المخاطر الإقليمية تستنهض الوعى العام بالمشاركة الشعبية فى الانتخابات الرئاسية

المخاطر الإقليمية تستنهض الوعى العام بالمشاركة الشعبية فى الانتخابات الرئاسيةالدكتور محمد خفاجى

حوارات وتحقيقات27-11-2023 | 11:52

إن منطقة الشرق الأوسط تمر بظروف إقليمية ودولية بالغة التعقيد، حيث يشهد عالم اليوم مخاطر محتملة وتحولات سياسية وثقافية واستراتيجية كبيرة على وشك الانتقال من مرحلة النظام الأحادى إلى نظام متعدد الأقطاب، ويأتى الاستحقاق الدستورى المصرى بإجراء الانتخابات الرئاسية وسط زخم هذه الأحداث، وما يهم المواطن المصرى هو أن يأتى رئيس قوى قادرًا على مواجهة التحديات للحفاظ على قوة مصر فى ظل ملفات دولية وإقليمية غير طبيعية ومعقدة مما يستلزم استنهاض الوعى العام ب المشاركة الشعبية فى الانتخابات الرئاسية، وقد أجرى القاضى الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى، نائب رئيس مجلس الدولة المعروف بدراساته القومية والوطنية، دراسة قيمة بعنوان: "ضمانة المشاركة الشعبية فى الانتخابات الرئاسية الطريق الآمن لاستقرار الوطن وتنميته، دراسة تحليلية فى ضوء العالم السياسى الجديد ودور قوى السيادة الاجتماعية فى حوار الجماهير"، نعرض فى الجزء الأول لأهم ما تضمنته فيما يلى:

أولاً: المخاطر الإقليمية تستنهض الوعى بالمشاركة فى الانتخابات الرئاسية لاستكمال الاستحقاق الدستورى

يقول الدكتور محمد خفاجى إن ما تشهده المنطقة من أطماع بعض القوى الكبرى الراغبة فى السيطرة على منطقة الشرق الأوسط من خلال السيطرة على الدولة الأم مصر التى تتمتع باستقلالية القرار، خاصة فى ظل عالم سياسى جديد يقوم على قوة النظام الحاكم الذى يكفل احترام إرادة الشعوب مما يستنهض الوعى بالمشاركة فى الانتخابات الرئاسية لاستكمال الاستحقاق الدستورى.

فضلاً عن استخدام المارقين عن صفوف الوطنية أبواقاً للتلاعب بمشاعر بعض المواطنين لتعبئتهم ضد كيان الدولة ودعوتهم البغيضة إلى المقاطعة، مما يقتضى من الجميع بذل غاية الجهد بغية دمج العناصر البشرية المكونة للشعب المصرى وانصهارهم فى بوتقة واحدة للمساهمة فى الحفاظ الأمن القومى الذى أضحى بموجب المادة 86 من الدستور السارى واجبا دستوريا، والتزام الكافة بمراعاته مسئولية وطنية.

ويضيف أنه يتعاظم هذا الدور الوطنى حينما يتعرض الوطن لمحن وشدائد لردع الطامعين فى ثرواتها أو الساعين إلى وقف إنجازاتها وتنميتها وإذلالها، أو الراغبين فى زعزعة الاستقرار فيها لأهداف لا تمت بصالح البلاد بصلة وانتزاعها من دورها القيادى الذى تميزت به، وهو فرض عين علينا جميعاً أن نتجه صوب إيجاد السبيل الواقى لحماية هذه الأمة ومكانتها بالفكر والحوار مع الجماهير والبحث والجهد والعرق، لأن صندوق الاقتراع هو الحارس الواقى للوطن من أى صراع.

ثانيًا: المشاركة الشعبية ترتبط ارتباطاً وثيقاً لا يقبل التجزئة بتوفير الأمن والأمان

ويذكر أنه لما كانت المشاركة الشعبية فى الانتخابات عامة والرئاسية خاصة واجب وطنى لاتصالها بمبدأ سيادة الشعب وهو ما لا يتوفر إلا حيث يتوافر الأمن والأمان، فأضحت المشاركة الشعبية ترتبط ارتباطاً وثيقاً لا يقبل التجزئة بتوفير الأمن، فهما صنوان لا يفترقان، وكما جاء بوثيقة الدستور السارى بأن لكل مواطن الحق فى العيش على أرض هذا الوطن فى أمن وأمان، وأن لكل مواطن حقاً فى يومه وفى غده، بل ارتقى المشرع الدستورى فى المادة 59 منه بالحياة الآمنة للمواطنين وجعلها حقاً لكل إنسان، وألزم الدولة بتوفير الأمن والطمأنينة لمواطنيها ولكل مقيم على أراضيها، وبهذه المثابة فإن تلك المشاركة تمثل حجر الزاوية فى البناء الديمقراطى الذى يأمله شعب مصر بحضارته التليدة وموروث ثقافته الاجتماعية والسياسية الفريدة، جعلت منها فى ثورات العرب وحروبهم وانتصاراتهم الدولة القائدة وفى ميدان السلام والتعاون العربى بين دول العالم الدولة الرائدة.

وترتيباً على ذلك، فإن تعبير شعبها فى الانتخابات الرئاسية الوسيلة الأهم الكاشفة عن إرادة الشعب فى اختيار من يمثله، بحسبان أنه بعد ثورتين للشعب المصرى عامى 2011 و 2013 فى عمر وجيز فى سجل التاريخ يقتضى من هذا الشعب الذكى الذى أبهر العالم أن يدرك الأخطار فيتجنبها ويسلك السلامة للوطن بالمشاركة فى تلك الانتخابات لبناء المجتمع سياسياً واجتماعيا واقتصادياً مما يستدعى وجوده باعتباره عنصراً فاعلاً من أدوت التنمية التى غدت من أخص حقوق الإنسان فى العصر الحديث.

ثالثاً: حق الناخب المصرى فى التصويت حق مطلق لا يقيده إلا ضميره اليقظ الحامى للوطن لاستكمال مسيرة البناء والتنمية ولو فرض القانون عقوبة مالية لمن يتخلف عن اَدائه

ويؤكد أنه بصدد الصوت الانتخابى فإن حق الناخب المصرى فى التصويت حق مطلق لا يقيده إلا ضميره اليقظ الحامى للوطن حتى ولو فرض القانون عقوبة مالية لمن يتخلف عن أدائه، والأمر يقتضى حواراً جماهيرياً لاستنهاض همة المواطنين وعافيتهم فى أداء دورهم المنشود فى المشاركة الشعبية فى الانتخابات الرئاسية والأخذ بيدهم إلى الطريق الصحيح، وتحقيق أهدافهم المرجوة فى الاستقرار والأمان، وتحقيقاً لأقصى درجات الشفافية والنزاهة فى الانتخابات وإعلاءً لسيادة القانون فتؤتى الديمقراطية الشعبية ثمارها من أبوابها الواسعة ويتحقق الانتماء والرضا الوطنى العام، فضلاً عن إعلاء سمعة المصريين فى مختلف دول العالم فى زمن انتشرت فيه المحطات الفضائية والأقمار السماوية على كامل الكرة الأرضية شمالها وجنوبها وشرقها وغربها، وذلك لاستكمال مسيرة البناء والتنمية التى بات أمرها مستقراً فى ضمير الأمة المصرية.

رابعًا: الإقدام يحقق الاستقرار والإحجام يجلب الفوضى ومصر قادرة بأبنائها بعبور الطريق الصعب واجتياز المنحنى الخطر

يقول الدكتور خفاجى: يطلق على الأشخاص الذين لهم حق الانتخاب فى الدولة اسم هيئة الناخبين Le Corps électoral وهى الأساس الشرعى الذى تتفرع منه العناصر والسلطات الدستورية وهى كذلك الدعامة التى يقوم عليها النظام الدستورى فى البلاد التى يسودها النظام الانتخابى، وتقوم هيئة الناخبين على أساس مبدأ فردية الانتخاب وهو من المبادئ التى تمخضت عنها الثورة الفرنسية، فأعلى المواطنين مقاماً له صوت واحد يعادل فى القوة صوت أقل الناخبين مركزاً، وحق الانتخاب أو بعبارة أدق حق التصويت الانتخابى droit de suffrage politique ليس حقاً ذاتياً droit individuel ليس مجرد صفة ضرورية للشخصية الاَدمية بل يعتبر وظيفة أنشأها الدستور ورتبها القانون يستعملها الشخص للدفاع عن حقوقه فى حدود صالح الشعب وهى محاطة بسياج من الضمانات لتحقيق المصالح المشتركة.

ويذكر لضمان أن تكون الإرادة الشعبية معبرة تعبيراً صادقاً عن إسهامها فى الحياة العامة ولم يقف الدستور عند مجرد النص على حق كل مواطن فى مباشرته تلك الحقوق السياسية، إنما جاوز ذلك إلى اعتبار مساهمته فى الحياة العامة واجباً وطنياً يتعين القيام به فى أكثر المجالات أهمية لاتصالها بالسيادة الشعبية التى تعتبر قواماً لكل تنظيم يرتكز على إرادة المواطنين. إن الإقدام يحقق الاستقرار والإحجام يجلب الفوضى ومصر قادرة بأبنائها بعبور الطريق الصعب واجتياز المنحنى الخطر

خامسًا: الالتفاف الوطنى والإرادة الشعبية السبيل الوحيد لمواجهة التحديات الإقليمية والإرهاب وقوى الشر التى تريد الخراب والفوضى لمصر الكنانة

ويضيف الدكتور خفاجى أن الالتفاف الوطنى والإرادة الشعبية السبيل الوحيد لمواجهة التحديات الإقليمية والإرهاب وقوى الشر التى تريد الخراب والفوضى لمصر الكنانة، فإذا كان الأصل فى حق المواطن فى المشاركة الشعبية للتصويت أنه حق تقديرى مطلق، لا يقيده إلا ضميره اليقظ الحامى للوطن حتى ولو فرض القانون عقوبة مالية لمن يتخلف عن أدائه، ولا يجوز اقتحامه أو تخطيه، ويتمثل جوهر حق المواطنين فى المفاضلة بين بدائل متعددة بين الإقدام على المشاركة وتحقيق الاستقرار الآمن أو الإحجام عن المشاركة وإعطاء فرصة لإحلال الفوضى محل القانون.

ويشير إلى أن هذه البدائل تتزاحم فيما بينها وفق تقديره لدفعه فى أداء هذا الواجب وممارسة هذا الحق، فلا يختار الشعب من بينها إلا ما يكون منها عنده مناسباً أكثر من غيره لتحقيق الأغراض التى يتوخاها، أو ما يراه أكفل لتحقيق المصالح المشروعة لوطنه وأمن بلاده، وذلك من منطلق أن الحيدة والنزاهة وفقاً للأصل العام صفة يتمتع بها كل مواطن ما لم يثبت العكس، فنحن أمام واجبين دستوريين أولهما مشاركة المواطن فى الحياة العامة، وثانيهما الحفاظ على الأمن القومى.

سادسًا: المشاركة الانتخابية توحد الفكر الجماعى لأبناء الأمة نحو وحدة الهدف والمصير المشترك

ويذكر أن كل مواطن له نصيب فى الشأن السياسي، وأن المواطن يجب أن يشارك سياسياً بمعنى أن يلعب دورًا فى الحياة السياسية، لأن المشاركة السياسية عمل إيجابى وهى الأساس الذى تقوم عليه الديمقراطية، بل إن نمو وتطور الديمقراطية يتوقف على إتاحة فرص المشاركة السياسية وجعلها حقوقاً يتمتع بها كل إنسان فى المجتمع، وهذه المشاركة تنمى فى الأفراد الشعور بالمسئولية وروح المبادرة والاعتماد على الذات والولاء للمجتمع والرغبة فى تحويل الأهداف التى يريدون بلوغها إلى واقع ملموس. إن المشاركة الشعبية توحد الفكر الجماعى للجماهير، حيث تساهم فى بلورة فكر واحد نحو الإحساس بوحدة الهدف والمصير المشترك والرغبة فى بذل الجهود لمساندة الدولة والتخفيف عنها.

أضف تعليق