثقته فى الانتخابات الماضية، وأنهم يحاولون تعزيز قاعدتهم التقليدية فى المحافظات الأكثر ثراء وليبرالية حول العاصمة لندن، ولكن حتى إن نجحوا فى أن ينجوا بهزيمة معقولة بدلا من تلقى ضربة قاصمة، فإن الانتخابات القادمة ستفتح الباب لانقلاب جيلى على غرار ما شهدناه فى السياسة البريطانية حين فازت مارجريت تاتشر عام 1979 وتونى بلير عام 1997، وانتقلت الحكومة حينها إلى جيل جديد.

وبعيدًا عن أسباب العودة، تظل هناك تساؤلات أخرى عن طبيعة العلاقة بين كاميرون وسوناك، خاصة أنه قبل شهر واحد من تولى كاميرون منصبه انتقد قرارات سوناك الكبرى، فى حين قال سوناك إنه «يُغير ثلاثين عاما من عُمر النظام السياسى الذى يكافئ القرارات السهلة لا الصائبة»، لذا سيكون كاميرون مضطرًا الآن إلى التظاهر بأن سوناك يتخذ القرارات الصائبة، فى حين سيفقد سوناك القدرة على الابتعاد عما يعتبرها إخفاقات كاميرون.

وشدد تقرير المجلة الأمريكية على أن الاختلافات السياسية بين الرجلين ستؤثر مباشرة على عمل كاميرون فى ملف الخارجية، ففى أثناء رئاسته للوزراء، احتفى كاميرون بالعصر الذهبى للتعاون مع الشركات الصينية، وهو عصر انتهى الآن إلى حد كبير، كما أنه سيكون غريبًا أن يُشرف كاميرون على علاقة بريطانيا مع أوروبا بعد الخروج من الاتحاد، وهو نفسه الرجل الذى اعتقد سابقًا بأن بلاده يجب أن تبقى فى الاتحاد الأوروبى.

هناك قضية أخرى ركزت عليها العديد من الصحف تتعلق بموقف كاميرون تجاه العدوان الإسرائيلى على غزة، إذ تأتى عودته فى وقت بالغ الحساسية على الصعيد السياسى عالميًا، وتعد بريطانيا من أكبر داعمى إسرائيل منذ بدأت الحرب فى 7 أكتوبر، وفى هذا السياق، ذكرت «بى بى سى» فى تقرير أنه من غير المرجح أن ينحرف كاميرون كثيراً عن السابقة التى أرساها سلفه كليفرلى، ففى داخل المؤسسة السياسية البريطانية فى الوقت الحاضر، هناك إجماع قوى بين الأحزاب على دعم إسرائيل من دون قيد أو شرط. ولم يدع المحافظون بزعامة سوناك ولا حزب العمال المعارض إلى وقف إطلاق النار، لذلك فمن غير المرجح أن تكون لتعليقات كاميرون السابقة بشأن فلسطين وإسرائيل أهمية كبيرة بالنسبة للوضع الحالى.

وتناولت «بى بى سى» بعضًا من هذه التعليقات، فذكرت أنه فى 31 مايو من عام 2010، هاجمت إسرائيل أسطولاً من القوارب التى كانت تحاول كسر حصارها لغزة وتقديم إمدادات المساعدات، حيث قتلت القوات الإسرائيلية 10 مواطنين أتراك على متن السفينة الرئيسية «مافى مرمرة»، وأكد كاميرون حينها التزام المملكة المتحدة القوى بأمن إسرائيل، لكنه حث تل أبيب على الرد بشكل بناء على الانتقادات «المشروعة» لأفعالها، واصفًا الوضع بأنه «غير مقبول». وبينما ألقى باللوم على حماس فى الحصار، ضاعف انتقاداته لإسرائيل فى يوليو من ذلك العام خلال زيارة إلى تركيا، حيث قال إن تصرفات إسرائيل «غير مقبولة على الإطلاق» وقارن الظروف فى غزة بمعسكر اعتقال.

فى الأشهر والسنوات التى تلت ذلك، تراجعت انتقادات كاميرون لإسرائيل، حتى أنه تراجع عن بعض تعليقاته السابقة، ولكن فى صيف عام 2014، عندما شنت إسرائيل حملة قصف واسعة النطاق وغزوًا بريًا محدودًا على غزة، حينها، أعرب كاميرون عن «قلقه البالغ» إزاء الخسائر فى صفوف المدنيين التى تسببها إسرائيل أثناء دفاعه عن ما وصفه «حقها فى الدفاع عن النفس»، ثم اتخذ فيما بعد موقفاً أكثر صرامة بسبب ضغوط من حزب العمال المعارض، وبعد عدد من الغارات الجوية الإسرائيلية على مبانى الأمم المتحدة، قال كاميرون إن الهجمات الإسرائيلية على المدنيين «خاطئة وغير قانونية»، ووعدت الحكومة البريطانية فى ذلك الوقت أيضًا بمنع صادرات أسلحة معينة إلى إسرائيل، إذ اعتبرت أنه من المحتمل أن تلعب دورًا فى القصف.

أضف تعليق

رسائل الرئيس للمصريين

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
تسوق مع جوميا

الاكثر قراءة

إعلان آراك 2